خاطب الرئيس محمود عباس، قادة وزعماء العالم المشاركين في الدورة الـ78 للجمعية العامة للأمم المتحدة، قائلاً: “واهمٌ من يظن أن السلام يمكن أن يتحقق في الشرق الأوسط دون أن يحصل الشعب الفلسطيني على كامل حقوقه الوطنية المشروعة”.
ووجه الرئيس رسالة للإسرائيليين، بأن الاحتلال لن يدوم مهما كانت الأطماع والأوهام، لأن شعبنا باقٍ على أرضه التي سكنها منذ آلاف السنين جيلا بعد جيل، وإذا كان لا بد لأحد أن يرحل فهم المحتلون.
ودعا الرئيس عباس، المجتمع الدولي إلى تنفيذ قراراته المتعلقة بإحقاق الحق الفلسطيني، وإنهاء الاحتلال، الذي يتحدى قرارات المجتمع الدولي التي زادت عن الألف، وينتهك مبادئ القانون الدولي والشرعية الدولية، ويسابق الزمن لتغيير الواقع التاريخي والجغرافي والديموغرافي على الأرض، من أجل ديمومته وتكريس الفصل العنصري (الأبرتهايد).
كما طالب الرئيس، المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته للحفاظ على الوضع التاريخي والقانوني للقدس ومقدساتها، وبالذات المسجد الأقصى وكنيسة القيامة، والمسجد الإبراهيمي في الخليل، محذرا من تحويل الصراع السياسي إلى ديني.
وطرح الرئيس عباس في خطابه عدة تساؤلات وطالب بالإجابة عنها: لماذا السكوت على كل ما تقوم به إسرائيل، دولة الاحتلال، من انتهاكات فاضحة للقانون الدولي؟ ولماذا لا تَخضع للمساءلة والمحاسبة الجادة، ولا تفرض عليها العقوبات لتجاهلها وانتهاكاتها لقرارات الشرعية الدولية، كما يجري مع دول أخرى؟ ولماذا تمارس المعايير المزدوجة عندما يتعلق الأمر بإسرائيل؟ ولماذا القبول بأن تكون دولة فوق القانون؟.
وقال الرئيس: رغم الواقع الأليم، وبعد مرور ثلاثين عاما على اتفاق أوسلو الذي تحللت منه إسرائيل، لا يزال لدينا أمل بأن تتمكن الأمم المتحدة من تنفيذ قراراتها التي تقضي بإنهاء الاحتلال، وتجسيد استقلال دولة فلسطين كاملة السيادة بعاصمتها القدس الشرقية، على حدود عام 1967، وحل قضية اللاجئين وفق قرارات الشرعية الدولية، وبالذات القرار 194، وتطبيق قرارات الجمعية العامة ومجلس الأمن، التي تؤكد عدم شرعية الاحتلال والاستيطان، خاصة القرار 2334، وكذلك مبادرة السلام العربية.
وأكد الرئيس عباس أنه أمام الاستعصاء الذي تواجهه عملية السلام بسبب السياسات الإسرائيلية، لم يَبقَ سوى الطلب من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيرش، وضع الترتيبات لعقد مُؤتمرٍ دوليٍ للسلام، تُشارك فيه جميع الدول المعنية، والذي قد يكون الفُرصةَ الأخيرةَ لإبقاء حل الدولتين مُمكنا، ولمنع تدهور الأوضاع بشكل أكثر خطورة.
ودعا الرئيس الأمم المتحدة إلى توفير الحماية للشعب الفلسطيني من العدوان المتواصل لجيش الاحتلال والمستوطنين، ودعم توجه فلسطين للمحاكم والجهات الدولية ذات الاختصاص، فالوضع القائم لم يعد مُحتملا.
وقال: إن دولة فلسطين ستقوم برفع شكاوى للجهات الدولية ذات العلاقة على إسرائيل بسبب استمرار احتلالها لأرضنا، والجرائم التي ارتكبت وما زالت ترتكب بحقنا، وعلى كل من بريطانيا وأميركا لدورهما في وعد بلفور المشؤوم، وعلى كل من كان له دور في نكبة ومأساة شعبنا، للمطالبة بالاعتراف والاعتذار وجبر الضرر، وتقديم التعويضات وفق القانون الدولي.
ودعا الرئيس عباس إلى تجريم إنكار النكبة الفلسطينية، واعتماد الخامس عشر من أيار من كل عام، يوما عالميا لإحياء ذكراها، وذكرى مئات آلاف الفلسطينيين الذين قُتلوا في مذابح ارتكبتها العصابات الصهيونية، ومن هُدمت قُراهم أو شردوا من بيوتهم، والذين بلغ عددهم 950 ألفًا، شكلوا أكثر من نصف السكان الفلسطينيين في حينه.
