توصل موقع “المغطس” الإخباري بوجود مخالفة جسيمة ومستمرة في بلدية بيت ساحور.
جاء ذلك من خلال سلسلة تحقيقات ومراجعة العديد من الوثائق وإجراء لقاءات مع كافة ذوي الشأن منهم رئيس البلدية جهاد خير ونائبه المستقيل مكرم قمصيه وعدد من أعضاء المجلس المستقيلين والخبراء القانونيين المتخصصين بالشفافية الإدارية .
وتبين أن رئيس البلدية جهاد خير أصر على استمرار عمل مدير البلدية المدعو مهند شاهين رغم وجود قرار إدانة قطعي بالفساد (قضية رقم (3/2016 ) ورغم وضوح القانون من حيث المنع المطلق لتعيين من تم إدانته بحكم قطعي في قضية فساد بمنصب في أي هيئة محلية.
إلا أن المدير المعني- مهند شاهين- بقي في موقعه وقامت وزارة الحكم المحلي بتبرير استمراره كمدير للبلدية في مخالفة واضحة لقانون رئاسة الوزراء رقم 1 لسنة 2009 بشأن نظام الموظفين في الهيئات المحلية والبند 31 من قانون هيئة مكافحة الفساد الذي ينص “كل شخص صدر بحقه حكما بارتكاب جريمة الفساد يُحرم من تولي أي وظيفة عامة”.
كما توصلت “المغطس” الى استمرار تواطئ رئيس البلدية ووزير الحكم المحلي والمدعي العام في تجاهل المراسلات واللقاءات والمداخلات، بل رغم كل ذلك قام الوزير بتعيين لجنة تسيير أعمال بعد استقال غالبية الأعضاء بنفس رئيس البلدية وهو أمر اعتبرته شبكة آمان “خروج عن اساسيات حسن الإدارة.”
وقد كشفت المغطس وجود محاولات حثيثة ومستمرة لرئيس البلدية ومدير البلدية لإخفاء المعلومات وتقديم معلومات خاطئة ومضللة وتقديم ادعاءات غير موثقة بهدف تشويش الرأي العام والتهرب من الاستحقاقات القانونية. (طالع ملخص الحقائق والمغالطات والتقصير)
في التفاصيل، فإن المشكلة الرئيسية بدأت عند استقالة مديرة البلدية السيدة حنان مانولي في اخر يوم من عام 2018 ونشر دعوة لمرشحين.
يفيد رئيس البلدية جهاد خير للمغطس أن عملية الاختيار للمرشح مهند شاهين تمت بصورة قانونية. ويؤكد الأمر نفسه نائب رئيس البلدية مكرم قمصيه مؤكداً للمغطس أن المرشح مهند شاهين كان الأفضل بين كافة المرشحين. “انا شخصيا قدمت له اعلى علامة لأنه فعلا كان مميز”
عمليات التضليل والخداع
إلا أن المشاكل بدأت عند معرفة أعضاء المجلس بوجود معلومات عن إدانة شاهين بالفساد خلال فترة عمله في مدينة الرام. وهنا بدأت عمليات التضليل. فتارة تم اعلام المجلس أن التهمة ليست قطعية وأن هناك استئناف، ليتبين أن الاستئناف كان من المدعي العام والذي كان غير راضي على العقاب وكان يرغب أن يتم سجن المتهم. وثم تم إبراز قرار بالبراءة يتبين أيضا أن الأمر محاولة تضليل حيث كانت هناك تهمتان فقد أُدين وبصورة قطعية في أحدها ذات الرقم 3/2016 اما الاخرى ذات الرقم 7/2017 فقد تم تبرئته منها.
واستمرت عمليات التسويف والخداع لغاية التواصل المباشر بين أعضاء المجلس وهيئة مكافحة الفساد وبالذات رئيسها رائد محمود رضوان والذي أكد الحقائق بأن شاهين مدان بصورة قطعية وأن قرار التبرئة كان لقضية أخرى.
ورغم ذلك نجح شاهين ورئيس البلدية بالحصول على قرار من وزارة الحكم المحلي من خلال التركيز على التعيين السليم انف الذكر وتجاهل موضوع القرار القطعي بالإدانة.
كما واستمر التسويف والتضليل بمشاركة رئيس البلدية ومدير البلدية حول وجود قرار عدم محكومية والذي ثبت عدم وجوده آنذاك. فيما بعد وفي عام 2021 حصل مدير البلدية على شهادة عدم محكومية بناء على قانون “رد الاعتبار” والذي يسمح لمن خالف أن يعيد الأموال التي أدين بها وإذا كان له حسن سلوك بعد مرور خمس سنوات يتم مسح كافة القضايا التي أدين بها.
إلا أن شاهين لم يقدم أي تفاصيل عن حصوله على قرار عدم المحكومية بناء على قانون رد الاعتبار ولم يقدم اي تفاصيل او وثائق رد الاعتبار في محاولة خداع للمواطنين أنه من الأصل بريء، في حين أن عدم المحكومية جاءت بعد خمس سنوات من الإدانة وبحسب قانون رئاسة الوزراء وقانون هيئة مكافحة الفساد يمنع من أدين بتهمة فساد من تولي أي منصب حكومي بصورة مطلقة.
