مع استمرار حرب التجويع المتزامنة مع العدوان الإسرائيلي المدمر على غزة، تتلاحق تحذيرات هيئات إنسانية أممية ودولية من اتساع المجاعة، وتهديدها حياة مئات آلاف الفلسطينيين في القطاع المحاصر، خاصة مع تسجيل مزيد من الوفيات جراء سوء التغذية وفقدان المواد الغذائية.
واتهم المقرر الأممي الخاص للحق في الغذاء مايكل فخري في مقابلة مع الجزيرة إسرائيل بتعمد قصف القوافل الإنسانية في غزة رغم معرفة مساراتها. وأشارت إلى أن الاحتلال الإسرائيلي لا يريد وصول أي مساعدات إلى المحتاجين، وأنه يشن حرب تجويع واضحة. وطالب فخري بفرض عقوبات على إسرائيل لتجاهلها قرارات محكمة العدل الدولية. وتساءل لماذا تسقط واشنطن المساعدات جوا رغم ما تسببه من فوضى؟.
كما اتهم خبراء في الأمم المتحدة إسرائيل بممارسة حملة تجويع في قطاع غزة، ودعَوْها إلى وقفها فورا. وأكد الخبراء أن إسرائيل تتعمد تجويع الشعب الفلسطيني في القطاع منذ الثامن من أكتوبر/تشرين الأول.
وأشاروا إلى أن إسرائيل تستهدف المدنيين الذين يبحثون عن المساعدات الإنسانية وقوافل الإغاثة، وطالبوها بوضع حد لما قالوا إنها حملة تجويع واستهداف للمدنيين في القطاع.
وقال الخبراء إن إسرائيل لا تحترم التزاماتها القانونية الدولية ولا تمتثل للتدابير المؤقتة لمحكمة العدل الدولية وترتكب جرائم وحشية، وحذر الخبراء الأمميون من استخدام المساعدات الإنسانية كورقة مساومة في المفاوضات لوقف الحرب.
من جانبه قال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة إن الاحتياجات الهائلة من غذاء ودواء في غزة تجعل ما يصل إلى القطاع محدودا للغاية. وقال المتحدث الإقليمي باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة -اليونيسيف- سليم عويس إنّ الأطفال في قطاع غزة يدفعون الثمن الأكبر للحرب، ودعا عويس في مقابلة مع الجزيرة، إلى تحرك دولي عاجل، مشيرا إلى أنّ ما يجري في غزة اختبار للضمير الإنساني.
من ناحيتها قالت المتحدثة باسم منظمة أوكسفام فطومة شيدا للجزيرة، إنه إزاء الوضع الكارثي في قطاع غزة فإن إسقاط المساعدات جوا لا يمثل حلا، ودعت إلى فتح المعابر وإيصال المساعدات لشمال غزة.
واتهمت شيدا إسرائيل باستخدام التجويع كسلاح حرب وأضافت “سكان غزة للأسف يعانون من الجوع.
والاستهداف المباشر للمدنيين الذين يسعون إلى الحصول على مساعدات إنسانية هو نمط مستمر، كما شاهدنا اليوم والأسبوع الماضي. الوضع خطير بالنسبة لـ90 في المئة من سكان القطاع الذين يعانون من مستويات مرتفعة من انعدام الأمن الغذائي”.
إحصائيات المجاعة
ووفق آخر الإحصائيات بشأن المجاعة في قطاع غزة بعد اقتراب الحرب الإسرائيلية من شهرها السادس فإن جميع سكان القطاع -البالغ عددهم 2.4 مليون- يواجهون مستويات “أزمة أو أسوأ” من انعدام الأمن الغذائي، وفق منظمة الأغذية والزراعة (الفاو).
ويواجه 576 ألف شخص، أي ربع سكان قطاع غزة، مستويات كارثية من انعدام الغذاء، وفق الأمم المتحدة.
كما يعاني واحد من كل 6 أطفال تحت سن الثانية، سوء التغذية الحاد في شمال غزة، وفق منظمة الصحة العالمية.
وعبر البيان الختامي لاجتماع منظمة الفاو عن القلق الشديد إزاء الأوضاع الكارثية للسكان في غزة، والتي قد تؤدي إلى المجاعة.
