في جلسة على مستوى وزاري حول الشرق الأوسط بما فيها القضية الفلسطينية، افتتح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الاجتماع، بكلمة الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، حيث تلاها بالنيابة عنه رئيس ديوانه، كورتيناي راتراي. وتضم قائمة المتحدثين 70 مندوبا.
وقال الأمين العام في بداية كلمته إن الأعمال العدائية في غزة وإسرائيل، منذ كانون الأول/ ديسمبر خلفت معاناة إنسانية مروعة، ودماراً مادياً، وصدمة جماعية، “وهو ما أدى إلى احتجاجي الاستثنائي وتفعيلي للمادة 99 من ميثاق الأمم المتحدة. وبعد سبعة أشهر، لا تزال الحرب مستمرة، حيث قتل أكثر من 38 ألف فلسطيني، بحسب وزارة الصحة في غزة، ونحو 87 ألف جريح وآلاف المفقودين، كثير منهم من النساء والأطفال”.
ومن إسرائيل، قال الأمين العام، لقد قتل أكثر من 1500 إسرائيلي وأجنبي وفقًا لمصادر إسرائيلية – مع إصابة أكثر من 7000 آخرين وما زال 125 رهينة محتجزين في غزة.
وقال غوتيريش في كلمته إن نظام الدعم الإنساني في غزة يقترب من الانهيار التام. هناك انهيار كامل للنظام العام وشبح امتداد الصراع الإقليمي يزداد يوماً بعد يوم، مع استمرار تبادل إطلاق النار عبر الخط الأزرق بين حزب الله وإسرائيل، “لا شيء يمكن أن يبرر الأعمال الإرهابية المروعة التي ارتكبتها حماس وغيرها من الجماعات المسلحة في إسرائيل يوم 7 تشرين الأول/أكتوبر ولا شيء يمكن أن يبرر العقاب الجماعي للشعب الفلسطيني”.
وأضاف الأمين العام قائلا إن العمليات العسكرية الإسرائيلية اشتدت في الأسابيع الأخيرة في أنحاء غزة. ورفح في حالة خراب، وما زال معبر رفح مغلقا، مما يزيد من عرقلة العمليات الإنسانية لقد تم تهجير ما يقرب من مليوني شخص، أي ما يقرب من جميع سكان غزة، والعديد منهم تم تهجيرهم عدة مرات، “لا يوجد مكان آمن في غزة”. وقال إن شراكة التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي تؤكد أن ما يقرب من نصف مليون شخص يواجهون مستويات كارثية من انعدام الأمن الغذائي الحاد. والأمراض المعدية آخذة في الارتفاع، وأدت الاختناقات على إمدادات الوقود إلى الحد بشدة من إمكانية الحصول على المياه والصرف الصحي والنظافة والخدمات الصحية، ولا تزال الأمم المتحدة ملتزمة بتقديم المساعدات المنقذة للحياة في غزة. ولكنها تواجه تحديات شديدة ومخاطر مميتة. وفي كثير من الأحيان، لا تتمكن القوافل الإنسانية من جمع وتوزيع السلع المنقذة للحياة بأمان – بما في ذلك من معبر كرم أبو سالم الحيوي. كما تستمر الهجمات على العاملين في مجال الإغاثة الإنسانية والملاجئ، فضلاً عن الغارات على المرافق الصحية والإنسانية أو بالقرب منها، وتنتشر الفوضى والجريمة. ودعا جميع الأطراف إلى تغيير سلوكها بشكل جذري وعاجل لمواجهة هذه التحديات، “إن نظام الإخطار الإنساني وآليات التنسيق الأخرى ليست فعالة، مما يؤدي إلى تأخير وإجهاض بعثات المساعدة وتعرض العاملين في المجال الإنساني لخطر مميت”.
وقال الأمين العام، على لسان رئيس ديوانه، إن الضفة الغربية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، تواجه ظروفا محفوفة بالمخاطر، وأشار إلى أن أكثر من 550 فلسطينيا قتلوا منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر – من بينهم 138 طفلا – معظمهم على يد القوات الإسرائيلية، في حين قتل 22 إسرائيليا، من بينهم تسعة من قوات الأمن الإسرائيلية. وبالإضافة إلى ذلك، فإن الإجراءات الإسرائيلية تقوض السلطة الفلسطينية، وتشل الاقتصاد الفلسطيني وتؤدي إلى انعدام الاستقرار وتسريع التوسع الاستيطاني بشكل كبير. وقال: “إن التطورات الأخيرة تغرز سكينا في قلب أي احتمال للتوصل إلى حل الدولتين. إن جغرافية الضفة الغربية المحتلة تتغير بشكل مطرد من خلال الخطوات الإدارية والقانونية الإسرائيلية”. وحذر من إحدى هذه الخطوات التي تدعو إلى نقل سلطات في الضفة الغربية المحتلة إلى نائب مدني في الإدارة المدنية الإسرائيلية، وهو ما وصفه الأمين العام بأنه خطوة أخرى نحو بسط السيادة الإسرائيلية على هذه الأرض المحتلة. وقال” “إذا تركت هذه التدابير دون معالجة، فإنها تهدد بالتسبب في أضرار لا يمكن إصلاحها”.
