الحوثيون والسعودية يتبادلون العشرات من أسرى الحرب اليمنية

15 أبريل 2023آخر تحديث :
Yemeni Huthi rebel prisoners stand on a red carpet during a welcome ceremony upon their arrival at Sanaa airport on April 14, 2023. An exchange of nearly 900 prisoners between the two sides of the nine-year-old civil war started on April 14, the biggest swap since 2020, after a delegation from Saudi Arabia held talks with the Iran-backed Huthi rebels in an attempt to end hostilities. (Photo by Mohammed HUWAIS / AFP)

غادرت طائرة تقل أسرى من الحوثيين السعودية، اليوم السبت، متجهة إلى صنعاء التي يسيطر عليها المتمردون، على أن تستقبل المملكة بعد ذلك طائرة تقلّ سجناء سعوديين، في ثاني أيام عملية واسعة لتبادل أسرى في إطار النزاع اليمني.


وتجرى العملية التي بدأت الجمعة وتستمر حتى الأحد، في خضم جهود دبلوماسية واسعة عزّزت الآمال في إنهاء النزاع اليمني بين الحكومة التي يدعمها تحالف عسكري بقيادة السعودية والحوثيين المقرّبين من إيران.


وقالت مستشارة الإعلام لدى اللجنة الدولية للصليب الأحمر جيسيكا موسان لوكالة فرانس برس “أقلعت أول طائرة من أبها (جنوب السعودية) إلى صنعاء وعلى متنها 120 محتجزا سابقا”.


وهذه الرحلة الأولى من بين ثلاث رحلات مقررة السبت بين السعودية واليمن، إذ ستحمل الرحلة الثانية 16 سجينا سعوديا وثلاثة أسرى سودانيين من صنعاء إلى الرياض، بحسب الحكومة اليمنية، فيما ستنقل آخر الرحلات 117 سجينا حوثيا من أبها إلى العاصمة اليمنية.


بدأ النزاع اليمني في 2014 عندما سيطر الحوثيون المدعومون من إيران على مناطق عدة في البلاد بينها العاصمة صنعاء. وفي العام التالي، تدخّلت السعودية على رأس تحالف عسكري ما فاقم النزاع الذي خلّف مئات الآلاف من القتلى وتسبّب بواحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم.


وكان الحوثيون والحكومة توصّلوا خلال مفاوضات عقدت في برن الشهر الماضي إلى اتّفاق على تبادل أكثر من 880 أسيراً. وبموجب الاتفاق، يُفرج الحوثيون عن 181 أسيرًا، بينهم سعوديون وسودانيون، في مقابل 706 معتقلين لدى القوات الحكومية.


وفي أول أيام التبادل الجمعة، نُقل 318 سجينًا في أربع رحلات جوية بين عدن في الجنوب وهي مقر الحكومة، والعاصمة، بواسطة اللجنة الدولية للصليب الأحمر.


ومن بين هؤلاء وزير الدفاع السابق اللواء الركن محمود الصبيحي واللواء الركن ناصر منصور هادي، شقيق الرئيس السابق عبد ربه منصور هادي، الذي توجه في وقت لاحق إلى الرياض حيث يقيم شقيقه.


وقبل إقلاع رحلة السبت، نقل السجناء في ثلاث حافلات على الأقل إلى مدرج مطار أبها الذي تعرّض في السابق لهجمات من قبل الحوثيين بطائرات مسيّرة، ووضعت كراس متحركة بالقرب من الحافلات قبل بدء نقل السجناء إلى الطائرة، بحسب مصور وكالة فرانس برس.


وإضافة إلى الرحلات بين السعودية واليمن، ستسيّر اللجنة الدولية للصليب الأحمر السبت ثلاث رحلات أخرى بين المخا (غرب اليمن) الخاضعة لسيطرة القوات الحكومية وصنعاء لنقل 100 سجين من الحوثيين.


في صنعاء، فرش السجاد الأحمر على أرض المدرج بانتظار استقبال الأسرى الحوثيين، فيما وقف عشرات العناصر الذين ارتدوا سترات فوسفورية على جانبي صف طويل قرب عناصر مسلحة على أن يمر بينهم في وقت لاحق الأسرى السعوديون والسودانيون في طريقهم إلى الطائرة.


ويقول محللون إنه بعد ثماني سنوات من عمليات التحالف لإسقاط الحوثيين، أدرك السعوديون أن هذا الهدف لن يتحقق وباتوا يتطلعون إلى إنهاء انخراطهم العسكري في اليمن.


وأصبح ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الذي كان يبلغ من العمر 29 عامًا عندما كان وزيراً للدفاع وأطلق التحالف العسكري، الحاكم الفعلي للمملكة في 2017، وهو منذ ذلك الحين حريص على حماية أجندة الإصلاح الداخلية “رؤية السعودية 2030”.


وتلقت استراتيجية الخروج السعودية الشهر الماضي دعما جراء الاتفاق بوساطة صينية على استئناف العلاقات الدبلوماسية مع إيران، ما قد يعني إعادة تشكيل المشهد السياسي للشرق الاوسط نظرا لانخراط الدولتين في نزاعات المنطقة وبينها اليمن.


كذلك، تضغط السعودية من أجل عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية بعد أكثر من عقد من تعليق عضويتها على خلفية قمع النظام للحركات الاحتجاجية. وقد استضافت الجمعة وزراء ودبلوماسيين من دول الخليج وثلاثة بلدان عربية في جدة لإجراء محادثات حول سوريا، ثم أصدرت بيانًا سلط الضوء على “أهمية وجود دور قيادي عربي” لإنهاء الازمة.


في اليمن، زار وفد سعودي صنعاء الأحد الماضي لإجراء محادثات تمحورت على إحياء الهدنة وإرساء الأسس لوقف إطلاق نار أكثر استدامة. وغادر الوفد برئاسة السفير محمد الجابر مساء الخميس باتفاق على إجراء مزيد من المحادثات، وفقا لمصادر الحوثيين والحكومة اليمنية.


وقال مسؤول حوثي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته إنه كان هناك “اتفاق مبدئي على هدنة” قد يجري الإعلان عنها لاحقا، فيما وصف كبير مفاوضي الحوثيين محمد عبد السلام المحادثات بأنها “جادة وإيجابية”.


ويُعتقد بأن الرياض طلبت ضمانات أمنية من الإيرانيين، بما في ذلك وقف هجمات الحوثيين بالطائرات المسيرة والصواريخ على الأراضي السعودية.


ومع ذلك، حتى لو تمكّنت المملكة من التفاوض على مخرج من الحرب، فقد يندلع القتال مرة أخرى بين الفصائل اليمنية المختلفة داخل اليمن.


وقالت مديرة برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في معهد تشاتام هاوس سانام وكيل لوكالة فرانس برس “تكافح السعودية لتقليص مشاركتها العسكرية في اليمن (…) وتسعى إلى سلام دائم طويل الأمد يسمح لها بالتركيز على أولوياتها الاقتصادية”.


وأضافت “لكن على الرغم من هدفها هذا، فإنها ستكون الوسيط والمستثمر والضامن للصراع في اليمن لفترة طويلة”.