ذكرت صحيفة هآرتس أن الاحتلال الإسرائيلي أكمل عملية ضم أجزاء واسعة من الضفة الغربية، خاصة مناطق “ج”، من خلال تحركات إدارية غير معلنة، دون الحاجة إلى إصدار قرارات رسمية أو تشريعات في الكنيست. وأوضحت أن التصويت الأخير في الكنيست على إعلان “السيادة الإسرائيلية” على الأراضي الفلسطينية لا يمثل بداية عملية الضم، وإنما هو محاولة للتغطية على واقع الضم الذي تم تنفيذه منذ سنوات عبر إجراءات متدرجة ومستقرة على الأرض.
وأشارت الصحيفة إلى أن هذا الإعلان لا يشكل تغييرا قانونيا جوهريا، بل هو بمثابة “ستارة دخان” تخفي حقيقة أن الاحتلال قد ضم فعليا أجزاء من مناطق “ج” من خلال تغييرات إدارية وأمنية، دون إصدار أي تشريع رسمي. وأكدت أن المفهوم القانوني للضم يمكن أن يتحقق عبر الواقع الفعلي على الأرض، وهو ما أكدته محكمة العدل الدولية في رأيها الصادر في يوليو 2024، حيث اعتبرت أن الضم يمكن أن يتم دون إعلان صريح إذا ما تم عبر السيطرة الفعلية على المناطق.
وفي سياق الإجراءات، نقلت حكومة الاحتلال صلاحيات إدارة الضفة الغربية من الجهاز العسكري إلى الوزارات المدنية، مثل وزارات النقل والتعليم والزراعة، مما أدى إلى تقليل دور الجيش وتحويله إلى جهة تنفيذية ثانوية. كما تم تعيين شخصيات من المستوطنين في مناصب إدارية حساسة، مما يعزز السيطرة المدنية على المناطق المحتلة ويقربها من منظومة القانون الإسرائيلي.
ومن بين الخطوات المهمة التي أوردتها الصحيفة، حل المكتب المستقل للاستشارة القانونية في الجيش وإخضاعه للسيطرة السياسية، الأمر الذي يمثل نقلة نوعية في نقل الصلاحيات من القيادة العسكرية إلى الوزارات المدنية. بالإضافة إلى ذلك، جرى تحويل الميزانيات، وتغيير مبادئ التخطيط، وتسريع إجراءات الترخيص، وتطوير البنى التحتية لصالح المستوطنات، مما أدى إلى دمجها بشكل تدريجي في منظومة القانون المدني الإسرائيلي.
الاحتلال نفذ ضم مناطق الضفة الغربية بشكل فعلي دون الحاجة إلى إعلان رسمي، عبر إجراءات إدارية متدرجة.
ورأت الصحيفة أن إعلان الكنيست الأخير ليس تغييرا جوهريا، بل هو امتداد لعملية “هندسة وعي” تهدف إلى تمكين الطبقة السياسية من إنكار حقيقة الضم، طالما لم يصدر إعلان رسمي، وتغطية الدور الذي تلعبه المؤسسات القضائية والإدارية في تسهيل هذا الواقع. وحذرت من أن استمرار الضم، رغم مخالفته القانون الدولي، قد أسس نظاما مؤسس على التمييز، حيث تُدار المناطق وفق منظومتين قانونيتين مختلفتين، واحدة لليهود وأخرى للفلسطينيين، دون منح الحقوق المدنية للفلسطينيين، ضمن تمييز ممنهج في الموارد والتمثيل.
وربطت الصحيفة بين هذا الوضع ونظام الفصل العنصري، حيث يحكم الاحتلال مجموعتين سكانيتين في منطقة واحدة بمنظومتين قانونيتين وتمثيل سياسي متفاوت، مما يعكس نمطا من التمييز المنهجي في الحقوق والموارد.