من مارتن لوثر كينغ إلى جورج فلويد… “عندي حلم”.. غير الموت!

12 يونيو 2020آخر تحديث :
من مارتن لوثر كينغ إلى جورج فلويد… “عندي حلم”.. غير الموت!
من مارتن لوثر كينغ إلى جورج فلويد… “عندي حلم”.. غير الموت!

بقلم: طلال سلمان

تأخرت عن موعدك أيها الصديق أخضر القلب أسود لون البشرة، جورج فلويد، لان الشرطيين البيض لا يحبون التجمعات والتظاهرات التي تهتف للحرية والعدالة بعنوان المساواة، وهكذا فقد داسوك حتى الموت بنعالهم حتى تكون عبرة للآخرين الذين يحلمون بالحرية.

الموعد بعيد، بعد، لم يستطع اوباما، الاستثناء بين الرؤساء الاميركيين، أن ينهي دهر العنصرية، برغم أن امه “بيضاء”، مثل جورج واشنطن وترامب، ولقد تقبله الاميركيون البيض مبهورين بثقافته ورؤيته، بل حلمه، كصديقك ورائدك في النضال من اجل المساواة والعدالة مارتن لوثر كينغ بين الاميركيين الذين هم، بغالبيتهم، قد جاءوا من بلدان أخرى بأحلامهم وامانيهم وعرق الزنود ليشغلوا الفراغ في البلاد هائلة المساحة التي كانت تنتظر السكان لتنهض وتلعب دورها الاستثنائي في مستقبل هذا العالم الذي تملأ فضاءه الصواريخ والطائرات المسيرة وطائرات القتل عن بعد، بمعزل عن هويتهم ودورهم واحلامهم في غدٍ افضل.

لقد دفعت الضريبة صاغراً، ترجو رجال الشرطة البيضاء أن يسمحوا لك بالتنفس، لكن الشرطة تفترض أن الهواء “ابيض” ولا يليق بالسود من امثالك الذين يمكن أن يعيشوا بلا هواء.

لم تكن يا جورج فلويد “بطلا” ولم تكن تحلم بالبطولة، ولذلك انحنيت على الاحذية التي كانت تضغط على عنقك لتخنقك، تتوسل إلى رجال الشرطة البيض أن يسمحوا لك ببعض الهواء.. ونسيت أن الهواء “ابيض”، وانه يؤذي “السود” لذلك منعوه عنك، بأحذيتهم، حتى الموت.

ولست وحدك، يا جورج فلويد، من دفع ويدفع وسيدفع مثل هذه الضريبة من هناء عيشه، او من حرية وطنه، او من حقه في مستقبل افضل، وهو أسمر البشرة او “حنطي” وليس اسود الوجه ابيض القلب مثلك..

ونحن في الارض العربية، خير مثال على الظلم الاميركي الذي يتجاوز العنصرية إلى اعتبار الآخرين، في أربع جهات الارض، في وضع يشابه وضعك او اوضاع” الهنود الحمر”: يخيرون بين حياتهم او التخلي عن ارضهم للقواعد العسكرية وعن فضائهم للطيران الحربي والصواريخ المدمرة اميركية الصنع.. والمردود!

إن حكامنا، العرب، يركعون بلا طلب، وطبعاً بلا احتجاج، ويدفعون خيرات بلادهم ثمناً لتبعيتهم، ويتبرعون بأن يمدوا رؤوسهم بالتيجان والكوفية والعقال المذهب تحت اقدام زملاء اولئك الجنود الذين حطموا جمجمتك، وبعثوك إلى العالم الآخر بغير الحاجة إلى جواز سفر وفيزا واختام مكاتب الهجرة.

وشتان ما بينك وبينهم: أنت “اسود” البشرة بالإرث، وهم سود القلوب كنفطهم، وسود الاحقاد على شعوبهم، يجبرونهم على تقبيل اقدامهم، يوميا، من اجل أن يعملوا في خدمتهم مقابل احلامهم وبعض القروش، فان رضوا عليهم اكثر منحوهم بعض الهبات والاكراميات والشرهات ليرضوا فيشكروا، ويرفعوا ايديهم بالدعاء للجلادين بطول العمر ودوام الصحة .. والرفاه.

في أي حال مثالك محفوظ في الذاكرة والقلوب واسمه، أن كنت نسيت مارتن لوثر كينغ.. ولعل هذه السطور عنه تجعله مثلك الأعلى وبين تلاميذه.

