معركة القدس تشتد… ولا عودة لأوسلو في الانتخابات التشريعية

20 أبريل 2021آخر تحديث :
معركة القدس تشتد… ولا عودة لأوسلو في الانتخابات التشريعية
معركة القدس تشتد… ولا عودة لأوسلو في الانتخابات التشريعية

بقلم: راسم عبيدات

من الواضح بأن الحرب الشاملة على المقدسيين تشتد وتتسع،والهدف واضح تغيير واقعيها الجغرافي والديمغرافي لصالح المستوطنين وكذلك تغيير مشهدها الكلي من مشهد عربي إسلامي الى مشهد يهودي تلمودي توراتي….والمحتل لا يترك فرصة او فسحة من الوقت إلا ويستغلها لتحقيق هذه الأهداف عبر استراتيجيات شاملة تقوم على تهويد الأرض وطرد وترحيل السكان العرب المقدسيين وزرع البؤر الإستيطانية والمستوطنين مكانهم وبموازاة ذلك استراتيجية أخرى تقوم على هدم المنازل بشكل غير مسبوق استناداً الى ما يسمى بقانون ” كامينتس” لتسريع هدم المنازل في القدس المحتلة والداخل الفلسطيني- 48-.

المحتل يجند كل طاقاته وإمكانياته ومستوياته وأجهزته مدنية وأمنية لتنفيذ مثل هذه المخططات ويرصد لها عشرات المليارات من الدولارات،فكل يوم يصحو المقدسي على مخططات ومشاريع تهويدية جديدة …لخلق أحزمة استيطانية تحول القرى والبلدات المقدسية الى جزر متناثرة في محيط اسرائيلي واسع،وكذلك تفتيت تلك القرى والبلدات وعزلها عن بعضها البعض وبما يضعف من مناعتها ووحدتها الوطنية والمجتمعية،حيث نشهد حالياً مشروعاً لإقامة حدائق تلمودية توراتية ومسارات للمشي وللدراجات ومرافق رياضية وملاعب ومجمعات الإقامة المظللة ودورات مياه عامة و مقاهي ..الخ، هذا المشروع الذي يحمل رقم “4339” يهدف لربط فندق شبرد بمبنى وزارة داخلية الإحتلال ،واختيار هذه الموقع لإقامة هذا المشروع على مساحة 30 دونماً يحمل أبعاداً رمزية واستراتيجية،فهو سيقام في منطقة تحمل اسم “كرم المفتي”، المفتي السابق الحاج امين الحسيني وكذلك يأتي موقعه في نقطة التقاء مرتفعة لسفوح جبل الشيخ جراح…وبإقامة هذا المشروع الهادف لفصل قرى شمال القدس الشيخ جراح شعفاط وبيت حنينا عن قلب المدينة وإقامة حزام استيطاني يمتد من ما يسمى بقبر الصديق شمعون بعد إخلاء عائلات ” كرم الجاعوني” الى “كرم المفتي” فمبنى وزارة داخلية الإحتلال وقيادة شرطة الإحتلال شمال شرق،وليلتقي هذا المشروع مع مشروع “واد السيليكون” ،والهادف الى تدمر وهدم 200 ورشة صناعية وتجارية في منطقة واد الجوز وإقامة مصانع “هاتيك” وفنادق مكانها وأبنية سكنية على شكل أبراج،في حين من الجهة الغربية سيتصل المشروع الإستيطاني مع أراضي ” كبانية ام هارون” المهددة بالإستلاء على بيوتها وطردهم وترحيلهم ،وكذلك يتواصل مع معسكر لحرس الحدود في تلك المنطقة،ومن ثم يربط هذا المشروع بشارع رقم (1) ومستوطنات غرب المدينة .

كثيرة هي مخططات تهويد المدينة ولكن ما هو أخطر حالياً في إنتقال دولة الإحتلال الى خطوة أخرى على طريق التقسيم المكاني للمسجد الأقصى والسيطرة على القسم الشرقي منه،والذي تبلغ مساحته طولياً ثلث مساحة المسجد الأقصى من منطقة مصلى باب الرحمة والتي يخطط لإقامة كنيس يهودي فيها الى باب الرحمة فمقبرة باب الرحمة التي استولي الإحتلال على جزء منها من أجل إقامة حدائق ومسارات تلمودية وستكون فيها قواعد ضخمة لأعمدة خرسانية ( 14)عموداً بإرتفاع 26 متراً بما يعلو عن سور القدس،بحيث يتمكن المحتل عبر ما يسمى ” بالتلفريك” القطارالطائر المار من تلك المنطقة من مراقبة كل ما يجري في المسجد الأقصى والتحكم فيه.وبالتالي تصبح منطقة باب الرحمة متصلة مع القصور الأموية ومنطقة حائط البراق،وبعد تسريب البنايتين وقطعة الأرض في منطقة حارة سلوان الوسطي مؤخراً،بنايات عواد الرويضي ومصطفى ابو ذياب وأرض يوسف أبو صبيح،يجري ربط البؤر الإستيطانية المقامة على أرض سلوان مع البؤر الإستيطانية داخل البلدة القديمة من القدس….والنقلة النوعية لتنفيذ هذا المشروع وتغيير الواقع القانوني والتاريخي والديني للأقصى نشهد خطواته العملية التنفيذية مع بداية شهر رمضان المبارك ،فمع أول من أيام الشهر الفضيل،عمدت شرطة الإحتلال الى قطع اسلاك الكهرباء عن مأذن المسجد الأقصى،من خلال اقتحامها لمأذن باب المغاربة وباب الإسباط بعد خلع الأقفال ومصادرة المفاتيح،تحت حجج وذرائع ان الصوت المرتفع من تلك المأذن يشوش على الإحتفالات التي تجري في منطقة حائط البراق فيما يسمى بذكرى الكارثة والبطولة …وهذا أثر على صلاتي العشاء والتراويح في الأقصى وتكرر نفس الفعل والممارسة في اليوم الثاني…وترافق ذلك مع منع إدخال وجبات الإفطار الى الصائمين في المسجد الأقصى …..وهذا مؤشر على أن ما جرى من عملية تقسيم للحرم الإبراهيمي في الخليل،سيجري تنفيذها في المسجد الأقصى،في ظل حالة انهيار وهرولة تطبيعية لنظام عربي رسمي منهار ومتعفن وشريك في مخططات الإحتلال،حيث هناك من قال منهم بالديانة ” الإبراهيمية” ووقع اتفاقيات ” ابراهام” التطبيعية،أي حق أتباع الديانات بالوصول للأماكن المقدسة والصلاة فيها ،وهنا تعبير عن حق لليهود في الأقصى،الذي هو مكان مقدس لأتباع الديانة الإسلامية حصرياً دون غيرهم،وبمساحته المعرف ب144 دونما،وبما يشمل ساحاته ومصاطبه وقبابه ومأذنه .

