أنهى مجلس الأمن الدولي في نيويورك، مساء الخميس، جلسة مشاورات مغلقة بشأن مجزرة شارع الرشيد التي ارتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة، بعد طلب من دولة الجزائر، دون أن يصدر أي بيان صحافي أو عناصر بيان حول الموضوع.
وبحسب مصدر دبلوماسي مطلع على حيثيات الجلسة المغلقة، فإن الولايات اعترضت على تسمية قوات الأمن الإسرائيلية بالاسم في ما يتعلق بمسؤوليتها عن إطلاق النار على الفلسطينيين الذين تجمّعوا للحصول على المساعدات، في وقت يبدو فيه أن هناك مشاورات على مستوى العواصم لرؤية ما إذا كان يمكن التوصل لصيغة توافقية حول بيان صحافي أو رئاسي يصدر عن المجلس.
وبعد خروجه من الاجتماع، قال نائب السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة روبرت وود، رداً على أسئلة صحافية حول موقف بلاده من البيان والاعتراضات الأميركية، إنّ “المشكلة بالنسبة لنا أنه لا توجد لدينا كل الحقائق التي نريد الحصول عليها والتي قد (تساعد) في إيجاد لغة (مشتركة بين جميع الدول الأعضاء في المجلس) وبطريقة تضمن أننا تحققنا بشكل واضح من الحقائق”، مستدركاً بالقول: “قد لا نتمكن حتى من القيام بذلك على الفور، ولكن ربما يمكننا العثور على صياغة لغوية يمكن للجميع الاتفاق حولها”.
ومن جهته، شدد السفير الفرنسي لدى الأمم المتحدة نيكولا دي ريفيير، قبل دخوله لحضور الاجتماع المغلق، على ضرورة توضيح ملابسات ما حدث، مضيفاً: “ندين دائماً أي هجمات ضد المدنيين، ودعت فرنسا منذ بدء الأزمة وباستمرار جميع الأطراف إلى الامتثال للقانون الدولي، وخاصة القانون الإنساني الدولي (…) إن اتفاقيات جنيف واضحة للغاية بشأن ضرورة عدم استهداف المدنيين والبنى التحتية المدنية والعاملين في المجال الإنساني ويجب حمايتها”.
وأضاف السفير الفرنسي: “الوضع الإنساني للسكان المدنيين في غزة يتدهور يوماً بعد يوم. نحن الآن نواجه كارثة غير مسبوقة. وليست هذه هي المرة الأولى التي أذكر فيها بضرورة أن يتحمل مجلس الأمن مسؤوليته.
وستظل فرنسا ملتزمة بالعمل مع جميع أعضاء مجلس الأمن للدعوة إلى وقف فوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية، فضلاً عن إطلاق سراح جميع الرهائن”، مشدّداً على وجود “حاجة ماسة إلى اتفاق لوقف إطلاق النار يضمن حماية جميع المدنيين ودخول المساعدات الطارئة على نطاق واسع”.
من جهته، أدلى السفير الفلسطيني لدى الأمم المتحدة رياض منصور بتصريحات إعلامية قبل الجلسة، أشار فيها إلى إطلاق جيش الاحتلال الإسرائيلي النار على الأشخاص الذين تجمّعوا للحصول على المساعدات في شمالي غزة والمنطقة الواقعة تحت سيطرته الكاملة.
وأكد منصور أن عشرات الإصابات جاءت جراء إطلاق النار، واصفاً ما حدث بـ”القتل المتعمد”، مضيفاً أنّ “هذه المذبحة الشنيعة، كما تعلمون، هي شهادة على حقيقة أنه طالما ظل مجلس الأمن مشلولاً ويستخدم حق النقض، فإن ذلك يكلف الشعب الفلسطيني حياته”.
وشدد السفير الفلسطيني على ضرورة أن يدين مجلس الأمن “المجزرة ويحاسب مرتكبيها، وعلى ضرورة وقف إطلاق النار كي لا تتكرر مثل هذه الواقعة”، معبراً عن أمله في أن “يرقى مجلس الأمن لمستوى المسؤولية ويخرج بمنتج ما (بيان) يعبر عن غضبه وإدانته لهذه المجزرة”.
وكانت الجزائر قد وزعت مسودة بيان صحافي على الدول الأعضاء تنص على تعبير المجلس عن “القلق العميق حول التقارير التي تشير إلى مقتل أكثر من مئة شخص وجرح أكثر 750 آخرين جراء إطلاق القوات الإسرائيلية النيران على تجمع للناس كانوا ينتظرون الحصول على المساعدات الإنسانية في مدينة غزة”.
ونصت المسودة أيضاً على تعبير المجلس عن تعازيه لعائلات الضحايا والجرحى، وشدّدت على ضرورة اتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية المدنيين والمنشآت المدنية”، مؤكدةً على ضرورة أن “تمتثل جميع أطراف النزاع لالتزاماتها بموجب القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني”.
كما نصت المسودة على تعبير الدول الأعضاء في مجلس الأمن عن قلقها إزاء تقديرات لمنظمات مختصة بأن “جميع سكان غزة البالغ عددهم 2.2 مليون نسمة سيواجهون مستويات مثيرة للقلق من انعدام الأمن الغذائي الحاد”.
وكررت مسودة البيان مطالبة المجلس جميع “أطراف النزاع بالسماح وتسهيل وتمكين إيصال المساعدات الإنسانية بشكل فوري وآمن ومستدام ودون عوائق لجميع المدنيين في جميع أنحاء قطاع غزة”.
كما حثت المسودة “إسرائيل على إبقاء المعابر الحدودية مفتوحة أمام دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة وتسهيل فتح معابر إضافية، لتلبية الاحتياجات الإنسانية على نطاق واسع، ودعم إيصال مواد الإغاثة بشكل سريع وآمن إلى الناس في جميع أنحاء قطاع غزة”.