حديث القدس
ان صمت تصريحات نتنياهو وغانتس حول التراجع الملحوظ في الموقف الاميركي من منح دولة الاحتلال الضوء الاخضر لفرض السيادة الاسرائيلية على اجزاء من الضفة الغربية، فان هذا التراجع حّمال اوجه، ويحمل عدة اهداف.
فهذا التراجع هو تراجع مؤقت، خاصة وان الانتخابات الاميركية على الابواب، وان الرئيس ترامب لا يمكنه في هذه المرحلة الاستغناء عن اصوات اليهود الاميركيين المؤيدين للضم والعديد من المؤسسات الصهيونية العاملة في الولايات المتحدة.
ونعتقد بأن هذا التراجع هو مؤقت لعدة اسباب من ابرزها الضغط الدولي، خاصة العديد من دول الاتحاد الاوروبي التي لا نزال نعتقد بأن الحل الامثل هو حل الدولتين لشعبين، رغم ان هذا الحل بأن يعيد المنازل في ضوء السياسة الاسرائيلية المدعومة اميركيا والمتمثلة بالتوسع الاستيطاني وتهويد القدس والمس بالمسجد الاقصى وغيرها الكثير التي جعلت من حل الدولتين امرا غير قابل للتطبيق في هذه الظروف والمعطيات.
كما ان تهويد عدة دول اوروبية، بالاعتراف بالدولة الفلسطينية في حال اقدمت دولة الاحتلال على ضم المستوطنات ومنطقة الغور وشمال البحر الميت، هو الاخر يصب في هذا التراجع الاميركي المؤقت بانتظار ظروف اخرى سائحة لتمرير صفقة القرن التصفوية.
وهناك ايضا الوضع الداخلي المتأزم في الولايات المتحدة في اعقاب خنق مواطن اميركي اسود على يد احد افراد الشرطة الاميركية من البيض، رغم استغاثة القتيل بانه لا يستطيع التنفس جراء وضع رجل الشرطة قدمه على رقبته والضغط بشدة عليها. الامر الذي ادى الى ما تشاهده امريكا حاليا من مظاهرات وتنديد بالسياسة الاميركية العنصرية ضد السود.
واضف الى ذلك وجود اعداد كبيرة من اليهود داخل دولة الاحتلال يعارضون الضم لعدة اسباب هدفها الحفاظ على دولة الاحتلال كدولة يهودية وعدم تحولها مستقبلا الى دولة ثنائية القومية. وكذلك رفض البعض لاقامة دولة فلسطينية وردت في صفقة القرن رغم ان هذه الدولة المشار اليها، ستكون دويلة تحت السيطرة الاحتلالية وعبارة عن جزر متباعدة في ضوء السياسة الاحتلالية في تحويل المناطق المكثقة بالفلسطينيين في الضفة الغربية. الى كانتونات غير متواصلة ومحاطة بالمستوطنات الاحتلالية.
والاهم من ذلك هو محاولة الادارة الاميركية من خلال هذه التسريبات عن تراجعها المؤقت والمشبوه، جلب الجانب الفلسطيني الى طاولة المفاوضات مع الجانب الاسرائيلي على قاعدة صفقة القرن التصفوية، خاصة في اعقاب الرفض الفلسطيني لهذه الصفقة التي هي لصالح دولة الاحتلال وعلى حساب حقوق شعبنا الوطنية.
وعليه فان هذا التراجع الاميركي الذي يروج له، هدفه في نهاية المطاف محاولة الايقاع بالجانب الفلسطيني، لاستئناف المفاوضات مع دولة الاحتلال التي كانت السبب في وقفها بسبب اصرارها على رفض السلام وتجاوزها لكل الاتفاقات الموقعة منها رغم ان هذه الاتفاقات هي الاخرى لا تلبي الحد الادنى من حقوق شعبنا الوطنية.
فالحذر كل الحذر من الوقوع في الفخ الاميركي المنصوب للقيادة الفلسطينية.