حكومة نتنياهو ماضية في سياستها وإجراءاتها لضم الضفة الغربية سراً وعلانية

1 يوليو 2024آخر تحديث :
حكومة نتنياهو ماضية في سياستها وإجراءاتها لضم الضفة الغربية سراً وعلانية

قرارات وإجراءات رداً على توجّه السلطة إلى “الجنائية” و”العدل” الدوليتين
سموتريتش: شرعنة بؤرة استيطانية مقابل كل دولة اعترفت بدولة فلسطين
“الخارجية”: الهدف إغلاق الباب أمام أي فرصة لتجسيد الدولة الفلسطينية
د. أحمد عزم: ما يحدث نوع من “ابتزاز النكروبولتيكس” للتحكم بحياة الفلسطينيين وموتهم
صالح رأفت: على الجانب الفلسطيني ألا يلتزم من جانب واحد بالاتفاقيات مع إسرائيل
عصمت منصور: تجسيد لنظام الفصل العنصري “الأبارتهايد” تمهيداً للتطهير العرقي


صادق المجلس الوزاري الإسرائيلي للشؤون السياسية والأمنية (الكابينت)، مساء الخميس، على قرار بتوسيع الاستيطان في الضفة الغربية المحتلة، وإضفاء الشرعية على خمس مستوطنات، وتطبيق القانون الإسرائيلي في مناطق تسيطر عليها السلطة الفلسطينية إداريا، والدفع بمخططات لبناء 6 آلاف وحدة استيطانية جديدة في جميع أنحاء الضفة، إضافة إلى سلسلة من الإجراءات العقابية التي تستهدف السلطة الفلسطينية وقادتها.


وطرح وزير المالية في الحكومة الإسرائيلية بتسلئيل سموتريتش سلسلة عقوبات بينها اعتقال عدد من قادة أجهزة السلطة، وإبعاد بعضهم إلى الخارج، أو تقييد تحركاتهم وإلغاء التصاريح والمزايا المختلفة لبعض المسؤولين الفلسطينيين، ومنعهم من مغادرة البلاد. وفوق كل هذا، ترك نتنياهو لسموتريتش أن ينفذ خطته لتحطيم السلطة الفلسطينية مالياً، بواسطة حجب مزيد من أموال الضرائب والجمارك. وبعدما رضخ نتنياهو لمطالب وزير المالية، نشر الأخير بياناً بشّر فيه المستوطنين وغيرهم من نشطاء اليمين، بأنه نجح في تمرير قرارات تاريخية لمنع مشروع إقامة دولة فلسطينية.

قرارات وإجراءات انتقامية من السلطة الفلسطينية

وحسب وزير المالية في الحكومة الإسرائيلية، فإن هذه القرارات جاءت “رداً على إجراءات السلطة الفلسطينية في المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية في الأمم المتحدة، بما في ذلك أوامر اعتقال ضد مسؤولين إسرائيليين كبار”، والضغوط الدولية من أجل الاعتراف الأحادي بالدولة الفلسطينية من قبل عدة دول.


والبؤر الاستيطانية الخمس التي أعلن سموتريتش أن “الكابينت” صادق على جعلها قانونية تقع في مواقع استراتيجية في الضفة الغربية، وهي “أفيتار” المقامة في منطقة نابلس، و”سدي أفرايم”، و”غفعات أساف” في منطقة رام الله، و”حالتس” في المنطقة الواقعة بين الخليل وبيت لحم، إضافة إلى البؤرة الاستيطانية “أدوريم” في منطقة الخليل، جنوب الضفة.


وذكرت هيئة البث العام الإسرائيلية “كان ١١” أن مقترح سموتريتش يتمثل بشرعنة بؤرة استيطانية مقابل كل دولة اعترفت بدولة فلسطين منذ السابع من أكتوبر الماضي وهي (سلوفينيا وإسبانيا والنرويج وإيرلندا وأرمينيا).


وأدانت وزارة الخارجية الفلسطينية، الجمعة، مصادقة مجلس الوزراء الإسرائيلي المصغر “الكابينت” على تقنين وضع 5 بؤر استيطانية في الضفة الغربية، معتبرة الخطوة “تخريباً متعمداً” لحل الدوليتين.


