بقلم:نبيل عمرو
ما حدث في الأردن والذي تعددت اوصافه بين انقلاب فاشل وفتنة نهضت ثم أُخمدت، ومؤامرة عقابية للدور الأردني المميز في مواجهة صفقة القرن، وتبنيه للحقوق الوطنية الفلسطينية كاملة كما يحددها ويسعى اليها الفلسطينيون.
بصرف النظر عن كل هذه العناوين الا ان ما يهمني بصورة أساسية هو رد الفعل الفلسطيني الذي بلغ حد الاجماع في اظهار الدعم للبلد التوأم، ورفض كل ما من شأنه ان يزعزع استقراره ورسوخ موقعه في المنطقة وفي حياتنا الفلسطينية.
حين يتعرض الأردن لأي إشكال صغر او كبر، يستعيد الفلسطينيون من ذاكرتهم كل ما جرى على صعيد العلاقة مع هذا البلد النوعي الهام، والذاكرة الفلسطينية منذ تأسيس العلاقة الوحدوية مع الأردن، تزدحم بأحداث فيها خصام ووفاق، وتمرد وولاء، واقتتال وتصالح، وعبر هذه المسيرة المكتظة بالاختلافات وما يوصف شعبيا بالحلو والمر، تم تصدير مصطلحات خطرة لزرعها في العقول والنفوس… صدرت للأردنيين حكاية الوطن البديل ووجدت من يشتري ويبيع في هذه التجارة الفاسدة، وصُدّرت للفلسطينيين حكاية استيلاء الأردن على الحرية والاستقلال، ولفترة لا ننكرها فعلت هذه المصطلحات فعلها وانتجت خوفا وحذرا وحتى عداءً متبادلاً الى ان تكفّل الزمن وما حمل من وقائع بنفي هذه المصطلحات عمليا، وكان لوعي الأردنيين والفلسطينيين لمصالحهم الحقيقية الاسهام الأكثر فاعلية في عزل المقولات الفاسدة واحلال تفاهم عميق وواعٍ نرى معطياته العملية في السياسة وكل شؤون الحياة وهنا حدث التبدل الكبير والعميق والايجابي والذي لخصته بعنوان هذه المقالة “كنا نخاف منه وصرنا نخاف عليه”.
لماذا نخاف على الأردن؟ بين وقت وآخر نجد انفسنا بحاجة الى إقامة ميزان للمفاضلة بين دوافع الاختلاف ودوافع الاتفاق وبين الاثمان التي يتعين دفعها في حالة الاختلاف والاثمان التي نحصل عليها في حالة الاتفاق، ودون الغوص في التفاصيل فإن النتيجة المؤكدة ان ما نحصل عليه من مواصلة التفاهم والانسجام لم يعد مجرد ميزة ترجَحُ على عكسها، بل اضحى مقوما أساسيا في حياة البلدين وفي كل ما هو مشترك بين الشعبين.
وبفعل رجحان كفة المصالح المشتركة ويقين الشعبين بحتمية رعايتها وحمايتها وتطويرها، استقرت العلاقة الأردنية الفلسطينية واضحت عصية على استقبال البضائع الفاسدة والتعاطي معها.
الخوف المشروع على الأردن هو ذات الخوف على حاضر الفلسطينيين ومستقبلهم، ودعونا نستبدل كلمة الخوف بكلمة الحرص وما حدث في الأردن خلال الأيام القليلة الماضية اثبت ان الحرص عليه كيانا ونظاما وحاضنة وفاق واعتدال تجاوز الفلسطينيين والاردنيين ليصبح موقفا إقليميا ودوليا شاملا، وهذا ليس مجرد استفتاء على الاستقرار وحتمية ان يظل ويتعمق ولكنه استفتاء على المواقف السياسية الأردنية المنسجمة تماما مع الفلسطينية.
وهنا لا مناص من كلمة مختصرة الى نتنياهو الذي حاول العبث سرا وعلنا، واظهر اقصى درجات الاستفزاز والاستخفاف والابتزاز، كلمة تقول توقف عن العبث فمردوده عكسي تماما.