جددت إيران، اليوم الجمعة، مطلبها رفع العقوبات التي أعاد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب فرضها عليها اعتبارا من العام 2018 إثر انسحابه الأحادي من الاتفاق حول برنامجها النووي، بعد ساعات من إبداء إدارة الرئيس الجديد جو بايدن استعدادها للمشاركة في مباحثات لإحياء الاتفاق.
واتخذت الادارة الأميركية ثلاث خطوات حيال الجمهورية الإسلامية الخميس، أبرزها الاستعداد للمشاركة في مباحثات يرعاها الاتحاد الأوروبي، لاحياء الاتفاق المبرم في فيينا عام 2015.
وكتب وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف عبر تويتر صباح الجمعة “التزاما بـ(قرار مجلس الأمن الدولي رقم) 2231، ترفع الولايات المتحدة بشكل غير مشروط وفاعل كل العقوبات التي فرضت أو أعيد فرضها أو أعيدت تسميتها من قبل ترامب”.
وأكد “عندها سنعكس فورا كل الاجراءات التعويضية التي اتخذناها” اعتبارا من 2019، وشملت التراجع عن العديد من الالتزامات الأساسية بموجب الاتفاق، ردا على الانسحاب الأميركي منه.
ولم يتطرق ظريف مباشرة للطرح بشأن المباحثات.
ويأتي ذلك مع اقتراب 21 شباط/فبراير الذي تنتهي بحلوله مهلة حددتها إيران لتقليص عمل مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ما لم ترفع واشنطن العقوبات.
وحذرت الولايات المتحدة والدول الأوروبية المنضوية في الاتفاق، بعد اجتماع عقدته أمس الخميس، من تبعات “خطرة” للخطوة الأخيرة.
وأبرم الاتفاق بين الجمهورية الإسلامية والقوى الست الكبرى (الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وروسيا والصين وألمانيا)، وانسحبت منه واشنطن أحاديا عام 2018، معيدة فرض عقوبات اقتصادية انعكست سلبا على الاقتصاد الإيراني وقيمة العملة.
وبعد نحو عام، بدأت إيران بالتراجع تدريجيا عن العديد من التزاماتها الأساسية بموجب الاتفاق المعروف بـ”خطة العمل الشاملة المشتركة”، والذي وضع إطاره القانوني بقرار مجلس الأمن 2231.
وأبدت إدارة بايدن عزمها العودة الى الاتفاق، لكنها تشترط بداية عودة طهران لكامل التزاماتها. في المقابل، تؤكد إيران أولوية رفع العقوبات قبل عودتها الى التزاماتها.
وطلب مجلس الشورى (البرلمان) الإيراني من الحكومة بموجب قانون أقره في كانون الأول/ديسمبر الماضي، تعليق التطبيق الطوعي للبروتوكول الإضافي الملحق بمعاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية، في حال عدم رفع الولايات المتحدة للعقوبات بحلول 21 شباط/فبراير.
وسيقيد ذلك بعض جوانب نشاط مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي أكدت تبلغها من طهران دخول الخطوة حيز التنفيذ في 23 منه.
وأعلنت إدارة بايدن الخميس موافقتها على دعوة أوروبية للمشاركة في محادثات تحضرها إيران.
كما اتخذت خطوتين رمزيتين بتخفيف القيود المفروضة على تنقّلات الدبلوماسيين الإيرانيين في نيويورك، وإبطال إجراءً اتّخذه ترامب وذلك عبر إقرارها رسمياً في مجلس الأمن بأن العقوبات الأممية التي رُفِعت بموجب الاتفاق لا تزال مرفوعة.
وقال مسؤول أميركي طلب عدم الكشف عن هويته إن “الأمر يتعلق اليوم باتخاذ إجراءات دبلوماسية لمعرفة ما إذا كان بإمكاننا الوصول” إلى هدف بايدن إعادة بدء العمل بهذا الاتفاق.
