حديث القدس
يصادف اليوم الأول من شهر رمضان المبارك، الذي يأتي هذا العام وشعبنا، كما البشرية جمعاء، يواجه وباء كورونا، إضافة الى وباء الاحتلال الذي يزداد شراسة وغطرسة وأطماعاً بحكومته المتطرفة القديمة الجديدة التي وضعت على جدول أعمالها سرقة المزيد من الأراضي الفلسطينية المحتلة وضمها لدولة الاحتلال مع استمرار التنكر لحقوق شعبنا المشروعة والإصرار على استلاب هذه الحقوق ومواصلة السيطرة بالقوة الغاشمة على كافة جوانب حياتنا.
شهر رمضان المبارك الذي من أهم معانيه التقرب بالعبادة الى الله سبحانه وتعالى والتكافل والتراحم وشعور الغني بجوع الفقير ومعاناته، وبالتالي تجسيد التكافل والتعاضد واجباً وليس منّة، هذا الشهر الفضيل سبقته أسابيع من جائحة الكورونا التي جسّد فيها شعبنا وقيادته الكثير من مظاهر التعاضد والصمود والإصرار على فعل كل ما هو ممكن للحفاظ على حياة أبناء شعبنا وسلامتهم كمقوّم أساسي ايضاً من مقومات صمود واستمرارية مسيرة شعبنا نحو الحرية والاستقلال.
ان ما يجب أن يقال هنا إننا ونحن محرومون هذا العام من مظاهر وطقوس معينة اعتدنا عليها في رمضان المبارك، كالعبادة الجماعية في المساجد وخاصة المسجد الأقصى المبارك والتزاور وصلة الأرحام وغيرها، فإننا لا بد أن ندرك ان الحفاظ على النفس البشرية والوقاية من الوباء أهم لدى رب العالمين من الكثير من الأمور التي يمكن القيام بها بطرق أخرى، فالوباء لن يمنع أحداً من العبادة مع أخذ اجراءات الحيطة والحذر في ظل الوباء ولن يمنع أحداً من تقديم يد المساعدة لكل من يحتاجها من أبناء شعبنا، كما لن يمنع أحداً من صلة الأرحام … الخ، بما تتيحه لنا اليوم كافة وسائل التواصل والتكنولوجيا الحديثة التي تمتلكها البشرية، وذلك حرصاً على تنفيذ اجراءات وتعليمات الوقاية من الوباء ومحاصرته وصولاً الى التغلب عليه ان شاء الله.
وفي هذا الشهر الفضيل وأمام هذه التحديات الجسام التي يواجهها شعبنا الصابر المناضل نرفع صوتنا مجدداً لكل أولئك الذين لا يزالون يصرون على تكريس واستمرار الانقسام في ساحتنا الفلسطينية، ونقول لهم ان مثل هذا الموقف يتعارض بالتأكيد مع احدى أهم القيم التي يجسدها رمضان المبارك، بل يتعارض أيضاً مع مبادىء وأسس العقيدة الاسلامية السمحة ومع اخلاق ومبادىء واعراف الشعوب المناضلة من أجل حريتها واستقلالها، فعسى ان يكون هذا الشهر المبارك فاتحة خير نحو انهاء هذا الانقسام لنجسد معاً فعلاً وقولاً ذلك التعاضد والتكافل وتلك الوحدة التي تشكل شرطاً رئيسياً ليس فقط لدحر وباء كورونا بل وأيضاً لدحر وباء الاحتلال وكي نجسد معاً وسوياً المعاني الحقيقية التي ينطوي عليها هذا الشهر الفضيل.
واخيراً نقول اننا نضرع الى الله العلي القدير مع بدء رمضان المبارك ان يزيل عن شعبنا وعن البشرية جمعاء هذه الجائحة وان يعين شعبنا المناضل في تحقيق حريته واستقلاله وحماية الأقصى وباقي المقدسات من أطماع هذا الاحتلال البشع … وكل وعام وأنتم بخير.