الاجتماع الطارئ والسريع الذي نظمته رئاسة مجلس النواب الأردني صباح الأحد، كان بحد ذاته “رسالة سيادية” لأعضاء البرلمان قبل غيرهم، حيث إن أي تلكؤ من النواب بالتصويت وبسرعة على “رفع الحصانة” عن النائب عماد العدوان، كان سيعني على الأرجح “حل البرلمان” وبقاء زميلهم “السابق الآن” خلف القضبان الإسرائيلية. بوضوح، اختار النواب السيناريو المطلوب. وبرزت بالتالي “أسرع جلسة” لرفع الحصانة عن عضو بالمجلس شهدها المجلس الحالي. وخلال دقائق، كان رفع الحصانة ثم المحاكمة لدى “أمن الدولة” هو الثمن الطبيعي لحرية العدوان والإفراج عنه. وتم وضع العدوان نفسه بصورة “التفاهمات” التي أدت للإفراج عنه صباح اليوم، وتقبّل مع بعض أركان قبيلته “المصير المحتوم” وهو تحقيق “مستقل وسريع” أيضا بتهمة تهريب ممنوعات عبر حدود المملكة، ولاحقا “إدانة مرجحة”. وثمة من يتصور أن الإسراع برفع الحصانة عن العدوان تمهيد لمحاكمة فعالة وسريعة ونشطة، تساهم في احتواء “عويل اليمين الإسرائيلي” وتجعل ملف العدوان لاحقا، قابلا للقياس والترقب في حال صدور “عفو عام” يتوقعه بعض النواب. لكن الصفقة التي أدت للإفراج عن النائب الذي تحول إلى “نجم في بلاده” تضمنت تفاهمات واضحة الملامح سبق أن توقعتها “القدس العربي” في تقرير سابق لها، مع أن العدوان نفسه وفي آخر يومين قبل الإفراج عنه، كان يبلّغ زواره الرسميين ومحاميه بأنه “نادم، وحالته النفسية متردية جدا، وتم التغرير به، وسيتقبل كلفة ما فعله”. تلك الصفقة ساندها الأمريكيون عن بعد، ودخلوا بقوة على خط الاشتباك في مسألة النائب الأسير لدى إسرائيل، لضمان أن لا يستغل الائتلاف الحاكم القضية ضد الأردن، وإن كان منسوب الإحراج الذي تسببت به القضية عموما قد رفع من كلفتها على “الأطراف أو الجهات المقصرة” في البيروقراطية الأردنية، حيث مراجعة شاملة وعميقة جرت وتجري الآن. استنادا إلى مصدر دبلوماسي غربي مطلع جدا، ساهم تقدير المؤسسة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية في “حلحلة” مسألة النائب العدوان، وتلبية الاحتياج الأردني الملحّ بتسليمه إلى بلاده، وتزويد السفارة الأردنية في تل أبيب بنسخة من ملف التحقيق. وتلك وقفة لها دلالاتها؛ لأن مسألة العدوان نوقشت خلف الستائر مع مسؤولين أمنيين كبار في المنظومة الإسرائيلية من المهتمين بوقف “نزيف العلاقات” مع “الجار الأردني” واحتواء قضية العدوان وبأي طريقة، مع أن أسرار ما حصل لا تزال غامضة. التحقيق في نسخته “الوطنية الأردنية” مع العدوان “قد يكشف” أيضا مفاجآت تخص “متورطين آخرين” نافذين هنا وهناك، بـ”شبكات تهريب” متنوعة لا تقف عند حدود “أسلحة” فقط، لأن ما حصل مع الإسرائيليين ووجود العيون الأمريكية في المساعدة والرقابة، يعني استحقاقا محليا بـ”فتح ملفات” صعبة ومعقدة.
عربي و دولي