التباهي الإسرائيلي والضعف العربي

بقلم: أ.د. أمين مشاقبة.. !

ينباهى رئيس الوزراء الإسرائيلي نتانياهو ويتبجح بانتصاراته في عملية التطبيع مع بعض الدول العربية بالقول: «هذا جيد ومريح على الأمن والقلب والجيب»، فالمسعى لتحقيق الأمن من خلال تحييد بعض الدول العربية عن الصراع، وهذا مكسب بحد ذاته سعت إليه الدولة الاستيطانية منذ زمن طويل وهو التعامل مع محيطها العربي بشكلٍ منفردٍ دولة مقابل دولة، ورفضت دوماً التعامل مع الصراع بشكل جماعي عربي- إسرائيلي، وهذا جزء من الاستراتيجية المتبعة بالتفرد بالدول العربية واحدة تلو الأخرى.

هذا واضح تماماً من اتفافية كامب دييفد مع مصر عام 1979، تلتها اتفاقية السلام مع منظمة التحرير الفلسطينية عام 1993، والأردن عام 1994.

 وقد استغلت إسرائيل لاحقاً بروز الربيع العربي باتجاه دعم حالة الانهيار وتعزيز بروز قوى إسلامية متطرفة مثل داعش وأخواتها لتعميق الحالة والوصول إلى حالة الانهيار العام لتلك الدول والنماذج العربية ماثلة للعيان في كل من العراق، وسوريا، وليبيا، واليمن، وحتى دعم القوى المتطرفة في شمال سيناء لإبقاء الشقيقة الكبرى في أزمة الحرب على الارهاب.



ومن استراتيجيتها إبقاء هذه الدول في حالة من الفشل والهشاشة سعياً لتحقيق الحلم اليهودي في اقامة إسرائيل الكبرى يوماً ما.

 أما فيما يتعلق بأن هذه الانتصارات مريحة للقلب، فإنه يقصد أنها تخلق الاطمئنان والهدوء والسكينة للشعب اليهودي في انطلاقته للاختراق والسعي للهيمنة على المنطقة، وأما الأهم هو المكاسب المادية التي تسعى لتحقيقها من استثمارات مالية ومشاريع مشتركة وتجارة وتصدير حيث انها متفوقة صناعيآ، وزراعياً، وتكنولجياً، وعسكرياً، وبالتالي ستحقق مكاسب تجارية ومالية من هذه العلاقات، وتفتح باباً جديداً لعزلتها التجارية وهذا هو العقل اليهودي الذي يسعى دومآ إلى تحقيق المكاسب المالية في علاقاته، والتاريخ البشري مليء بالشواهد على مثل هذا النهج.



إن أحد اهداف إسرائيل الاستراتيجية في المنطقة هو الهيمنة والتفوق النوعي اقتصادياً وعسكرياً، وفرض إرادتها السياسية على أنحاء أوسع من محيطها الجغرافي، وما وضع موطئ قدم لها في كل من الخليج العربي، والسودان إلا ضمن هذا المخطط في الانطلاق شرقآ باتجاه ابعد من الخليج العربي، وموطئ القدم في السودان يعطيها انطلاقة جديدة في التغول في افريقيا كافة، وهي لا تفعل ذلك بمفردها، إنما بدعم واضح وكامل من الادارة الاميركية الحالية والقوى المالية العالمية.

إن ما جرى هو ابتزاز سياسي كبير من قبل الادارة الاميركية رفع اسم السودان من قائمة الارهاب ودفع 325 مليون دولار تعويضات مقابل التطبيع مع إسرائيل، ولو بقي ترامب لغاية بداية السنة القادمة، سيسعى لفرض استمرار مسلسل التطبيع للعديد من الدول العربية، وهناك خمس دول على خط الانتظار.



تعتبر السودان ذات المساحة الشاسعة والمياه الوفيرة سلة الغذاء العربي كما يقولون، وها هي التكنولوجيا الزراعية الإسرائيلية قادمة لخلق تنمية زراعية فيها بأيد ورأس مال عربي وسيطرة وعقول تكنولوجيا إسرائيلية، وبالتالي ستكون مصدراً قوياً للكثير من المنتجات الزراعية، وكذلك التصنيع الزراعي، وتصبح الاسواق العربية والعالمية تحت هيمنة إسرائيل، هذا نموذج قادم، وهناك نماذج أخرى قادمة تتعلق بشراء السلاح الإسرائيلي بمليارات الدولارات، وبالتالي يتم حماية بعض الدول العربية بالسلاح الإسرائيلي. هذه نماذج من الاختراقات القادمة من أجل هيمنة عسكرية، وتكنولوجية، واقتصادية شاملة.

وتأتي زيارة بومبيو الحالية لتكريس وجود المستوطنات وتثبيت ما صدر من قرارات من الإدارة السابقة، ومسابقة الزمن في دعم اليمين المتطرف الحاكم في إسرائيل، وكسب كل لحظة من الزمن لخدمة دولة إسرائيل قبل نهاية الولاية الأميركية القائمة.



عن “الرأي” الأردنية

عن Amer Hijazi

شاهد أيضاً

العرب وإسرائيل وبناء السلام الإيجابي

بقلم:د. ناجي صادق شراب الفرضية الرئيسية التي يقوم عليها البناء الإيجابي للسلام، هي العمل على …