وكان عبد الحكيم الواعر الممثلُ الإقليمي والمديرُ العام المساعد للفاو قد قال في مقابلة مع الجزيرة، إن أغلب السكان في قطاع غزة يعَدون حاليا ضمن المرحلة الرابعة والخامسة من تصنيف مراحلِ الأمن الغذائي، أي أنّهم بين مرحلتي الكارثة والمجاعة.
وأضاف المدير العام المساعد بمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة الفاو، أن كلّ الأطفال والنساء في غزة تقريبا مصابون بسوء التغذية بسبب نقص الإمدادات والعناصر الغذائية وعلى رأسها البروتينات.
من جانبه قال الدكتور جاد الله الشافعي مسؤول قسم التمريض بمجمع الشفاء الطبي، إن الوضع في غزة كارثي. وأضاف في مقابلة مع الجزيرة، أن الحرب التي تُشن على غزة غيرُ مسبوقة مشيرا إلى موت كثير من المرضى بسبب المجاعة.
وقد قضى جوعا في قطاع غزة 16 طفلا في يوم واحد، نتيجة سوء التغذية والجفاف، ونقص الدواء، وفق وزارة الصحة الفلسطينية.
وقال المكتب الإعلامي الحكومي في غزة إن ألف شاحنة يوميا، مطلوبٌ إدخالها إلى جميع المحافظات، خصوصا شمال القطاع، لوقف حرب الإبادة الجماعية، حسب بيان المكتب.
خيارات أميركية للمساعدات
وإزاء هذه التطورات الإنسانية الكارثية قال مستشار اتصالات الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي إن واشنطن تدرس عددا من الخيارات العسكرية والتجارية لنقل المساعدات إلى غزة عن طريق البحر. وحث كيربي في مؤتمر صحفي، إسرائيل على فتح مزيد من المعابر، وزيادة عدد شاحنات المساعدات التي تصل إلى غزة.
وأضاف كيربي أن وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) نفذت صباح أمس الثلاثاء عملية إنزال جوي أخرى للمساعدات الإنسانية إلى غزة، مع انضمام عدة طائرات أردنية إلى هذه الجهود.
وفي سياق الخيارات نقلت شبكة إن بي سي عن مسؤول أميركي أن إدارة بايدن تدرس خيارات أخرى لنقل المساعدات إلى غزة بما في ذلك احتمال بناء رصيف عائم أو جسر مؤقت قبالة ساحل القطاع لتمكين السفن من توصيل الإمدادات الإنسانية.
وقالت القيادة الوسطى الأميركية في وقت سابق إنها نفذت مع القوات الجوية الملكية الأردنية عملية إنزال جوي مشتركة للمساعدات الإنسانية في شمال غزة.
وأفاد بيان للقيادة الوسطى بأن طائرات من طراز سي 130 شاركت في عملية إنزال المساعدات تضمنت أكثر من 36 ألف وجبة. موجهة للمدنيين في شمال القطاع. وأضاف البيان أن البنتاغون يواصل التخطيط لتنفيذ عمليات إضافية، مشيرا إلى أن عمليات الإنزال الجوي للمساعدات الإنسانية تسهم في الجهود المستمرة التي تبذلها الولايات المتحدة وحكومات الدول الشريكة لتوفير المساعدة لسكان غزة.
من جانبه قال الجيش الأردني إنه نفذ 8 إنزالات جوية مشتركة مع دول صديقة وشقيقة، وصفها بالأكبرِ منذ بدء عمليات الإنزال.
وفي السياق قالت وسائل إعلام إسرائيلية إن بعض المساعدات الإنسانية التي تم إنزالها جوا شمال غزة أمس الثلاثاء، لم تصل إلى وِجهتها وسقطت على شاطئ زيكيم جنوبي إسرائيل.
ويجد السكان في مناطق شمال قطاع غزة صعوبات في الحصول على الطعام والمياه الصالحة للشرب، في ظل استمرار القصف الإسرائيلي ومنع دخول المساعدات.
وفي الطريق للحصول على بعض ما يسد رمقهم، وثق مواطنون فلسطينيون كانوا ينتظرون المساعدات عند دوار الكويت شرق مدينة غزة، استهداف قوات الاحتلال -بالقذائف والرصاص الحي- الأهالي أثناء وقوفهم في طوابير للحصول على المساعدات، مما أدى إلى سقوط شهداء وجرحى.