وطالب الرئيس الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، باتخاذ خطوات عملية مستندة لقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة وللقانون الدولي، والدول التي لم تعترف بعد بدولة فلسطين، بإعلان هذا الاعتراف، وأن تحظى دولة فلسطين على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة.
وأكد الرئيس ضرورة اتخاذ الأمم المتحدة إجراءات رادعة بحق إسرائيل، التي لم تلتزم بشروط انضمامها إلى الأمم المتحدة، والمتمثلة بتنفيذ القرارين (181 و194)، إلى أن تفي بالتزاماتها التي قُدمت في إعلان مكتوب من قبل وزير خارجيتها في حينه موشي شاريت.
وشدد الرئيس عباس على أن شعبنا سيواصل الدفاع عن وطنه وعن حقوقه المشروعة، من خلال المقاومة الشعبية السلمية كخيار إستراتيجي للدفاع عن النفس، ولتحرير الأرض من احتلال استيطاني لا يؤمن بالسلام، ولا يقيم وزنًا لمبادئ الحق والعدالة والقيم الإنسانية.
وأعرب الرئيس عن ارتياحه بأن شعوب العالم والعديد من دوله بدأت تقتنع بروايتنا الفلسطينية وتتعاطف معها، بعد أن جرى تضليلها على مدى عقود، بفعل آلة الدعاية الصهيونية والإسرائيلية، شاكرا جميع من أسهم في تعميم هذه الرواية ودعمها وتعاطف معها.
وحول إجراء الانتخابات العامة، قال سيادته إن الحكومة الإسرائيلية تُعرقل إجراءها، كما جرت في أعوام 1996، 2005، 2006، من خلال قرارها منع إجراء الانتخابات في القدس الشرقية، رغم التدخل المقدر من العديد من الدول والمنظمات الإقليمية والدولية، لتمكين أهلنا في القدس من التصويت والترشح في هذه الانتخابات.
وجدد الرئيس عباس رفضه لأي موقف يحملنا مسؤولية عدم إجراء هذه الانتخابات، التي تمثل ضرورة فلسطينية، وقال: سنواصل التوجه للجهات الدولية لرفع قضايا على الحكومة الإسرائيلية، وإجبارها على السماح لنا بإجراء هذه الانتخابات التي طال انتظارها.
وحول الدعم المالي من المجتمع الدولي، قال سيادته “طالما بقينا نرزح تحت الاحتلال الإسرائيلي البغيض، سنبقى بحاجة إلى المساعدات المالية الدولية، وكذلك توفير الدعم المالي لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا”.
وأضاف: إسرائيل تتحمل المسؤولية الكاملة جراء القيود التي تفرضها علينا، والتي تمنعنا من الوصول إلى مواردنا الطبيعية، وتحتجز أموالنا دون وجه حق، وتواصل حصارها على أهلنا في قطاع غزة، وتسيطر على جميع نقاط العبور والخطوط الفاصلة بين الضفة ومحيطها.
وتقدم الرئيس عباس لأبناء شعبنا جميعا في فلسطين وفي مخيمات اللجوء والشتات، وفي كل مكان من هذا العالم، بالتقدير والعرفان، على صمودهم وإصرارهم على التمسك بالحقوق.
وحيا الرئيس أرواح شهدائنا الأبرار، وأسرانا البواسل، وجرحانا الأبطال، وقال: “ما ضاع حق وراءه مطالب، وإن النصر حليفنا، وسنحتفل باستقلال دولتنا في القدس عاصمتنا الأبدية”.
وفيما يلي نص خطاب السيد الرئيس:
واهمٌ من يظن أن السلام يمكن أن يتحقق في الشرق الأوسط دون أن يحصل الشعب الفلسطيني على كامل حقوقه الوطنية المشروعة”.
مرةً أُخرى، آتيكم حاملًا قضية شعبي المكافح من أجل الحرية والاستقلال، لأذكركم بمأساته التي تسببت بها النكبة منذ خمس وسبعين سنة، والتي لا تزال آثارها تتفاقم بفعل الاحتلال الإسرائيلي لأرضنا، هذا الاحتلال الذي يتحدى قراراتكم التي زادت عن الألف، وينتهك مبادئ القانون الدولي والشرعية الدولية، بينما هو يسابق الزمن لتغيير الواقع التاريخي والجغرافي والديموغرافي على الأرض، من أجل إدامة الاحتلال وتكريس الفصل العنصري (الأبرتهايد).