وقالت الوزارة في بيان إنها “تدين بشدة شرعنة 5 بؤر استيطانية في الضفة الغربية، والدفع بمخططات لبناء آلاف الوحدات الاستيطانية الجديدة في أنحاء الضفة”.


وأضافت أنها “تنظر بخطورة بالغة لمواصلة الحكومة الإسرائيلية ارتكاب جريمة التوسع الاستيطاني وتعميق الأبرتهايد (الفصل العنصري)، بهدف إغلاق الباب أمام أي فرصة لتجسيد الدولة الفلسطينية”.

ابتزاز وحصار للفلسطينيين لردعهم عن المزيد من المواقف القانونية

وقال أستاذ العلوم السياسية في جامعتي بيرزيت وقطر د. أحمد جميل عزم في حديث خاص لـ”القدس” دوت كوم، إن قرارات الحكومة الاسرائيلية شرعنة خمس بؤر استيطانية، وفرض عقوبات جديدة على السلطة الفلسطينية، جنباً إلى جنب مع قرار الإفراج عن جزء من أموال المقاصة، وتمديد السماح للبنوك الإسرائيلية العمل مع البنوك الفلسطينية، هو نوع من “ابتزار النكروبولتيكس”، الذي يمكن فهمه على أنه “تتم عملية مفاوضات بين الإسرائيليين أنفسهم على الأقل منذ بداية الحرب على غزة في أكتوبر الفائت، حيث إنّ بتسلئيل سموتريتش ومعه إيتمار بن غفير، ممثلي الصهيونية الدينية في الحكومة، يسمحان بتمرير بعض القرارات التي تريدها الحكومة والجيش في الحرب أو تطلبه الإدارة الأمريكية فيما يتعلق بالعلاقة مع السلطة، مقابل مطالب في المستوطنات والقدس.


وأضاف: سموتريتش وافق على تحويل جزء غير واضح من قيمة أموال المقاصة، وتمديد زمني محدود بنحو أربعة أشهر للبنوك، مقابل فرض المزيد من القيود على حركة مسؤولي السلطة الفلسطينية وهدم مبانٍ ومعالم في مناطق تحت سيطرة السلطة، بحيث يأخذ المزيد من المكاسب بعد أشهر، وقبل أن يترك منصبه وزيراً للمالية، بموجب اتفاق الائتلاف الحكومي، إذ سيفاوض على أخذ المزيد مقابل تمديد آخر لعمل البنوك أو للإفراج عن أموال.


وأكد أستاذ العلوم السياسية أن ما يحدث أولا هو نوع من الابتزاز الداخلي الإسرائيلي الإسرائيلي، وبشكل أكثر وضوحاً إسرائيلي أمريكي. وهو ابتزاز وحصار للفلسطينيين، بحيث يحاول ردعهم عن المزيد من المواقف القانونية.
ولفت عزم إلى أن هناك الآن أنباء عن تحديد الطعام في السجون للأسرى بنحو 1800 سعرة حرارية، ويعطى الأسرى طعام رديء مقلص لكن يؤمن هذه السعرات التي تبقيهم أحياء لكن ضعفاء ومعرضين للموت البطيء والمرض.


وقال: “قرارات الحكومة الأخيرة شبيه بذلك، إعطاء الفلسطينيين القليل القليل لئلا يحدث انهيار مفاجئ، بل موت بطيء، خصوصاً للسلطة أو أي سلوك كياني فلسطيني، مقابل قضم جزء أكبر من الحقوق”.

مواجهة قرارات الاحتلال بوحدة وطنية واستراتيجية مواجهة شاملة

وفي نهاية حديثه، شدد عزم على أن ما يحدث يتطلب مواجهة وفق وحدة وطنية، واستراتيجية مواجهة شاملة، يقرها مجلس وطني يلتئم لأخذ قرارات حقيقية، ويجمع مختلف القوى الفلسطينية.


وأوضح عزم أن سياسة “النكروبولتيكس” هي ما يعرف بسياسة الموت، أي أن يتحكم المستعمر بالحياة والموت، يقرر ما يريد، ويعطي ما يسمح باستمرار الحياة خوفاً من عواقب سيئة، لكن دون أن يسمح هذا للطرف الآخر بأن يرتفع فوق مستوى البقاء البيولوجي مع ضعف وإرهاق مستمرين.

