تحقيق سلام دائم في أفغانستان مرهون بضمان حقوق المرأة واشراك كل مكونات المجتمع

21 ديسمبر 2020آخر تحديث :
تحقيق سلام دائم في أفغانستان مرهون بضمان حقوق المرأة واشراك كل مكونات المجتمع

أكدت رولا غني السيدة الأولى في أفغانستان مؤخراً على أنه لا يمكن أن يكون أي إهدار لحقوق المرأة في البلاد “ثمنا لتحقيق السلام”.

لكن هذا الأمر ربما يحدث ما لم تبد طالبان، التي من المرجح أن تعود إلى السلطة كجزء من أي اتفاق سلام، التزاماً قوياً بحماية حقوق الفئات الأكثر حرمانا منها في المجتمع الأفغاني. ويشمل ذلك المجتمعات المهمشة والنازحين داخل افغانستان وفي جميع أنحاء العالم ،بالإضافة إلى أكثر من 14 مليون امرأة وفتاة في البلاد.

وقالت ماريام باناهي ، وهى مديرة برنامج في المنظمة الدولية للاجئين في تقرير نشرته مجلة ناشيونال انتريست الامريكية إنه يتعين أن يكون هذا شرطا اساسيا في أي اتفاق سلام ، وتعتبر المساواة بين الجنسين حقا أساسيا من حقوق الإنسان وضرورية لتحقيق سلام مستدام ، و تتجاوز تبعات ذلك حدود افغانستان ، إذ أن استقرار المنطقة برمتها على المحك ، وكذلك أيجاد حل دائم لملايين اللاجئين الأفغان,

ويريد الأفغان انفسهم السلام ، و ترغب معظم دول المجتمع الدولي ، وأكثر رغبة في ذلك الولايات المتحدة ، في إنهاء الصراع في أفغانستان في أسرع وقت ممكن. لكن ماهو الثمن ؟.

ودفع اتفاق تم ابرامه في 29 شباط/فبراير الماضي بين الولايات المتحدة وحركة طالبان ، الحكومة الأفغانية و الحركة إلى الجلوس على طاولة المفاوضات.

غير أن هذا الاتفاق به عيوب كبيرة لأنه لم يتضمن تكليفا بتمثيل المرأة في المحادثات ، أو ضمان حماية حقوقها ، أو المطالبة بالتزام صارم بحماية الفئات المهمشة.

ولم يتم ذكر دعم الأفغان النازحين داخليا ولا إلى تحسين الظروف و الاستعداد لاستقبال للاجئين العائدين من الخارج.

وتابعت باناهي أن هذه أوجه قصور وأخطاء جسيمة ، فبعد مرور ما يقرب من عقدين على الغزو الأمريكي عام 2001 ، لا يزال هناك 7ر2 مليون من الافغان نازحين عبر الحدود ، وهم يشكلون أحد أكبر تجمعات اللاجئين في العالم.

ووفقا لباناهي ،كانت أفغانستان على مدار سنوات في صدارة قائمة الدول الأقل أمانا في العالم ، و مصدرا لمعظم اللاجئين في أنحاء العالم على مدار أكثر من ثلاثة عقود متواصلة حتى عام 2014، مشددة على أن السلام أمر ضروري وتأخر تحقيقه.

ويتحمل الأفغان ، بما في ذلك النساء والفتيات، معاناة العنف وتأثيره بعيد المدى فيما يجرى قادة حركة طالبان التفاوض مع الحكومة الأفغانية في العاصمة القطرية الدوحة سعيا وراء تحقيق السلام .

والسؤالان اللذان يطرحان نفسيهما هما ماذا سيعني اتفاق سلام للنساء الأفغانيات اللواتي خسرن الكثير بالفعل ولديهن شعور بالقلق على أزواجهن وأطفالهن ومستقبل أسرهم؟ وماذا يعني السلام بالنسبة للجماعات المهمشة الأخرى التي قامت طالبان على نحو روتيني باقصائهم وافترستهم ,وكانوا ضحايا لاعتداءاتها ؟

وستكون لشروط اتفاق سلام تأثيرات بعيدة المدى على النساء والفتيات الافغانيات اللاتي تحسن وضعهن على مدار العقدين الماضيين.

لكن هناك طريق طويل يتعين اجتيازه ، ففي المناطق التي تسيطر عليها حركة طالبان ، لا توجد مدارس ثانوية للفتيات. وتستهدف الحركة باستمرار بهجماتها النساء والفتيات والمدارس.

وإضافة إلى ذلك ، ترفض طالبان أن تعرب عن موقف محدد بشأن وضع النساء الأفغانيات خلال مشاركتها الرسمية في الحكومة حال تم التوصل إلى تسوية سياسية في الدوحة. وبدون التزامات واضحة من جانب طالبان ، فإن التقدم الذي حققته المرأة الأفغانية على مدار العقدين الماضيين سيكون في خطر.

وسوف تتسبب عودة طالبان إلى السلطة السياسية بدون التزامات ملموسة بحماية الفئات الأولى بالرعاية في أن يظهر مجددا العديد من الأخطار التي ظل الأفغان يحاربونها منذ عقود.

وقد تتعرض المجموعات المهمشة ، بما في ذلك 79 % من البالغين و 17 % من الأطفال الذين لديهم شكل من أشكال الإعاقة ، ومجموعات الأقليات مثل الهزارة التي غالبية افرادها من الشيعة، واللاجئون العائدون، لمزيد من الاقصاء والتهديدات على حياتهم.

وسوف تؤدي العودة إلى قوانين وعقوبات طالبان القاسية أيضا إلى هجرة إضافية للخارج إلى الدولتين الجارتين باكستان وإيران و كذلك إلى تركيا وأوروبا. ومن المؤكد أنه هذا الوضع سوف يجعل العودة الطوعية المستدامة إلى أفغانستان أمرا مستحيلا.

وبينما تمضي المفاوضات قدما ، فإن على طالبان الالتزام بحماية حقوق الفئات الأكثر حرمانا منها في المجتمع الأفغاني، و أي شيء أقل من ذلك سيحول دون إحلال سلام دائم.

وقالت باناهي إنه بينما يواصل الأفغان مواجهة تحديات لاتعد ولاتحصى وهم يتخيلون مستقبلا أفضل ، يتعين على الولايات المتحدة أن تبحث بشكل كامل مخاطر التسرع في ابرام اتفاق سلام ، وسحب مفاجئ إحادي الجانب للقوات ، وخفض تمويل المشاريع التنموية والإنسانية التي هناك حاجة ماسة إليها ، مشيرة إلى أن هذا يعد أمرا جوهريا لأن طالبان تواصل شن الهجمات وتقييد حقوق المرأة.

وبحسب باناهي ، فإنه يجب على الولايات المتحدة والمانحين الرئيسيين الآخرين أن يظلوا متواجدين على الساحة الافغانية وأن يعملوا بتعاون وثيق مع الحكومة هناك، وأنه يتعين عليهم الاعراب مجددا على التزامهم تجاه أفغانستان من خلال توفير التمويل للاحتياجات الإنسانية والتنموية المستمرة ، موضحة أن الاستقرار الإقليمي ، وحياة الأفغان ، وإيجاد حل لوضع اللاجئين الأفغان الذي طال امده كلها أمور على المحك.