ورغم هذا الواقع الأليم، وبعد مرور ثلاثين عاما على اتفاق أوسلو الذي تحللت منه إسرائيل، لا يزال لدينا أمل في أن تتمكن مُنظمتكم الموقرة من تنفيذ قراراتها التي تقضي بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لأرضنا، وتجسيد استقلال دولة فلسطين كاملة السيادة بعاصمتها القدس الشرقية، على حدود الرابع من حزيران لعام 1967، وحل قضية اللاجئين الفلسطينيين وفق قرارات الشرعية الدولية، وبالذات قرار الجمعية العامة رقم 194، وقرارات الجمعية العامة ومجلس الأمن، التي تؤكد جميعها عدم شرعية الاحتلال والاستيطان الإسرائيلي، وبخاصة القرار 2334، وكذلك مبادرة السلام العربية.
أيتها السيدات والسادة
بينما أقف أمامكم هنا، تواصل حكومة اليمين العنصري الإسرائيلية اعتداءاتها على شعبنا، وتُمعن من خلال جيشها ومستوطنيها الإرهابيين العنصريين في ترهيب وقتل أبناء شعبنا، وتدمير البيوت والممتلكات، وسَرِقة أموالنا ومواردنا، واحتجاز جثامين الشهداء، على مسمع ومرأى العالم، ودون أيّ رادع أو عقاب أو مساءلة، لا بل لقد أصبح قادة هذه الحكومة ووزراؤها يتباهون بسياسة الفصل العنصري (الابرتهايد) التي يمارسونها على شعبنا تحت الاحتلال.
كذلك تقوم حكومة الاحتلال باستباحة مدينة القدس وأهلها، وتعتدي على مقدساتنا الإسلامية والمسيحية فيها، وتخرق الوضع التاريخي والقانوني للأماكن المقدسة، وبالذات في المسجد الأقصى المبارك، الذي أقرت الشرعية الدولية أنه حقٌ حصريٌ للمسلمين وحدهم، بما في ذلك مصلى باب الرحمة وحائط البراق، طبقًا لتقرير عصبة الأمم عام 1930.
كما تمعن دولة الاحتلال في حفر الأنفاق تحت المسجد الأقصى وحوله، ما يهدد بانهياره، أو أجزاء منه، بما سيؤدي إلى انفجار لا تُحمد عقباه، ولقد حذرنا مرارا وتكرارا من تحويل الصراع السياسي إلى صراع ديني، سوف تتحمل إسرائيل المسؤولية الكاملة عنه، وهنا أُطالب المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته في الحفاظ على الوضع التاريخي والقانوني للقدس ومقدساتها، وبالذات المسجد الأقصى وكنيسة القيامة، والمسجد الإبراهيمي في الخليل.
وأتساءل هنا: لماذا السكوت على كل ما تقوم به إسرائيل، دولة الاحتلال، من انتهاكات فاضحة للقانون الدولي؟ ولماذا لا تَخضع للمساءلة والمحاسبة الجادة، ولا تفرض عليها العقوبات لتجاهلها وانتهاكاتها لقرارات الشرعية الدولية، كما يجري مع دول أخرى؟ ولماذا تمارس المعايير المزدوجة عندما يتعلق الأمر بإسرائيل؟ ولماذا القبول بأن تكون إسرائيل دولة فوق القانون؟ أما آن الوقت للإجابة عن هذه التساؤلات؟
نحن من جانبنا سنقوم برفع شكاوى للجهات الدولية ذات العلاقة على إسرائيل بسبب استمرار الاحتلال الإسرائيلي لأرضنا، والجرائم التي ارتكبت وما زالت ترتكب بحقنا، وعلى كل من بريطانيا وأميركا لدورهما في وعد بلفور المشؤوم، وعلى كل من كان له دور في نكبة ومأساة شعبنا، مطالبين بالاعتراف والاعتذار وجبر الضرر، وتقديم التعويضات وفق القانون الدولي.
السيدات والسادة
أمام الاستعصاء الذي تواجهه عملية السلام بسبب السياسات الإسرائيلية، لم يَبقَ أمامنا سوى الطلب إليكم عقد مُؤتمرٍ دوليٍ للسلام، تُشارك فيه جميع الدول المعنية بتحقيق السلام في الشرق الأوسط بشكل عام، ولذلك فإنني أطلب من مُنظمتكم المُوقرة، ومن الأمين العام، السيد انطونيو غوتيرش، وضع الترتيبات والدعوة إلى انعقاد هذا المؤتمر، الذي قد يكون الفُرصةَ الأخيرةَ لإبقاء حل الدولتين مُمكنا، ولمنع تدهور الأوضاع بشكل أكثر خطورة، ما يهدد أمن واستقرار منطقتنا والعالم أجمع.
