في أول خطاب منذ إعلان انسحابه من سباق الانتخابات الرئاسية، قال الرئيس الأميركي جو بايدن إن “إنقاذ ديمقراطيتنا” كان “أكثر أهمية من أي لقب”.
وقال بايدن خلال خطاب ألقاه في المكتب البيضاوي (في البيت الأبيض)، أن خياره المضني بالتنحي، والذي جاء فقط بعد أسابيع من الضغط من زملائه الديمقراطيين، تم اتخاذه مع وضع مصلحة حزبه وبلاده في الاعتبار.
وقال الرئيس “أن سجلي كرئيس، وقيادتي للعالم، ورؤيتي لمستقبل أميركا، كلها تستحق فترة ولاية ثانية. وقال بايدن: “لكن لا شيء – لا شيء – يمكن أن يقف في طريق إنقاذ ديمقراطيتنا، وهذا يشمل الطموح الشخصي”. “إن أفضل طريقة للمضي قدمًا هي نقل الشعلة إلى جيل جديد. هذه هي أفضل طريقة لتوحيد أمتنا”.
وبلهجة متواضعة وصوت مبحوح تحدث من وراء “المكتب الحازم” (المنضدة التي يعود تاريخاها إلى منتصف القرن التاسع عشر)، تحدث بايدن عن التاريخ وعن اللحظة الحالية، في محاولة للرد على المنتقدين الذين يقولون إنه يجب عليه الاستقالة من منصبه الآن وإنقاذ الإرث الذي تلوث كثيرا في الشهر الماضي.
ولم يقل الرئيس، البالغ من العمر 81 عامًا وهو أكبر شخص (سنا) يشغل هذا المنصب، صراحةً أنه استقال بسبب صحته أو أن استطلاعات الرأي تظهر أنه من المرجح أن يخسر، واعترف فقط بأنه تنحى “لتوحيد حزبي”.
وأكد بايدن للأمة المترقبة أنه يقول الحقيقة، وذلك ردًا على أسابيع من الأسئلة حول ما إذا كان هو ومساعدوه قد أخفوا الحقيقة بشأن صحته وضعفه المتزايد أثناء سعيه لولاية أخرى مدتها أربع سنوات. وقال بايدن: “عندما تم انتخابي، وعدت بأن أكون معكم دائمًا، وأن أخبرك بالحقيقة، والحقيقة هي أن القضية المقدسة لهذه الأمة أكبر من أي واحد منا.”
وعلى عكس إعلان الرئيس السادس والثلاثون ، ليندون جونسون في آذار 1968 أنه لن يسعى لولاية ثانية، وهي المرة الأخيرة التي فعل فيها رئيس ذلك، كان خطاب بايدن يفتقر إلى أي عنصر مفاجأة حقيقي. لكن الخطاب يمثل أول كلمات منطوقة للرئيس بشأن قراره بإلغاء حملة إعادة انتخابه منذ أن نشر الأخبار على منصة X يوم الأحد، بينما كان لا يزال معزولًا في منزله على شاطئ ديلاوير بعد أن ثبتت إصابته بـوباء كورونا .
وكان هدف خطابه في وقت الذروة تقديم تفسير أعمق وأكثر شخصية للبلاد من رسالته المكتوبة الأولية، فضلا عن دعوة لحشد الدعم لنائبة الرئيس كامالا هاريس، وبديلته كمرشحة ديمقراطية، وإرثهما المشترك.
واشاد بايدن بهاريس ووصفها بـامتلاك “الخبرة” اللازمة و”الصارمة” وأنها “قديرة”.
وقال بايدن “هناك وقت ومكان لأصوات جديدة، أصوات جديدة – نعم، أصوات أصغر سنا. وأضاف: “هذا الزمان والمكان هو الآن.
وأشار إلى عدد من الإنجازات، بما في ذلك عدم وجود قوات أميركية في مناطق الصراع، فضلاً عن أولوياته للفترة المتبقية من ولايته، بما في ذلك الضغط من أجل “إنجازه” الخاص بعلاج للسرطان وإصلاح المحكمة العليا.
وقال: “خلال الأشهر الستة المقبلة سأركز على القيام بعملي كرئيس”. “وهذا يعني أنني سأستمر في خفض التكاليف للعائلات التي تعمل بجد وتنمية اقتصادنا. سأواصل الدفاع عن حرياتنا الشخصية وحقوقنا المدنية – من حق التصويت – إلى حق الاختيار”.
وتبنى الرئيس، في خطابه الذي استمر 12 دقيقة، إرثاً باعتباره “باني الجسور” أي الموحد للأفكار والمتجاوز للتناقضات كما تعهد بأن يكون قبل أربع سنوات. لكن الخطاب جاء أيضًا في وقت مضى فيه الحزب والأمة مذهولون بهاريس، التي أخذت العصا وركضت بها بطريقة لم يعد بإمكان بايدن القيام بها.
وأثار التغيير على رأس القائمة الديمقراطية الانتخابية (لهاريس) حالة من النشوة بين في أوساط الحزب الذي كان قبل بضعة أيام فقط يبدوا منقسما وتجتاحه الفوضى . وتلقت هاريس سيلًا كبيرًا من التأييد والحماس ومساهمات المانحين الجدد التي لم تكن موجودة له على الإطلاق.
بطريقة ما، قد يكون عدم السعي للحصول على فترة ولاية ثانية هو القرار الأكثر شعبية الذي اتخذه بايدن كرئيس. حيث أظهر استطلاع أجرته شبكة CNN/ORC سي.إن.إن يوم الأربعاء أن 87 بالمائة من جميع الناخبين المسجلين وافقوا على قراره بإنهاء حملته.
وفي حين صاغ بايدن قراره كمثال على السياسي الذي يضع بلاده فوق طموحه، فقد أوضحت الأسابيع الثلاثة الماضية أنه كان يريد البقاء في السباق. لقد أصبح فقط الشخصية الانتقالية التي وعد بها في عام 2020 بعد أن انهار طريقه إلى الفوز في انتخابات عام 2024 بعد أدائه الكارثي في المناظرة في 27 حزيران الماضي والدعوات التي تلت ذلك من عشرات الديمقراطيين لمرشح جديد بحسب الخبراء.
وقال بايدن: “لقد أعطيت قلبي وروحي لهذه الأمة، مثل كثيرين آخرين”، واصفا أميركا بأنها “أمة الوعد والإمكانيات”.
وتابع: “الشيء العظيم في أميركا موجود هنا، والملوك والطغاة لا يحكمون”.
ولم يذكر بايدن ترامب بالاسم. ولكن كما فعل منذ أكثر من عام، تحدث مرة أخرى عن الانتخابات المقبلة باعتبارها “نقطة انعطاف”.
وحملت كلماته الختامية طابع الوداع للشعب الأميركي.