رأفت: هم لا يعترفون بوجود سلطة وطنية فلسطينية

بدوره، أشار عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صالح رأفت في حديثه لـ”القدس” دوت كوم، إلى أن “هذه القرارات تعني بكل وضوح أنهم يريدون استيطان معظم مناطق الضفة الغربية فيما يسمى مناطق “ب” و”ج”، وأيضاً اقتحام مناطق “أ” بكل محافظات الضفة الغربية.


وأضاف: عملياً بهكذا قرارات هم لا يعترفون بوجود سلطة وطنية فلسطينية. ولذلك كل هذه القرارات التي اتُّخذت من قبل المجلس الإسرائيلي مرفوضة رفضاً باتاً من قبل القيادة الفلسطينية في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية. وندعو شعبنا في كل محافظات الضفة الغربية وفي المقدمة بالقدس الشرقية المحتلة للتصدي لكل هذه الإجراءات الإسرائيلية على الأرض بكل أشكال المقاومة الشعبية، وندعو إلى تشكيل لجان حماية وطنية في كل البلدات، والقرى، والمخيمات، والمدن من القوى السياسية والمنظمات الأهلية ومن المؤسسات الرسمية، بما في ذلك المؤسسات الأمنية، للدفاع عن أهلنا في كل هذه المناطق، أمام اعتداءات المستوطنين وجيش الاحتلال الإسرائيلي.


وتابع: يريدون فتح كل مناطق “ب” و”ج” للاستطيان الإسرائيلي، وهذا خطر جدا فهم لا يعترفون بدولة فلسطين، كما أنهم نسفوا كل الاتفاقيات التي كانت بين السلطة الوطنية الفلسطينية وإسرائيل، لذلك على الجانب الفلسطيني أن لا يلتزم من جانب واحد بهذه الاتفاقيات وعلينا التصدي لكل هذه الإجراءات التي أعلنت عنها إسرائيل.

منصور: إضعاف السلطة الفلسطينية وإضعاف دورها وصلاحياتها

وفي حديث لـ”القدس” دوت كوم، قال المختص في الشؤون الإسرائيلية عصمت منصور حول قرارات الكابينيت إن “هذه القرارات ينظر لها على أنها تتويج لسياسة سموترتش واليمين في إسرائيل بالسيطرة على الضفة، وإضعاف السلطة الفلسطينية، وإضعاف دورها وصلاحياتها، وإضعاف قدرتها على الأداء بمهماتها.


وأضاف: عملياً هي تجسيد لنظام “الأبارتهايد” القائم على أساس سيطرة كاملة إسرائيلية مدنية وأمنية على مناطق “ج”، وتغول على مناطق “ب” ومحاولة تقليل الوجود الفلسطيني فيها، والضغط على الفلسطينيين قدر الإمكان معيشياً من أجل دفعهم إلى الرحيل. بمعنى هناك برنامج قائم أو خطة وخطوات قائمة من أجل التضييق على الوجود الفلسطيني ودفعهم إلى الرحيل وحصرهم في الأماكن التي يعيشوا فيها. باختصار إسرائيل تقوم بتطهير عرقي.


وتابع: اليوم نشهد شوارع منفصلة بين المستوطنين والفلسطينيين في الضفة بسبب السابع من أكتوبر والتذرع فيه والخطر الأمني الذي تتحدث فيه الحكومة الإسرائيلية، فابقوا لهم الشوارع الرئيسية وحولونا إلى شوارع فرعية وعرة وطويلة وغير مؤهلة، لذلك هذه القرارات تعطي دفعة سياسية ومباركة من الحكومة لهذه المشاريع.


وفي رد على سؤال حول ما يعنيه نقل السلطة الإدارية في مناطق “ب” و”ج” من أيد عسكرية إلى أيد مدنية، أجاب منصور: “في السابق كانت الذرائع أن هذه الإجراءات مؤقتة وهي لدواعٍ أمنية تأتي في إطار النشاط الذي يقوم به الجيش الإسرئيلي ومواجهة العنف والإرهاب كما يدعون، أما اليوم فإن أي قرار في هذه المناطق هو للسياسيين والجهات المدنية، وهو ما يعني أن هذه الصيغة دائمة، هذا أمر له واقع وبُعد سياسي، ولذلك كل الذرائع السابقة الآن سقطت.