كما أنني أُطالب منظمتكم والأمين العام، بتنفيذ قرارات توفير الحماية للشعب الفلسطيني من العدوان المتواصل لجيش الاحتلال والمستوطنين الإسرائيليين الإرهابيين، ودعم توجهنا للمحاكم والجهات الدولية ذات الاختصاص، لأن الوضع القائم لم يعد مُحتملا.
وأمام كل ما تقوم به إسرائيل، أيها السيدات والسادة، من تدمير مُمنهج لحل الدولتين، فقد بات ضروريًا، ومن أجل حماية هذا الحل، أن أدعو الدول الأعضاء في منظمتكم الموقرة؛ كل دولة بصفتها الوطنية، إلى اتخاذ خطوات عملية مستندة لقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة وللقانون الدولي، كما أدعو الدول التي لم تعترف بعد بدولة فلسطين إلى إعلان هذا الاعتراف، وكذلك أن تحظى دولة فلسطين بالعضوية الكاملة في الأمم المتحدة.
أنا لا أستطيع أن أفهم ولا أن أتقبل أن تُحجِم بعض الدول، بما فيها أميركا ودول أوروبية، عن الاعتراف بدولة فلسطين، التي قبلتها الأمم المتحدة عضوا مراقبا فيها، هذه الدول التي تؤكد كل يوم تأييدها لحل الدولتين، لكنها تعترف بدولة منهما فقط وهي إسرائيل، لماذا؟ وما هو الخطر الذي يُشكله حصول دولة فلسطين على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة؟.
إن إسرائيل التي تحظى بهذا الاعتراف الأُممي، لم تلتزم بشروط انضمامها إلى الأمم المتحدة، والمتمثلة بتنفيذ القرارين (181 و194)، وعليه، فإننا نُطالب مُنظمتكم الموقرة باتخاذ إجراءات رادعة بحق إسرائيل، إلى أن تفي بالتزاماتها التي قُدمت في إعلان مكتوب من قبل وزير خارجيتها في حينه، موشي شاريت.
إن طلبنا هذا إنما هو من أجل السلام والعدل، واحترامًا للقانون الدولي وللشرعية الدولية، ولمنظمتكم الموقرة.
السيدات والسادة
يدافع شعبنا عن وطنه وعن حقوقه المشروعة، من خلال المقاومة الشعبية السلمية كخيار إستراتيجي للدفاع عن النفس، ولتحرير الأرض من احتلال استيطاني لا يؤمن بالسلام، ولا يقيم وزنًا لمبادئ الحق والعدالة والقيم الإنسانية. وسوف نواصل مقاومتنا هذه لهذا الاحتلال الغاشم حتى يندحر عن أرضنا.
السيدات والسادة
نحن نُدير شؤوننا في ظل ظروف بالغة الصعوبة والتعقيد جراء القيود التي تفرضها علينا دولة الاحتلال، والتي تمنعنا من الوصول إلى مواردنا الطبيعية، وتحتجز أموالنا دون وجه حق، وتواصل حصارها على أهلنا في قطاع غزة، بما يترتب على ذلك من زيادة معاناة شعبنا.
وكذلك، فإن إسرائيل تتحمل المسؤولية الكاملة، ومن خلال سيطرتها على جميع نقاط العبور والخطوط الفاصلة بين الضفة الغربية المحتلة ومحيطها، عن الانتشار المتعمد للسلاح والمخدرات وأعمال القتل الإجرامية التي تجري في المدن العربية داخل إسرائيل، والتي يمتد جزء منها إلى مناطقنا، وهو ما بات يشكل خطرًا كبيرًا على الأمن المجتمعي للفلسطينيين في كل مكان من أرضنا.
واسمحوا لي أن أقول لكم: إنه طالما بقينا نرزح تحت الاحتلال الإسرائيلي البغيض، فإننا سنبقى بحاجة إلى المساعدات المالية من المجتمع الدولي، وكذلك توفير الدعم المالي لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، شاكرين للمجتمع الدولي ما قدمه لنا من دعم لبناء دولتنا واقتصادنا، ونتطلع إلى مواصلة هذا الدعم حتى يرحل الاحتلال ونتمكن من الاعتماد على أنفسنا.
السيدات والسادة
تنخرط مؤسسات دولتنا في عملية إصلاح وتطوير شاملة، وتتعاون في هذا السياق مع مؤسسات دولية ومع شركاء لنا في الإقليم والعالم.