في ظل الهجمة والحرب المستعرة على القدس والمقدسيين ،وبعد الإعلان عن موعد اجراء الإنتخابات التشريعية الفلسطينية،وجدنا ان كل الأحزاب والقوى الفلسطينية والسلطة الفلسطينية يقولون بأنه لا انتخابات بدون القدس،وتركت العبارة عائمة ومبهمة وحمالة اوجه،فالبعض فسر ذلك بأن تجري الإنتخابات وفق ما جرى الإتفاق عليه في اتفاق أوسلو ،أي أن ينتخب عدد محدود من المقدسيين كما جرى في إنتخابات المجلس التشريعي عامي 1996 و 2006 في مراكز البريد الإسرائيلية،على أن ينتخب الباقي في مراكز انتخابية في ضواحي مدينة القدس،خارج سيطرة بلدية الإحتلال،وهذا يعني مشاركة منقوصة ورمزية وفق شروط واملاءات الإحتلال ورؤيته وتعريفه بأن القدس موحدة وعاصمة لدولة الإحتلال وأنه لن يسمح بأي سيادة اخرى عليها،او اجراء انتخابات فيها،في حين بأنه في ظل ما يجري من تهويد بحق المدينة،وخاصة بعد نقل السفارة الأمريكية اليها والإعتراف بها من قبل امريكا عاصمة لدولة الإحتلال ،ونقل عدد من الدول الهامشية سفارتها الى القدس،وفي ظل الهرولة التطبيعية العربية ،فإن مسألة مشاركة المقدسيين في الإنتخابات التشريعية،هي ليست مسألة تقنية،بل هي تعبير عن موقف سياسي يجب العمل على تثيبته من زاوية كسر التعريف والرؤيا الإسرائيلية بأن القدس موحدة وعاصمة لدولة الإحتلال،وكذلك تكريس قرارات الشرعية الدولية بأن القدس محتلة وفق القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية،وكذلك فض وشطب صفقة القرن الأمريكية.

مشاركة المقدسيين في الإنتخابات التشريعية انتخاباً وترشيحاً وعبر صناديق انتخابية تفتح في القرى والبلدات المقدسية الموجودة ضمن ما يسمى ب( قدس 1)،21 تجمع مقدسي تخضع لسيطرة بلدية الإحتلال ،والحق في ممارسة الدعاية الإنتخابية تحت اشراف لجنة الإنتخابات المركزية بالضرورة ان لا تكون خاضعة لأي مساومة ،لأن خلاف ذلك يضرب مصداقية السلطة والقوى والأحزاب،ويكشف أنها توظف قضية القدس لخدمة اجندات واهداف ومصالح انتخابية،وكذلك عدم مشاركة المقدسيين في هذه الإنتخابات على هذا الأساس يضرب وحدة الشعب والأرض والدستور وكذلك وحدة المرجعية الوطنية والقانونية والتاريخية .

ولذلك العودة بالمقدسيين ومشاركتهم في الإنتخابات التشريعية وفق اتفاق أوسلو ،او حتى أقل من ذلك يعني التسليم بالكامل بالشروط والإملاءات الإسرائيلية والتكيف معها ،بإعتبار سكان القدس مجرد رعايا في دولة الإحتلال حتى بدون حقوق،والإنتخابات في القدس اذا صحت الأقوال بأننا ماضون لعقد الإنتخابات في القطاع والضفة والقدس،يجب ان تتحول الى حالة من الإشتباك السياسي والشعبي والجماهيري والعالمي مع دولة الإحتلال،بحيث تفضح وتعري هذا الإحتلال ،وبالأمس السبت وقبل ذلك بأسبوعين منع الإحتلال عقد لقائين لعدد من مرشحي القدس ومؤسسات المجتمع المدني حول الإنتخابات واحد في فندق الإمبسادور والثاني في فندق السان جورج واعتقل عدد من المرشحين،وبما يؤكد بأن المحتل لن يسمح بإجراء الإنتخابات في مدينة القدس ترشيحاً وانتخابا وممارسة الدعاية الإنتخابية في بلداتهم وقراهم المقدسية وبإشراف لجنة الإنتخابات المركزية،وهذا يؤكد على أنه لا مناص من خوض الإشتباك الشعبي والجماهيري والسياسي مع المحتل حول اجراء الإنتخابات في القدس،واذا ما منع اجرائها حينها يكون تحديد موقف فلسطيني واضح من الإنتخابات والبحث في آلية تمثيل المقدسيين فيها .