يجب أن يتجند العالم ضد الضم

22 يوليو 2020آخر تحديث :
يجب أن يتجند العالم ضد الضم
يجب أن يتجند العالم ضد الضم

بقلم: خوان مانويل سانتوس*

النزاع الإسرائيلي الفلسطيني أبتلي به الشرق الأوسط طوال ال 70 عاما الأخيرة. دولتي، كولومبيا عانت من صراع مشابه، مؤلم وطويل، والذي بدا وكأنه قد خلد نفسه وكان غير قابل للحل. الطريق للسلام اقتضت شجاعة وسعة قلب. كصديق لاسرائيل، أنا قلق جداً من أن هذه القيم تم تغييبها تماماً من خطة الحكومة لضم أجزاء من الضفة الغربية.

عندما كنت رئيساً لكولومبيا، وهوجو تشافيز من فنزويلا سمى دولتي “إسرائيل أمريكا اللاتينية”. لقد شهدت احتجاجاً. يوجد الكثير مما يمكن تقديره في المرونة، والمبادرات وفي الحداثة التكنولوجية في إسرائيل. أنا ما زلت أشجع قيم مؤسسي الدولة وتعهدهم في وثيقة الاستقلال بـ “مساواة حقوق اجتماعية وسياسية كاملة لكل مواطنيها بدون تمييز في الدين أو العرق أو الجنس”.

ولكن للأسف، يبدو أن هذا الحلم يتعرض لهجوم من حكومة بها فرط في القومية، والتي استخفت بصورة صريحة بحقوق الانسان وبالقانون الدولي. تهديد الضم هو فقط المثال الأكثر حداثة لتهديد تأسيس نظام حكم بأسلوب الأبارتهايد، والذي يوجد فيه نظامان من القانون يسريان على مجموعات سكانية مختلفة تعيش على نفس الأرض.

كرئيس لكولومبيا عملت الكثير من أجل الدفع قدماً بالمفاوضات ومن اجل التوصل إلى اتفاق سلام مع FARC ومع مجموعات أخرى من المتمردين، من أجل إنهاء الحرب الأهلية في دولتي. الاتفاق صيغ مع المحافظة على حقوق ضحايا الصراع، كما عُرف في ميثاق روما والذي استناداً إليه أنشئت محكمة الجنايات الدولية.

ان الاستناد على القانون الدولي يعزز قوة ومصداقية الاتفاق في الداخل والخارج. اليوم يواجه مواطنو كولومبيا عملية مؤلمة ومعقدة لتنفيذ الاتفاق وترجمة رؤية السلام إلى حقيقة. العديدون رفضوا الاتفاق ورأوا فيه خيانة، ويوجد من ما زالوا يتصرفون هكذا حتى اليوم. العديد فضلوا الخطاب القومي المتطرف والعسكري الذي تعلموا معرفته. هنالك من ما زالوا يتصرفون هكذا. ولكن رويداً رويداً تبلور وانتشر في أوساط الجمهور جو من السلام والمصالحة، وفي نهاية المطاف سوف يثبت نفسه كأمر لا يمكن وقفه.

أنا أؤمن بأن هذه العملية تبعث الأمل ليس فقط بالنسبة لكولومبيا وأمريكا اللاتينية بل العالم كله، بما في ذلك إسرائيل وفلسطين.

الأمل هو سلعة غالية الثمن، بالأساس الآن حيث العالم يواجه التهديد الفظيع لفايروس الكورونا، ومع الهجوم على جهاز القانون الدولي من جانب زعماء انفصاليين وشعبويين.

أحد المؤمنين الكبار بقوة الأمل كان نيلسون مانديلا، في رحلته الطويلة للحرية. اليوم أنا عضو في مجموعة ال Elders التي أسسها –وهي مجموعة من زعماء عالميين تواصل طريق وعمل مانديلا من أجل السلام، العدل وحقوق الإنسان في أرجاء العالم.

السلام في الشرق الأوسط، وكذلك العدالة والحرية للفلسطينيين، هي على رأس أولويات ال Elders منذ تأسيس المجموعة وحتى اليوم، لهذا، اخترنا الحديث الآن ضد الضم، ونحن ندعو إلى رد موحد وعنيد من جانب زعماء ذوي تأثير في العالم.

مخططات الضم لبنيامين نتنياهو تعكس تنكرا وحيد الجانب لحل الدولتين، ومعظم دول المنطقة والعالم تعارض ذلك. الضم من شأنه ان يثير في المنطقة ضجة كبيرة، ويزيد أكثر الاغتراب والمرارة في أوساط الفلسطينيين، ويحرض جيران اسرائيل، ويمحو الإطار الديموقراطي والدستوري للدولة اليهودية.

إذا قبل المجتمع الدولي بصمت رؤية إسرائيل، والتي معناها الاستحواذ على المناطق بالقوة فإن الوحيدين الذين ستكون هذه الخطوة لصالحهم هم مؤيدو الحرب وأولئل الذين يتوقون للسيطرة على أراضي جيرانهم.

لقد وقف العالم بإصرار أمام روسيا عندما أخذت بالقوة شبه جزيرة القرم من أيدي أوكرانيا في 2014، مطلوب اليوم إصرار مشابه من كل المجتمع الدولي،بما في ذلك أمريكا اللاتينية. ثمة أنظمة متعددة الأطراف مثل الرباعية والتي من المتوجب إحياؤها من جديد وتوسيع قدرتها من أجل أن تعطي دوراً أكبر للدول العربية المؤثرة. إن دعمها ضروري من أجل إنجاح كل مفاوضات حول اتفاق محتمل وبطبيعة الحال هي قلقة فيما يتعلق بتهديد الضم في كل ما يتعلق بالأمن الإقليمي، وخاصة فيما يتعلق باستقرار السلام مع الأردن.

مسيرة السلام في كولمبيا علمتني أنه ليس بالإمكان تجاهل سيادة القانون واحترام حقوق الإنسان العالمية. إنجازات سياسية قصيرة المدى والتي تهدف فقط إلى إرضاء أو إشعال مطامح مجموعات قطاعية كهذه أو تلك، سيتضح أنها خالية من المضمون.

سنة 2020 تجلب معها الذكرى ال 75 لمنظمة الأمم المتحدة، ولكن أزمة الكورونا جمدت البرنامج الروتيني، بما في ذلك اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة، لهذا علينا جميعاً تحمل المسؤولية وإسماع صوتنا والوقوف إلى جانب قيم السلام والعدالة والمساواة أمام القانون، كما تم تقديسها في ميثاق الأمم المتحدة.

*رئيس كولومبيا السابق وحائز على جائزة نوبل للسلام

وعضو في مجموعة زعماء الماضي “Thw Elders” التي أسسها نيلسون مانديلا