“أنتيفا”… هل هي العدو القادم لأمريكا؟!

بقلم:الدكتورة أماني القِرِم

تنهال الاتهامات من قبل الادارة الأمريكية على حركة يسارية تدعى ” أنتيفا ـ ANTIFA” – اختصار لـ “ضد الفاشية ـــــ Anti-Fascist” – كمسبب للفوضى والعنف الذي صاحب موجة الاحتجاجات العرقية في الولايات المتحدة إثر مقتل جورج فلويد على يد شرطي أبيض.

يتصدر حملة توجيه الاتهامات الرئيس الأمريكي ترامب الذي أعلن نيته تصنيف الحركة في قائمة الارهاب المحلي. وقد صاحب إعلانه هذا جدل قانوني أمريكي حول امكانية أو استحالة تنفيذ الامر تبعاً لنصوص الدستور الامريكي أولاً، ثم لماهية وطبيعة الحركة نفسها ثانيًا، حيث أن “أنتيفا” التي تجتاح وسائل الاعلام حاليًا حركة هلامية سرية لا تمتلك زعيما أو هيكلاً تنظيميًا، بل هي أقرب لإديولوجيا قديمة فضفاضة تستوعب كل ما هو ضد السلطة، ويصف أعضاؤها انفسهم بأنهم يساريون ضد الفاشية والافكار الرأسمالية والسلطوية ويرتدون أقنعة وملابس سوداء.

ولأن وجود إدارة ترامب تعد بيئة خصبة لإثارة النعرات والحركات العرقية والطائفية والعنصرية، فقد نشطت “أنتيفا” مع صعوده للسلطة والتفاف اليمينيين والعنصريين حول مشروعه، الأمر الذي جعل معارضيه يحشدون كل ما هو نقيض لأفكاره. فكلما زادت الراديكالية اليمينية توحشًا في السلطة اكتسبت الراديكالية اليسارية شرعية في صفوف المعارضين!

وأنتيفا حركة فوضوية لا مجال لتحقيق اهدافها الا عبر تبنيها أهدافاً واقعية لحركات احتجاجية فعلية مثل حركة “حياة السود مهمة” التي كانت الهدف الرئيس للمظاهرات الأخيرة في الولايات المتحدة. وترامب كشخصية تعيش في خضم منافسة دائمة يحكم بعقلية المؤامرة فإنه يسعى دوما لصنع عدو يحاربه كي يضمن استمرار حكمه ونجاحه في الانتخابات، وقد وجد في أنتيفا ضالته لإلقاء اللوم عليها وإعطاء السلطات المبرر للعنف على المتظاهرين، وإعطاء المبرر لنفسه ولأنصاره في سبب وجود هذه الاحتجاجات أصلا وكأنها مؤامرة من أنتيفا وليست مطالب مشروعة لحركة السود التي تعبر عن انقسام عمودي عميق في المجتمع الامريكي. فصناعة العدو هو مخرج لأي سلطة تواجه أزمة داخلية!

أنتيفا الاسم الجديد في قائمة استثمار المكاسب السياسية العالمية والتحالفات الدولية في ظل العقلية الترامبية، تماما مثلما تم خلق داعش ومن قبلها القاعدة، وباسمهما وباسم محاربتهما قُتل الملايين من الابرياء بضمير مرتاح .. ولعل الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، كان الأسرع في محاولة حصد مكاسب استراتيجية حين أخبر ترامب بعلاقة ” أنتيفا” بحزب العمال الكردستاني المعارض وأذرعه العسكرية!

من المتوقع جدا أن يتم نسيان السبب الرئيسي لاحتجاجات امريكا وينحصر الامر مستقبلا في جدلية القضاء على أنتيفا.

أنا ضد الفوضوية بكل أشكالها وصورها لأنها تنافي الطبيعة الانسانية، ولكن السؤال المنطقي هو: ما الذي دعا هذا التطرف للظهور؟ أليست يمينية ترامب وعنصريته .. فعليه قبل تصنيفها كحركة ارهابية أن ينظر الى الإرهاب الذي جاءت به افكاره وأفعاله للبشرية ،ولا عجب أن نرى نتنياهو /اذا استمر حكمه / يحارب أنتيفا في فلسطين!

amaney1@yahoo.com

عن Amer Hijazi

شاهد أيضاً

العرب وإسرائيل وبناء السلام الإيجابي

بقلم:د. ناجي صادق شراب الفرضية الرئيسية التي يقوم عليها البناء الإيجابي للسلام، هي العمل على …