رحمكما الله.

ولقد ذكرتنا بمن لا ننساه يا جورج، عنينا الزعيم الذي لا يغيب ولا يُنسى والذي مات دون حلمه،

وعن حق، أطلق اسم “عندي حلم” على خطاب مارتن لوثر كينغ الذي ألقاه عند نصب لنكولن التذكاري في 28 اب 1963 أثناء مسيرة واشنطن للحرية، عندما عبر عن رغبته في رؤية مستقبل يتعايش فيه السود والبيض بحرية ومساواة وتجانس.

ويُعتبر اليوم الذي أٌلقي فيه هذا الخطاب من اللحظات الفاصلة في تاريخ حركة الحريات المدنية، حيث خطب كينغ في 250 ألفاً من مناصري الحقوق المدنية. كما يُعتبر هذا الخطاب واحداً من أكثر الخطابات بلاغة في تاريخ العالم الغربي، وتم اختياره كأهم الخطابات الأميركية في القرن العشرين طبقاً لتصويت كتاب الخطابات الأميركية.

وفي ما يلي مقتطفات مهمة من خطاب “عندي حلم”

عندي حلم بأنه في يوم ما على تلال جورجيا الحمراء سيستطيع أبناء العبيد السابقين الجلوس مع أبناء أسياد العبيد السابقين معاً على منضدة الإخاء.

هذا هو أملنا. هذا هو الإيمان بأنه عندما أعود إلى الجنوب… بهذا الإيمان سنكون قادرين على شق جبل اليأس بصخرة الأمل. بهذا الإيمان سنكون قادرين على تحويل أصوات الفتنة إلى لحن جميل من الإخاء. بهذا الإيمان سنكون قادرين على العمل معاً، والصلاة معاً، والكفاح معاً، والدخول إلى السجون معاً، والوقوف من أجل الحرية معاً، عارفين بأننا سنكون أحراراً يوماً ما.

عندي حلم بأنه في يوم ما سيعيش أطفالي الأربعة بين أمة لا يُحكم فيها على الفرد من لون بشرته، إنما مما تحويه شخصيته.

دعوا الحرية تدق. وعندما يحدث ذلك، عندما ندع الحرية تدق، عندما ندعها تدق من كل قرية ومن كل ولاية ومن كل مدينة، سيكون قد اقترب ذلك اليوم عندما يكون كل الأطفال الذين خلقهم الله: السود والبيض، اليهود وغير اليهود، الكاثوليك والبروتستانت قد أصبحوا قادرين على أن تتشابك أيديهم وينشدون كلمات أغنية الزنجي الروحية القديمة: “أحرار في النهاية! أحرار في النهاية! شكراً يا رب العالمين، نحن أحرار في النهاية!“.

عندي حلم بأنه في يوم ما ستنهض هذه الأمة وتعيش المعنى الحقيقي لعقيدتها الوطنية بأن كل الناس خلقوا سواسية.

عندي حلم أنه في يوم ما بأن كل وطاء يرتفع، وكل جبل وأكمة ينخفض، ويصير المعوج مستقيماً، والعرقوب سهلاً. فيعلن مجد الرب، ويراه البشر جميعاً .

عندي حلم أنه في يوم ما في ألاباما، بمتعصبيها العميان وحاكمها الذي تتقاطر من شفتيه كلمات الأمر والنهي؛ في يوم ما هناك في ألاباما ستتشابك أيدي الصبيان والبنات السود والصبيان والبنات البيض كإخوان وأخوات. أنا عندي حلم اليوم!

أنا أقول اليوم لكم يا أصدقائي إنه حتى على الرغم من الصعوبات التي نواجهها اليوم والتي سنواجهها في الأيام المقبلة، لا يزال عندي حلم، وهو حلم ضارب بجذوره العميقة في الحلم الأميركي.

لك السوية في هذا المثال العظيم، يا جورج فلويد.

لقد اغتيل مثلك.. ولكنه بقي في الذاكرة والضمير ومستقبل الولايات المتحدة الاميركية، التي ستعود ذات يوم فتستذكر الذين اسسوا دولتها وماتوا او سقطوا في النضال من اجل وحدتها واستقلالها، وليس من اجل ان تكون امبراطورية الشر بالشراكة مع الحركة الصهيونية بعنوان “اسرائيل”!