فاض الكيل…لبنانيون يطالبون بعودة الانتداب الفرنسي

7 أغسطس 2020آخر تحديث :
فاض الكيل…لبنانيون يطالبون بعودة الانتداب الفرنسي

رغم انتهاء الانتداب الفرنسي على لبنان عام 1943 وانسحاب آخر جندي عام 1946, وبعد أكثر من 20 عاما من الاحتلال ، ترددت أثناء جولة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في حي الأشرفية اللبناني أمس الخميس هتافات باللغة الفرنسية التي يجيدها اللبنانيون جيدا ” تحيا فرنسا” ، كما كانت هناك دعوات بعودة الانتداب الفرنسي، تأكيدا على عدم الرضا عن النظام الحالي.

لقد عانى الشعب اللبناني كثيرا، وتغلب على الكثير من المآسي من قبل، ابتداء من المعارك الضارية بالوكالة إلى حرب أهلية كارثية دمرت وسط بيروت. واظهر الشعب اللبناني قدرة فائقة على التحمل، لكن يبدو أن صبره نفد الآن خاصة بعد كارثة انفجار مرفأ بيروت يوم الثلاثاء الماضي.

فقد كان ترحيب اللبنانيين بزيارة ماكرون لا يوصف، حيث وقف في وسط الجماهير في بيروت وتحدث إليهم، بل أنه أزاح أحد حراسه جانبا من أجل أن يعانق سيدة لبنانية رغبت في ذلك. لقد اعتبره اللبنانيون” منقذا لهم”. لقد بادر بهذه الزيارة غير مباليا بالمخاطر وأقلها إمكانية الإصابة بفيروس كورونا وسط جموع اللبنانيين الذين جاء إليهم للإعراب عن تضامنه وتضامن فرنسا معهم.

لم يشهد اللبنانيون مسؤولا لبنانيا يقف وسطهم ويخاطبهم ، وفي حقيقة الأمر لا ولن يجرؤ أحد كائنا من كان من المسؤولين أن يفعل ذلك، فغضب الجماهير اللبنانية عاصف ولا يمكن التكهن بعواقبه.

فعلى سبيل المثال، عندما حاولت وزيرة العدل اللبنانية ماري كلود نجم تفقد مناطق منكوبة نتيجة الانفجار، قام محتجون غاضبون بمطالبتها بالاستقالة قائلين” أليست عندك كرامة”، وأثناء مطاردة المحتجين لها حاولت الاختباء في أحد المباني المهدمة حتى وصل جنود الجيش لإنقاذها.

واكتفى الرئيس اللبناني ميشال عون بتفقد المرفأ فقط.

وتقول وكالة بلومبرج للأنباء أن مشاهد جولة ماكرون التي نقلتها وسائل الإعلام مباشرة على الهواء في أنحاء العالم، من المتوقع أن تثير الجدل في فرنسا، حيث يتعرض ماكرون للانتقاد من حين لآخر لعدم استجابته لمطالب الفرنسيين، وبالكاد بدأت شعبيته تتعافى بعد احتجاجات نشطاء حركة السترات الصفراء.

لقد كان ماكرون أثناء جولته يرتدي ربطة عنق سوداء تعبيرا عن الحزن على ضحايا الانفجار المدمر الذي شهده مرفأ بيروت الرئيسي وأسفر عن مقتل من 135 شخصا على الأقل وإصابة الألاف، وتشريد حوالى 300 ألف شخص. وتقدر الأضرار بنحو 5 مليار دولار، وهو مبلغ لا تمتلكه لبنان الآن، حسب بلومبرج.

وفي حديثه للصحفيين في نهاية زيارته دعا كامرون إلى إجراء تحقيق دولي لتحديد أسباب الانفجار، الذي تردد أنه كان نتيجة لوجود شحنة كبيرة من نترات الأمونيوم في أحد مستودعات المرفأ. وقال ماكرون” نحن في حاجة إلى تحقيق دولي شفاف وصريح لضمان عدم إخفاء أي شيء أو بقاء أي شكوك”.

وحاول ماكرون إظهار تضامنه مع الشعب اللبناني دون الوقوف إلى جانب أي فئة سياسية. وعندما صاحت إحدى السيدات قائلة “من فضلك لا تعطوا المال لحكومتنا الفاسدة”، اتجه ماكرون بنظره نحوها وقال” لا تقلقي بالنسبة لهذا الأمر”.

ووعد ماكرون بأنه سوف يقوم بتنظيم المساعدات الدولية بينما سيدفع أيضا نحو تحقيق تغيير سياسي وقال” جئت هذا الصباح للمساعدة وسوف اتحدث مع كل الفصائل السياسية لمطالبتهم بميثاق جديد”.

ورفض ماكرون استبعاد فرض عقوبات ضد الحكومة اللبنانية، رغم أنه أكد أن هذا الأمر ليس أولوية في هذا الوقت. وقال إنه يتعين على البنوك اللبنانية أن تفصح عن خسائرها لصرف القروض الدولية الضرورية للحفاظ على الإمدادات الغذائية.

من ناحية أخرى، ذكرت وكالة بلومبرج أن زيارة الرئيس الفرنسي للبنان تظهر طموحه في أن يكون قائدا عالميا في منطقة حافظت فيها الولايات المتحدة وروسيا على ميزان القوة في السنوات الأخيرة، وتستعرض تركيا عضلاتها فيها.

وقال جون الترمان مدير برنامج الشرق الأوسط في مركز الدراسات الاستراتيجية الأمريكى إنه في الظروف العادية كانت الولايات المتحدة ومن على شاكلتها من الحلفاء والشركاء سيأتون معا لمساعدة لبنان على الخروج من الهوة السحيقة التى وقع فيها، ويوجهون في الوقت نفسه ضربة ضد النفوذ الإيراني ومساعدة لبنان على ألا يصبح دولة فاشلة. ولا يوجد الآن دليل كاف على أن الولايات المتحدة لديها القدرة أو النية لتنظيم مثل هذا الجهد الآن. ولكن يبدو أنها تسمح لمختلف الخصوم بتعزيز مصالحهم في لبنان.

ودعا الترمان إلى ضرورة أن تجري إدارة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب مناقشات عميقة مع فرنسا، والمملكة المتحدة، ودول الخليج العربية، كما يتعين أن تكون هناك مناقشات صعبة مع المسؤولين اللبنانيين. وهذه المناقشات والمفاوضات سوف تستغرق وقتا وتحتاج إلى مهارة، وتعاطف وتفهم.

وقال الترمان إنه رغم أنه ليس من المؤكد أن تستطيع الأطراف الدولية استغلال الأزمة الراهنة التي يواجهها لبنان لتحقيق الاصلاحات التي يحتاجها لبنان، فإن الفرص أفضل لو قامت الولايات المتحدة بدور مركزي في هذه الجهود، إذ أن عواقب فشل لبنان يمكن أن تؤرق ترامب وتؤرق من سيخلفونه لسنوات قادمة.