وقال غوتيريش: “يجب علينا تغيير المسار، ويجب أن تتوقف جميع الأنشطة الاستيطانية على الفور. فالمستوطنات الإسرائيلية تشكل انتهاكا صارخا للقانون الدولي وعقبة رئيسية أمام السلام، ويجب أن ينتهي العنف، ويجب تقديم مرتكبي العنف إلى العدالة بسرعة. ويجب على إسرائيل أن تضمن سلامة وأمن السكان الفلسطينيين”. وأكد أن الأمم المتحدة لن تدخر جهدا في توصيل المساعدات الإنسانية إلى الفلسطينيين في غزة وتأمين إطلاق سراح جميع الرهائن الذين تحتجزهم حماس والجماعات الفلسطينية المسلحة الأخرى، “نحن بحاجة إلى وقف فوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية والإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن” . ودعا إلى استمرار المفاوضات التي تقوم بها مصر وقطر والولايات المتحدة، لصياغة الاتفاق وتواصل عملية إطلاق سراح الرهائن ووقف إطلاق النار مع تسجيل بعض التقدم، “يجب على الأطراف التوصل إلى مثل هذا الاتفاق الآن. إن الوضع الإنساني في غزة يشكل وصمة عار أخلاقية علينا جميعا ويجب احترام القانون الإنساني الدولي – في جميع الأوقات ومن قبل جميع الأطراف”.
منصور: قولوا لنا كيف يمكن وقف نتنياهو المصمم على استمرار القتل؟
بعد كلمة ممثل الأمين العام، أعطى لافروف الكلمة للسفير رياض منصور، المراقب الدائم لفلسطين لدى الأمم المتحدة، والذي استعرض الإجراءات الإسرائيلية منذ عام 1948، مرورا بعام 1967 وحتى الوقت الحاضر، مروروا بالحرب على لبنان عام 1982 والهجومات المتكررة على غزة منذ عام 2006 وحتى عام 2022.
وقال: “إن إسرائيل على مر العقود لجأت إلى الوسائل العسكرية بهدف تدمير القضية واستخدمت العنف ضد أمة بأكملها لتجنب الحل الوحيد الممكن وهو الحرية للشعب الفلسطيني والسلام للجميع”. وذكر منصور أن السبب في سلوك إسرائيل هذا هو مراهنتها على أنها ستفلت دائما من المحاسبة. وأكد السفير الفلسطيني على ضرورة أن تكون هذه المرة هي الاستثناء.
وتطرق رياض منصور إلى القرار الذي اعتمده مجلس الأمن (2735) المتعلق بالوقف الفوري لإطلاق النار، وقال “إنه لن يعيد الأرواح التي فُقدت أو الأطراف التي بُترت لكنه سينقذ الأرواح ويؤدي إلى الإفراج عن الرهائن ووقف التصعيد. لكن (رئيس الوزراء الإسرائيلي) نتنياهو لا يهتم بأرواح المدنيين الفلسطينيين أو حتى أرواح الرهائن، ولا يهتم بالقانون الدولي أو اللياقة الإنسانية. إنه يهتم فقط ببقائه السياسي. فما الذي ستفعلونه لضمان أنه ليس من يتخذ القرارات؟”.
ودعا السفير منصور أعضاء المجلس إلى اتخاذ كل الخطوات الضرورية للوصول إلى هدف تحقيق السلام والازدهار المشتركين. وأضاف” ابدأوا اليوم. عززوا الذين يسعون إلى تحقيق السلام بدلا من أن تُسلحوا من يسعون إلى الإبادة. افرضوا العقوبات على من يحتلون بدلا من السماح لهم بمعاقبة من يعارضون اقتلاع المجتمعات وتشريدها. احموا الضحايا بدلا من الجناة. اعترفوا بالدولة الفلسطينية بدلا من أن تشهدوا تدمير حل الدولتين”.
ودعا الأعضاء أيضا إلى العمل لتحقيق “الحل المعروف لهذا الصراع السياسي” بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي وعدم الانتظار حتى يتحول الصراع إلى حرب دينية لا تنتهي. وأكد أن الشعب الفلسطيني لن يقبل أبدا التخلي عن حقوقه، وأن السلام لن يتحقق على حساب حقوق الفلسطينيين في الحياة والحرية والكرامة.
ممثل الكيان الإسرائيلي: إيران هي المشكلة
استهل السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة جلعاد إردان كلمته بالقول إن غدا يوافق الذكرى الثلاثين لمهاجمة عملية مشتركة بين إيران وحزب الله مركزا مجتمعيا يهوديا في بوينس أيريس بالأرجنتين مما أدى إلى مقتل 85 شخصا وإصابة المئات. وأضاف أن ذلك يجب أن يكون تذكرة بسعي إيران “لقتل اليهود في كل مكان” وبأنها قادرة على العمل على المستوى الدولي لتحقيق ذلك. وقال: “وها نحن اليوم نجتمع لبحث الوضع الأمني في الشرق الأوسط، وبدلا من التركيز على جذر المشكلة، سيركز المجلس على العَرَض وليس السبب”. ووصف إيران بأنها “دولة مارقة وفاشلة، تخذل شعبها منذ عام 1979 عندما أطلقت ثورة لم تؤد سوى إلى الدمار”. واتهم إيران بالتورط في جميع الصراعات الكبرى في الشرق الأوسط.
ورفع السفير الإسرائيلي صورة قال إنها لساعة رقمية للعد التنازلي في طهران تظهر عدد الأيام المتبقية حتى يتم تدمير إسرائيل عام 2040 . وقال إن العالم إذا تجاهل هذه الدعوة العلنية لتدمير إسرائيل فقد تكون دوله أخرى هي التالية.
وطالب إردان باتخاذ إجراءات بهذا الصدد، وشدد على ضرورة عدم عقد أي اجتماعات مع المسؤولين الإيرانيين حتى يزيلوا هذه الساعة ويتوقفوا عن دعم وتمويل الإرهاب ويتوقفوا عن الدعوة لتدمير إسرائيل. وقال إن إيران هي أكبر تهديد للاستقرار الدولي.