بقلم: محمد سلامة
يزور رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية على رأس وفد كبير دول المغرب العربي، ويطلق تصريحات سياسية باسم الشعب الفلسطيني، كما تتمتع حركته مع الجهاد وفصائل المقاومة بغزة باعترافات عربية، وهذا يأذن ببدايات مرحلة ونهايات أخرى على الساحتين الفلسطينية والعربية ومن ثم الدولية.
منظمة التحرير الفلسطينية جرى الاعتراف بها كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني في مؤتمر الرباط 1974م، وزيارة هنية لها وتصريحاته باسم الشعب الفلسطيني هي رسالة للمنظمة ولحركة فتح تحديدا بأننا نحن نمثل الشعب الفلسطيني لا أنتم، وأن الحصاد السياسي ما بعد المواجهة الأخيرة مع إسرائيل يتمثل في سحب البساط من تحت أقدام السلطة الفلسطينية، وواضح أن الدول التي حط بها باتت تقترب من رؤية حماس وأخواتها في ملف القضية الفلسطينية ليس لجهة مشروع المقاومة والتحالف مع إيران بل لجهة الاعتراف بها كممثل للشعب الفلسطيني.
حماس وأخواتها يتمتعن باعترافات إقليمية مثل إيران وتركيا وباعتراف دولي مثل روسيا ومحدود من بريطانيا كما أن فرنسا بمواقفها ليست بعيدة عنهما، والرباعية الدولية تشترط عليهما الاعتراف باسرائيل مقابل الاعتراف بهما كممثل للشعب الفلسطيني، وجولات هنية إلى المغرب العربي تصب في هذا الاتجاه، مما يعني أن سكة السلام يصعب بلوغها دون هذه القوى الفلسطينية الصاعدة سياسيا وامنيا.
إسرائيل تدرك أن حماس وأخواتها يرغبن بنزع الشرعية عن منظمة التحرير وان البدايات يجب ان تكون من البوابة العربية، وأن الاعتراف بهما مرتبط بمنع الرئيس عباس من الذهاب إلى طريق السلام، وبعبارة أخرى نزع الاعتراف بشرعيته في تمثيل الشعب الفلسطيني، وامتلاكهما للقوة الأمنية والاستفراد بحكم غزة، ووجودهما على الأرض في الضفة الغربية، وادراك أوروبا وأمريكا أن تحقيق ألسلام يتطلب موافقة جميع الفصائل الفلسطينية..هذه الأمور وغيرها تدفعنا إلى القول أن حماس أليوم تريد انتزاع تمثيل الشعب الفلسطيني من منظمة التحرير الفلسطينية.
حماس وأخواتها يستثمرن في المواجهات المتكررة مع إسرائيل سياسيا وديبلوماسيا، وحتى ماليا، وحال فلسطين كحال بقية الدول العربية المنفلتة أمنيا، فالمعركة بالنسبة اليهن هو انتزاع الشرعية في تمثيل الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، وقراءة متانية في تصريحات السيد هنية تجدها في هذا السياق، ولا يخفى هذا على قيادة المنظمة وحركة فتح ورئيسها عباس، وعدم الحراك الإقليمي والدولي يفتح الطريق أمام فصائل المقاومة لتشكيل منظمة تحرير بديلة للمنظمة الحالية أو دخولها والسيطرة عليها، وهذا ما تحاول السلطة الفلسطينية منعه وتحذر منه، فالركون إلى الموقف الأمريكي والاوروبي لا يمكن البناء عليه خاصة أن إسرائيل ترفض الذهاب إلى مفاوضات الحل النهائي دون مشاركة فصائل المقاومة بغزة وتتذرع بأن السلطة تمثل جزءا من الشعب الفلسطيني وليس كله .
حماس قادمة بمشروعها السياسي والأمني على حساب حركة فتح ومشروعها، والمعركة في تمثيل الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، فمنظمة التحرير تواجه قوى صاعدة وراغبة في تحييدها أو دخولها والامساك بها، وبكل الأحوال فإن قيادة فتح مطالبة بالتحرك اليوم وقبل فوات الأوان لتكريس شرعية المنظمة في تمثيل الشعب الفلسطيني.
عن “الدستور” الأردنية