تساهل القضاء مع مرتكبي الاعتداءات الجنسية يثير احتجاجات في سنغافورة

27 أغسطس 2020آخر تحديث :
تساهل القضاء مع مرتكبي الاعتداءات الجنسية يثير احتجاجات في سنغافورة

اثارت أحكام قضائية خفيفة في حق طلاب دينوا في قضايا تحرش واعتداءات جنسية موجة غضب شعبية في سنغافورة إذ رأى ناشطون أن لا جدية كافية في التعاطي مع هذه الممارسات التي تستهدف النساء.

وأحدث ما سجّل في هذا المجال في هذه الدولة الواقعة في جنوب شرق آسيا أن شاباً في الثالثة والعشرين لم يُسجن سوى 12 يوماً بعدما حاول خنق صديقته السابقة.

ومن المعروف عن هذه الجزيرة الغنية أن قوانينها المتعلقة بحفظ النظام متشددة، إذ إنها تعاقب التخريب المتعمد للممتلكات بالضرب بالعصا، في حين أن أحكاماً بالإعدام تصدر في جرائم القتل والاتجار بالمخدرات.

لكنّ الجمعيات الأهلية استهجنت العقوبات الخفيفة في حق مرتكبي أعمال العنف في حق النساء، إذ أن الاغتصاب الزوجي مثلاً لم يصبح مخالفاً للقانون إلاّ العام المنصرم.

ولاحظت الناطقة باسم حملة “إيم فور زيرو” (الهدف صفر) لمكافحة أعمال العنف الجنسية باميلا إنجي أن “النظام القضائي قاسٍ في حقّ من يخرّبون الممتلكات العامة، ولكن لا يعتبر الأمر بهذه الخطور إذا هدد أحدهم امرأة أو اغتصبها. هذه هي الرسالة التي تعبّر عنها” السلطات.

واستنكرت باميلا إنجي التوجه الراسخ إلى اعتبار النساء الضحايا “مسؤولات عن الجرائم التي يتعرضن لها”.

ففي العام المنصرم، احتجّت الطالبة في جامعة سنغافورة الوطنية مونيكا باي عبر شبكات التواصل الاجتماعي على العقوبة الخفيفة التي اكتفى القضاء بفرضها على طالب صوّرها من دون علمها وهي تستحم داخل غرفتها في النزل الطالبي.

واعتبرت صرختها الوجدانية بمثابة النسخة السنغافورية من حملة “مي تو”، وكانت أول غيث شهادات أخرى لنساء تعرضن للتحرش والاعتداءات الجنسية.

حُكم في تموز/يوليو الفائت على طالب طب الأسنان في جامعة سنغافورة الوطنية يين زي كين بالحبس أقل من أسبوعين وبثمانين ساعة أشغال ذات منفعة بعدما اعترف بأنه خنق صديقته السابقة وضغط بأصابعه على عينيها حتى فقدت الوعي.

وبرّر القاضي هذا الحكم الخفيف بأنها الإدانة الأولى للشاب، وبأن الأخير تعاون مع السلطات واعتذر من الضحية. لكنّ هذا الحكم أثار غضب العامّة الذي لم يقتنعوا بأن جريمة كهذه تعاقب بمجرّد توبيخ.

وكتب ماروكو تشان على إحدى شبكات التواصل الاجتماعي “لا يمكنني أن أصدّق أن الحكم خفيف إلى هذه الدرجة! أعتقد أن طلاب جامعة سنغافورة يمكن أن ينالوا المسامحة عن كل الجرائم” التي يرتكبونها.

وسأل آخر عبر الإنترنت هل جاء الحكم خفيفاً إلى هذه الحدّ “لأن (مرتكب الجريمة) طالب طبّ وطبيب مستقبلي؟”. وتابع “استمروا في الاكتفاء بالتوبيخ فحسب”.

أما عقوبة تيرنس سيو كاي يوان، وهو طالب آخر في هذه الجامعة المهمة اعتدى على امرأة في قطار ومحطة قطارات، فكانت إبقاءه تحت الاختبار 21 شهراً.

وامتنع القاضي عن حبس الشاب معتبراً أن لديه فرصاً كبيرة ليكفّر عن جريمته نظراً إلى دراسته الجامعية والطبيعة “الخفيفة نسبياً” لأفعاله، بحسب وثائق المحاكمة. وحكمت محكمة الاستئناف على الشاب بالحبس أسبوعين.

ودانت جمعية “أوير” للدفاع عن حقوق النساء إبداء القضاء اهتماماً أكبر بالمعتدين مما يبديه للضحايا. وقالت مدير “أوير” كورينا ليم إن “إعادة التأهيل مهمة لكنّها يجب ألاّ تكون رهن المستوى العلمي للمعتدين”.

سجّل 56 سلوكاً جنسياً استغلالياً بين العامين 2015 و2017 في ستّ جامعات سنغافورية، على ما أفاد وزير الإعلام والتربية أونغ يي كونغ.

وعززت جامعة سنغافورة الوطنية العقوبات ضد هذه السلوكيات على إثر قضية مونيكا باي وعلّقت النشاط الدراسي للمعتدي على الشابة في انتظار اتخاذ إجراءات تأديبية.

لكنّ المحامية السنغافورية غلوريا جيمس شيفيتا شدّدت على ـن القضاء لا يمكن أن يتصرف إلاّ “ضمن الاطار الذي حدّده المشرّع”.

وقد عززت سنغافورة بعض القوانين التي تستهدف الجنح الجنسية، ومنها اعتبار إرسال صور للأعضاء الحميمة من دون طلب الشخص الآخر عملاً غير قانوني، ونشر مشاهد جنسية على الإنترنت بهدف الانتقام أو ما يسمى “الخلاعة الانتقامية”.

إلا أن الجمعيات تخشى أن يكون تغيير هذه الثقافة عملاً يحتاج إلى نفس طويل