وأوضح أن الأمر يتعلق بـ”الجلوس إلى طاولة مع إيران وفتح الطريق لمحاولة العودة إلى وضع تكون فيه الولايات المتحدة وإيران ممتثلتين مجددا” للاتفاق النووي.
ورأت الخارجية الأميركية أن محادثات بمشاركة كل أطراف الاتفاق ستسمح “بمناقشة أفضل السبل للمضي قدما في ما يتعلق بالبرنامج النووي الإيراني”.
وأكدت الخارجية البريطانية مشاركتها في مباحثات قد تشكل “خطوة أولى للعودة الى الدبلوماسية”.
وسبق اعلان واشنطن تصريح وزراء الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان والألماني هايكو ماس والبريطاني دومينيك راب والأميركي أنتوني بلينكن في بيان بعد مؤتمر بالفيديو، أن هدفهم هو “رؤية إيران تعود إلى الاحترام الكامل لالتزاماتها” من أجل “حماية نظام منع الانتشار النووي وضمان عدم تمكن إيران أبدا من امتلاك سلاح نووي”.
وضمن الاجراءات المعلنة أمس، ألغت إدارة بايدن إعلانا أحاديا أصدره ترامب في أيلول/سبتمبر حول إعادة فرض عقوبات دولية على إيران، علما بأنه رفض حينها بالغالبية المطلقة في المجلس.
وأقر مسؤول أميركي آخر بأنه “عندما نكون واحدا ضد 14، من الصعب جدا علينا العمل بفعالية في مجلس الأمن”.
كما أعلنت الخارجية الأميركية تخفيف القيود المفروضة على تنقلات الدبلوماسيين الإيرانيين لدى الأمم المتحدة، التي شددتها إدارة ترامب.
وبذلك ستعود إيران إلى وضع سابق فُرض أيضا على كوبا وكوريا الشمالية ويسمح لدبلوماسييها بالتنقل بحرية في ضمن منطقة قطرها 40 كلم في محيط مانهاتن بمدينة نيويورك.
وقالت وزارة الخارجية إن “الفكرة هي اتخاذ إجراءات لإزالة العقبات غير المفيدة أمام الدبلوماسية المتعددة الأطراف من خلال تعديل القيود المفروضة على التنقلات الداخلية والتي كانت تقييدية إلى أقصى حد”.
وتعتزم إيران اعتبارا من الثلاثاء، الحد من وصول مفتشي الوكالة الدولية إلى منشآت غير نووية، بما في ذلك مواقع عسكرية يشتبه بأنها تشهد نشاطا نوويا.
دعت أوروبا والولايات المتحدة طهران إلى تقييم “عواقب مثل هذا الإجراء الخطير خصوصا في هذه اللحظة التي تسنح فيها فرصة لعودة إلى الدبلوماسية”.
واعلنت الوكالة، ومقرها فيينا، أن مديرها العام رافاييل غروسي سيصل السبت إلى طهرن “لإيجاد حل مقبول من الطرفين”.
وأوضح مصدر دبلوماسي فرنسي أن اتفاق 2015 هو بالتأكيد “ليس مطبقا اليوم أكثر من أي وقت مضى لكن للمرة الأولى منذ أكثر من عامين، هناك توافق سياسي من جميع الأطراف الأولية على الهدف السياسي المشترك”، موضحا أن “الأميركيين يقولون: يجب أن يبدأ الأمر بنقاش”.
وأكد البيان الأميركي الأوروبي “القلق المشترك” إزاء “القرار الإيراني الأخير لإنتاج اليورانيوم المخصب بنسبة عشرين في المئة واليورانيوم المعدني”، وهو ما يشكل “مرحلة أساسية في تطوير سلاح نووي”.
ورد ظريف مساء الخميس بالتأكيد أن “إجراءاتنا هي رد على الانتهاكات الأميركية والأوروبية”. وأضاف “سنرد على الأفعال بأفعال”.