لقد قمنا مؤخرًا بإجراء الانتخابات المحلية، وانتخابات المؤسسات والاتحادات والنقابات وغيرها، وهناك لجنة مختصة لتطوير قطاع العدالة في فلسطين، كما يقوم المجتمع المدني بدوره في إضفاء الحيوية على نظامنا السياسي، ولم يبق أمامنا سوى إجراء الانتخابات العامة الديمقراطية، كما جرت في أعوام 1996، 2005، 2006، ولكن الحكومة الإسرائيلية تُعرقل ذلك، من خلال قرارها منع إجراء الانتخابات في القدس الشرقية، رغم التدخل المقدر من العديد من الدول والمنظمات الإقليمية والدولية، لتمكين أهلنا الفلسطينيين في القدس من التصويت والترشح في هذه الانتخابات، ونحن نجدد اليوم رفضنا لأي موقف يحملنا مسؤولية عدم إجراء هذه الانتخابات، التي هي ضرورة فلسطينية نريدها اليوم قبل الغد.
وأمام هذا الموقف المتعنّت للحكومة الإسرائيلية، سنواصل التوجه للجهات الدولية ذات العلاقة لرفع قضايا على الحكومة الإسرائيلية، وإجبارها على السماح لنا بإجراء هذه الانتخابات التي طال انتظارها.
السيدات والسادة
لقد شاركت في شهر مايو (أيار) الماضي في إحياء الذكرى الخامسة والسبعين للنكبة الفلسطينية وفق ما أقرته منظمتكم الموقرة، بعد أن جرى تجاهل هذه الذكرى الأليمة من قبل إسرائيل، الجهة المسؤولة الأولى عن هذه النكبة، التي أدعوكم اليوم إلى تجريم إنكارها، واعتماد الخامس عشر من أيار من كل عام، يوما عالميا لإحياء ذكراها، وذكرى مئات آلاف الفلسطينيين الذين قُتلوا في مذابح ارتكبتها العصابات الصهيونية، ومن هُدمت قُراهم أو شردوا من بيوتهم، والذين بلغ عددهم 950 ألفًا، شكلوا أكثر من نصف السكان الفلسطينيين في حينه، وهذا أقل ما يمكن أن تفعله الأمم المتحدة، إكراما لهؤلاء الضحايا، واستنكارا لهذه المأساة الإنسانية.
أيها السيدات والسادة
نواصل منذ عدة سنوات عرض روايتنا الفلسطينية، وقصة شعبنا التي جرى تشويهها عن عمد، بفعل آلة الدعاية الصهيونية والإسرائيلية، وإنه من دواعي ارتياحنا أن شعوب العالم والعديد من دوله بدأت تقتنع بروايتنا وتتعاطف معها، بعد أن جرى تضليلها على مدى عقود، ونحن نشكر جميع من أسهم في تعميم هذه الرواية ودعمها وتعاطف معها، كما نشكر أصحاب الضمائر الحية في كل مكان في هذا العالم الذين ينتصرون اليوم للحق الفلسطيني ويدعمون نضال شعبنا من أجل نيل الحرية وتحقيق الاستقلال.
السيدات والسادة
رسالتي اليوم للإسرائيليين هي أن هذا الاحتلال البغيض الذي يمارسونه ضدنا لن يدوم مهما كانت الأطماع والأوهام، لأن الشعب الفلسطيني باقٍ على أرضه التي سكنها منذ آلاف السنين جيلا بعد جيل، وقد أكد على ذلك قرار منظمة اليونيسكو الأخير حول مدينة أريحا، ولا يمكن لهذا الشعب أن يرحل عن أرضه، وإن كان لأحد أن يرحل عنها فهم المحتلون والمغتصبون.
ورسالتي إلى المجتمع الدولي هي أن يتحمل مسؤولياته بكل شجاعة، وأن ينفذ قراراته المتعلقة بإحقاق الحق الفلسطيني.
وأخيرا، أتوجه لأبناء شعبنا جميعا في فلسطين وفي مخيمات اللجوء والشتات، وفي كل مكان من هذا العالم الواسع، بأسمى آيات التقدير والعرفان، على صمودهم وإصرارهم على التمسك بالحقوق، وأتوجه بتحية إجلال وإكبار لشهدائنا الأبرار، وأسرانا البواسل، وجرحانا الأبطال، وأقول للجميع ما ضاع حق وراءه مطالب، وإن النصر حليفنا، وسوف نحتفل باستقلال دولتنا في القدس عاصمتنا الأبدية، ودرة التاج وزهرة المدائن.