ناشد مكتب لجنة الأمم المتحدة المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه غير القابلة للتصرف، بقوة، الجهات المانحة التي أوقفت تمويلها للأونروا التراجع عن مثل هذه القرارات، التي تعرض جهود الوكالة الإنسانية وتحقيق الاستقرار في جميع أنحاء المنطقة للخطر، وخاصة في قطاع غزة والضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية.
وجدد المكتب الأممي التأكيد على دعمه الثابت لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل لاجئي فلسطين “الأونروا” ولمهمتها التي لا غنى عنها.
وشدد على ضرورة أن تتوقف محاولات تشويه صورة الوكالة، وأيد قرار الأمين العام بإجراء تحقيق مستقل في الإدعاءات الإسرائيلية التي طالت عددا من موظفيها.
وأبدى المكتب الأممي قلقا بالغا إزاء الظروف الكارثية في غزة والعوائق التي تعترض تنفيذ ولاية “الأونروا”، مشيرا إلى أن التقارير الأخيرة عن سوء التغذية والتهديدات بالمجاعة وانتشار الأمراض ومحدودية الوصول إلى الرعاية الصحية الأساسية بين لاجئي فلسطين تسلط الضوء على الحاجة الملحة لزيادة دعم “الأونروا” لتنفيذ التدابير المؤقتة التي أمرت بها محكمة العدل الدولية.
وأكد المكتب أن دور وكالة “الأونروا” يمتد إلى ما هو أبعد من الجهود الإنسانية – “فهو يرمز إلى التزام المجتمع الدولي بالعدالة وحقوق الإنسان والسلام وحقوق اللاجئين”.
وأشار إلى أن دعم الأونروا “يعني الوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني حتى يتم التوصل إلى حل عادل ودائم لقضية فلسطين وفقا لقرارات الأمم المتحدة والقانون الدولي”.
وأقر المكتب بدور “الأونروا” باعتبارها شريان حياة للاجئي فلسطين على مدى السنوات الـ 75 الماضية، حيث لا تقدم الأونروا الخدمات الأساسية فحسب، بل أيضا الشعور بالأمل والاستقرار وسط الأزمات والظلم اللذين طال أمدهما.
وجدد المكتب الأممي نداءه العاجل من أجل وقف فوري ودائم لإطلاق النار في غزة، ووضع حد للتهجير القسري للفلسطينيين، وإتاحة الوصول دون عوائق إلى المساعدة الإنسانية.
على صعيد ذي صلة، أعربت 17 منظمة دولية غير حكومية عاملة في مجال الإغاثة عن قلق بالغ إزاء التعليق الحالي والمحتمل لتمويل وكالة “الأونروا”.
وشددت في بيان مشترك، على ضرورة أن يحافظ الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء على تمويل “الأونروا”.
ونبهت إلى أن تعليق الدول المانحة تمويلها للأونروا- في وقت تلوح فيه المجاعة ويتفاقم تفشي الأمراض- سيؤثر على المساعدات المنقذة للحياة لأكثر من مليوني مدني، نصفهم هم من الأطفال.
وحثت المنظمات الدولية الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء على الأخذ بعين الاعتبار أن وكالات المعونة الأخرى لا يمكنها استنساخ الدور المركزي للأونروا في الاستجابة الإنسانية في غزة، “وفي خضم الأزمة الحالية فإن الكثير منها سيعاني من أجل الحفاظ على عملياتها الحالية دون شراكة الأونروا ودعمها”.
وحذرت المنظمات غير الحكومية من خطر احتمال الانهيار الكامل للاستجابة الإنسانية المقيدة بالفعل، إذا لم يتم التراجع عن تعليق التمويل، مما يؤدي إلى خسائر في الأرواح يمكن تجنبها.
وحثت الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء على إعادة تأكيد دعمهم للعمل الحيوي الذي تقوم به الأونروا وشركاؤها لمساعدة الفلسطينيين على البقاء على قيد الحياة “في واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في عصرنا”.
