“شهادات مرعبة” ودعوات لوقف الحرب.. عشرات آلاف النازحين يفرون من الجحيم

9 مايو 2024آخر تحديث :
“شهادات مرعبة” ودعوات لوقف الحرب.. عشرات آلاف النازحين يفرون من الجحيم

يعيش مئات آلاف النازحين في رفح أجواء من الذعر والرعب، مع تكثيف هجمات الاحتلال الجوية والبرية والبحرية، على وقع أصوات هدير المدافع وقصف الطائرات وقذائف البوارج، بشكل متزامن مع تحليق طائرات الاستطلاع بطنين صوتها المزعج.

“القدس” تجولت في المدينة المهددة بالاجتياح البري، حيث بدا النازحون في عجلة من أمرهم، وهم يحزمون أمتعتهم وخيامهم، للانتقال إلى مراكز إيواء جديدة، بينما خلا ميدان العودة الأكثر ازدحاما وشارع رفح الرئيسي من المارة والسيارات وأغلقت المحلات التجارية أبوابها.

مع مرور “7 شهور” على العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، يتحسب سكان مدينة رفح جنوب القطاع من وقوع كارثة إنسانية في حال نفذّت إسرائيل تهديداتها بشنّ عملية عسكرية في المدينة، في ظل تفاقم أوضاع النازحين في رفح مع استمرار القصف الإسرائيلي وانعدام مقومات الحياة واضطرار الآلاف للمبيت في العراء أو في خيام لا تقي برد الشتاء وسط تفشي الأوبئة وانتشار الأمراض، مما تسبب بنزوح مئات العائلات شمالاً إلى وسط القطاع لتفادي القصف ووقوع مجازر، مع انعدام الخيارات المتبقية أمامهم.

شهادات من النازحين ..
يقول خليل عقل “٤٨ عامًا” لـ “القدس” دوت كوم: “قررت الانتقال أنا وأفراد عائلتي السبعة إلى مخيم النصيرات بالوسطى، لا ندري ماذا يخطط الاحتلال ضدنا، لا يمنعهم شيء من ارتكاب المزيد من المجازر والمذابح، وقتل الأطفال والنساء، وتدمير البيوت وحرقها”.

ويتابع عقل قائلا: “هذه هي المرة الرابعة التي نزحنا فيها بعد تدمير منزلنا في حي الشيخ رضوان بغزة، والانتقال إلى مستشفى الشفاء قبل اقتحامه ثم إلى مخيم خانيونس، قبل احتلال المدينة، حتى وصلنا رفح، ولا ندري ماذا سيحدث لنا بعد ذلك؟ سنذهب للمجهول”.

الغرب أكثر أمانا ..
أما المواطن صلاح حمتو “34 عامًا” فقد قرر الانتقال إلى مواصي رفح غربا، موضحاً أن قناعاته تتمثل بأن الاحتلال سيجتاح شرق وجنوب رفح ولن يجتاح غرب رفح حيث شاطئ البحر ولا شمالها حيث تقع مدينة خانيونس، لذلك قرر الانتقال مع زوجته وأطفاله الأربعة إلى منطقة الغرب الأكثر أمانا.

ويتابع حمتو قائلا لـ “القدس” دوت كوم: “لقد تعبنا من الترحال والنزوح، ولكننا يجب أن ننقذ أطفالنا ونساءنا، من هذا العدو المجرم الذي لم يحترم أية خطوط حمراء، وطالت جرائمه البشر والحجر والشجر، دون أن يحترم أية مواثيق أو معاهدات دولية”.

لن أترك منزلي ..
المواطن ماهر محمد “52 عامًا” من سكان حي تل السلطان، تحدث لـ “القدس” دوت كوم قائلا: “لن أترك منزلي مهما حدث، لن أبرح حارتي، وليحدث ما يحدث، سأبقى هنا أنا وأبنائي ولن أتزحزح قيد أنملة، ولو كتب الله لنا الشهادة فهي أمنيتنا أن نموت على أرضنا”.

وأوضح حماد “أن ما يجري هو محاولة إسرائيلية لخلق الرعب لدى الناس، من أجل الضغط على المقاومة، بتهديدنا وتخويفنا من أجل استعادة جنوده المخطوفين، وهذا يزيدنا اصرارا على التمسك ببيوتنا وأماكننا حتى النهاية”.

ماذا تريد إسرائيل منا ..
المواطنة ميرفت القايض “43 عامًا”، التي كانت نازحة في مدرس المضخة بمنطقة السلامة المحاذية لحي الجنينة شرق رفح، تحدثت لـ “القدس” دوت كوم، والدموع في عينيها بلهجة أقرب إلى البكاء: لماذا يحدث بنا هذا الشيء .. هربنا من حي الصبرة في أول الحرب إلى مخيم البريج ثم إلى خانيونس ثم إلى رفح .. أين سنذهب الآن وماذا ينتظرنا؟


وتابعت المواطنة التي كانت تركب عربة حصان تحمل حاجياتها وأمتعتها، مع زوجها وأطفالها الخمسة: أين العالم لماذا يتفرجون علينا .. ماذا تريد منا إسرائيل أكثر من ذلك، نحن نعيش لحظات من الخوف والرعب والجوع والفقر والدمار .. إلى متى؟

وحذر الحقوقي صلاح عبد العاطي، مدير مؤسسة “حشد” لحقوق الإنسان، في تصريح خاص بـ “القدس” دوت كوم، مما آلت إليه أوضاع النازحين المأساوية في رفح، في ظل ما يرد من تقارير حول خطط قوات الاحتلال توسيع هجومها العسكري واجتياح المدينة التي تستضيف أكثر من نصف سكان قطاع غزة، وقد بدأت بالفعل بعمليات قصف مكثفة طالت أماكن متفرقة من المدينة المكتظة.

وأكد عبد العاطي أن استمرار إبادة المدنيين وإجبار نحو 1.5 مليون مواطن على النزوح مجددا له تداعيات كارثية تدلل على الإمعان الإسرائيلي في المضي قدما في جريمة الإبادة الجماعية ضد شعبنا.

وعبر عبد العاطي عن تخوفه من وقوع مذبحة جديدة تطال ما تبقى من سكان القطاع في تجلِ واضح لجريمة إبادة جماعية مكتملة الأركان، وذلك بالنظر إلى القصف المروع بشتى أنواع الأسلحة من قوات الاحتلال، في ظل تجاهل إسرائيل لجميع الدعوات التي تحذر من العواقب الخطيرة للعملية البرية في رفح.

ودعا عبد العاطي إلى إجبار إسرائيل على وقف جريمة الإبادة الجماعية ومن ضمنها التهجير القسري وفرض وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وإلزامها بتطبيق قرارات محكمة العدل الدولية بمنع ارتكاب إبادة جماعية، ودفعها إلى اتخاذ تدابير عملية تحفظ أرواح المدنيين، ووقف جميع مخططاتها بالهجوم البري على مدينة رفح، كما دعا إلى المزيد من الضغط على إسرائيل لتسهيل وصول المساعدات الغذائية والطبية إلى جميع مناطق قطاع غزة.