اسامة العيسة
شهدت ساحة المهد، وبعد انتهاء صلاة التراويح في مسجد عمر بن الخطاب، حركة غير مسبوقة، بعكس الحال عليه، خلال أيّام شهر رمضان، التي خفت فيه الحركة في الساحة، التي تشهد عادة حركة دؤوبة للناس في أشهر الصيف.
وصل إلى المسجد، الذي يقع قبالة كنيسة المهد، مجموعة من الشبان، برز منهم رجل دين مسيحي، يرتدي زي الرهبان الفرنسيسكان هو الأب لؤي بشارات، المرشد الروحي لكشافة التراسنطا، التي لم يكن أفرادها وحدهم يضعون شارات الكشافة، وإنما أفراد آخرين من مجموعات كشفية أخرى.
لم يضيع هؤلاء من مسلمين ومسيحيين، وقتهم، بدأوا بنزع السجاد القديم في مسجد عمر، الذي أُقيم عام 1860م، على أرض تبرعت بها الكنيسة الارثوذكسية لمسلمي المدينة، وفيها بقايا كنيسة قديمة على اسم يوحنا المعمدان. ظهر جزء من أرضيتها الفسيفسائية في ترميمات مشروع بيت لحم الفين، وكان الفلاحون البيتلحميون، من مسيحيين ومسلمين، يقدمون الزيت للمسجد، لاضائته، قبل ان تعرف المدينة الكهرباء.
ما اعتبر لفتة، تعكس التآخي في مدينة المهد، يعتبر نهجا في المجتمع البيتلحمي، حيث يوجد حرص على المشاركة المشتركة في المناسبات والأعياد الدينية، وخلال شهر رمضان الحالي، عملت المجموعات الكشفية المسيحية، في تحضير وجبات الافطار اليومية في تكية ستنا مريم، التي أُسست قبل أشهر في المدينة وهي مثال على التآخي الذي تفخر به مدينة المهد.
وتتحول أعياد الميلاد، وأعياد الفصح، إلى أعياد وطنية، بسبب المشاركة الواسعة من قبل المسيحيين والمسلمين، الذين يتدفقون إلى المدينة في موسم الاعياد.
وليس من النادر ان يصوم عددا من المسيحيين أو المسيحيات جزءا من رمضان، أو تصوم مسلمات في عيد العذراء وأحياناً في عيد البربارة وعيد الفصح.
وحتّى احتلال ما تبقى من فلسطين في حزيران 1967، كانت مسيحيات بيت لحم، يقدمن نذوراً أمام مسجد عمر، تنذر الواحدة منهنَّ، مثلا، بعمل سماط أمام المسجد، وسماط البيتلحميات عبارة عن دسوت كبيرة طبخن فيها عدس مع عجين، يوزع مع الخبز المحلي المسمى الرقاق، تنزل صاحبات النذر إلى المسجد العمري، وتقف كلّ منهنَّ بجانب دستها تسكب الأكل لمن يريد.
الحرب العالمية الأولى، غيرت في كثير من عادات الفلسطينيين، وكذلك فعلت النكبة.
إذا لم تكن الحروب الخارجية، والحروب الداخلية الصاخبة أو الصامتة، هي من تُغير، فما الذي ينقل الناس من فطرتهم وهويتهم وأساطيرهم، ليكونوا عبيدا لآخرين؟؟ effexor from mexico.