واختتمت بيانها بالقول: “في حين أن المساءلة أمر بالغ الأهمية، وينبغي دعم إجراء تحقيق صارم وذي مصداقية في هذه الادعاءات، فإن ذلك يمكن، بل ويجب، تحقيقه دون مزيد من المعاناة للسكان المدنيين في غزة”.
ومن بين المنظمات الموقعة على البيان: منظمة كير الدولية، منظمة إنقاذ الطفولة، وأوكسفام.
وفي سياق متصل، أكد المفوض العام للأونروا فيليب لازاريني أنّ من غير الواقعي الاعتقاد بأنّه يمكننا الاستغناء عن الوكالة لأنّ أنشطتها متعدّدة ومهمّة.
ورداً على الدعوات لتفكيكها، قال لازاريني أمام عدد من الصحفيين في مقرّ الوكالة في القدس المحتلة، الخميس، “سيكون من قصر النظر بعض الشيء الاعتقاد بأنّ الأونروا يمكنها فقط من الناحية الفنية نقل جميع أنشطتها إلى وكالات الأمم المتحدة الأخرى أو إلى منظمات غير حكومية”.
وأضاف أنّ “الأونروا تقدِّم خدمات مشابهة لتلك التي تقدّمها حكومة لإحدى المجموعات الأكثر حرماناً في المنطقة، وهم اللاجئون الفلسطينيون”.
وشدّد خصوصا على الرعاية الصحية والتعليم اللذين تقدّمهما الوكالة. وقال “باستثناء دولة إدارية ووظيفية، لا يمكن لأحد توفير التعليم على جميع المستويات، بهذا الحجم”، كما تفعل الأونروا التي تدير مدارس تضمّ حوالى 300 ألف طفل في قطاع غزة.
وقال “نحن المنظمة الأكثر رسوخا” في غزة، مضيفا “نوفّر منصّة لوجستية كاملة لبقية المجتمع الإنساني”.
وأكّد أنّه “إذا غادرت الأونروا غزة اليوم، في ذروة الأزمة… فإنّ ذلك سيُضعف قدرتنا الجماعية على الاستجابة لاحتياجات إنسانية غير مسبوقة”.
وتوظّف الوكالة الأممية التي أُنشئت في العام 1949، حوالى 30 ألف شخص في الأراضي الفلسطينية المحتلّة (من بينهم 13 ألف شخص في قطاع غزة) ولبنان والأردن وسوريا، حيث تقدّم الدعم لحوالي مليوني لاجئ فلسطيني.
رغم أنّ “إسرائيل لم تقدم حتّى الآن أيّ دليل للأونروا” بشأن اتهاماتها، وفق الأمم الأمم المتحدة، إلّا أنّ بعض الدول أعلنت تعليق تمويل الوكالة. وفُتح تحقيق داخلي، فيما أُسند تحقيق آخر إلى مجموعة مستقلّة لتقييم الوكالة و”حيادها”.
وأعرب لازاريني عن أسفه لأنّ هذه الاتهامات “تثير القلق بين موظّفينا… وتولّد قدرًا معيّنًا من التوتر” في الضفة الغربية المحتلّة، بما فيها القدس الشرقية.
كما اعتبر أن الدعوات المطالبة بتفكيك الأونروا تهدف إلى “التعامل مع قضية وضع اللاجئين دون الاضطرار إلى المرور بعملية سياسية”، وسينظر إليها الفلسطينيون على أنها “خيانة من المجتمع الدولي.
وشدد المسؤول الأممي على أن الأونروا لا تزال منظمة مؤقتة وأن هدفها “يظل تسليم جميع الخدمات (التي تقدمها) إلى دولة فاعلة” عند تأسيسها.
وبعد تأكيده مؤخرا أنّ الأونروا وصلت إلى “نقطة الانهيار”، من المقرّر أن يتحدّث فيليب لازاريني أمام الجمعية العامّة للأمم المتحدة الإثنين.