رئيس البلدية جهاد خير ذكر في رده الخطي للمغطس أن عدم المحكومية لمدير البلدية شاهين صدرت بناء على قانون رد الاعتبار.
التناوب والتهرب من الالتزامات
وفي ظل الخلافات على تعيين مدير البلدة ظهرت امور اخرى منها تعثر تنفيذ التناوب بين الرؤساء في مخالفة لاتفاق تم بان يكون مكرم قمصيه رئيس للبلدية بتاريخ 1-6- 2019 وقد تنصل العديد من المتعهدين بتنفيذ التناوب ومنهم عضو مركزية فتح جمال المحيسن معتمدا على بند في الاتفاق يسمح بعدم تنفيذ التناوب في حال “تعذر الأمر” وقد اعتبر محيسن أن رفض رئيس البلدية جهاد خير الاستقالة يشكل “تعذر التناوب” الأمر الذي استغرب بشأنه قمصيه كثيرا معتبرا أن كافة من وقعوا على اتفاق التناوب خرقوا عهودهم وتواقيعهم.
الاستقالات الجماعية لا تغيير أمراً
استقال غالبية أعضاء المجلس البلدي في شهر ايار 2021 في محاولة لتغيير ما اعتبر إدارة غير صحيحة إلا أن حتى تلك الاستقالة لم تغيّر أمر، حيث قام وزير الحكم المحلي بحل المجلس البلدي وتعيين لجنة تسيير الأعمال برئاسة نفس رئيس البلدية جهاد خير الأمر الذي اعتبره المستشار القانوني لائتلاف أمان بلال البرغوثي في حديث مع المغطس أنه “خروج عن أساسيات الحكم السليم رغم انه قانوني بسبب الصلاحيات الواسعة التي تُمنح لوزير الحكم المحلي.”
المستشفى الهندي
يقول بعض أعضاء المجلس المستقيلين أن سبب تمسك رئيس البلدية بمديره يتعلق بمشروع بناء مستشفى بدعم من الحكومة الهندية ويقول المعترضون أن رئيس البلدية اختلق موضوع رفض اسرائيل لبناء المستشفى في منطقة شق غراب وأنه كان يحاول بالتعاون مع جهات كنسية أرثوذكسية ومع اللجنة الكنسية بناءه في موقع الدير الذي يشمل 300 دونم. إلا أن رئيس البلدية يرفض التهمة بالقول.
الفتنة وزعزعة النسيج الوطني
قد يكون أخطر ما جاء في الخلافات الحادة في بيت ساحور هو الموضوع الطائفي وزجه في الخلافات واستخدامه كوسيلة للتغاضي عن المخالفات على خلفية أن عزل المدير وهو من خلفية إسلامية ستهز السلم الأهلي وهو ما رفضه رئيس البلدية ومكرم قمصيه. في حين يقول البعض إن الخلافات شكلت فعلا زيادة في التنمر والفتنة والتباعد بين أبناء نفس المدينة والوطن وأنه لا يجوز التهديد في الأمر لاستمرار التعيينات المخالفة للقانون الفلسطيني الذي من المفترض أن يسري على الجميع بغض النظر عن الخلفيات الدينية.
ردود أصحاب الشأن
اتصلت “المغطس” برئيس البلدية ووزارة الحكم المحلي والناطق الرسمي باسم رئاسة الوزراء الزميل إبراهيم ملحم ولم يرد أي منهم سوى رئيس بلدية بيت ساحور، ننشر أهم ما جاء في ردوده هنا وفي الملف التالي يمكن قراءة الردود الكاملة للخمس أسئلة التالية التي تم طرحها على السيد جهاد خير.
يقول رئيس البلدية وفي رده على سؤال المغطس لماذا لم يتم الطلب من المرشح لمنصب مدير البلدية إبراز شهادات عدم محكومية بعد معرفة الإدانة من هيئة مكافحة الفساد قال السيد جهاد خير للمغطس ان البلدية ” لم تطلب منه أو من أي موظف سابق منذ تأسيس بلدية بيت ساحور و لم تكن من شروط التوظيف المعلنة بالجريدة آنذاك، و خلال عمله بالبلدية لم يطلب منه رسميا إحضارها بتاتا كونه موظف مثبت و مصنف على براءة التشكيلات مع العلم بأن المذكور حاصل شهادة عدم المحكومية صادرة عن وزارة العدل مرتين في عام ٢٠٢١ الاولى بشهر حزيران والثانية بشهر أيلول لهذا العام،
وردا على سؤال المغطس: لماذا لم يتم إلغاء العقد معه بعد ان تبين انه تم إدانته حسب ما أعلنت هيئة محاربة الفساد؟ قال جهاد خير للمغطس: “تم رفع ملفه بالكامل الى الجهة الاختصاص المسؤولة عن الهيئات المحلية وهي وزارة الحكم المحلي وذلك استنادا الى مخاطبات هيئة مكافحة الفساد بخصوص عمله السابق في بلدية الرام والحكم الصادر في حينه. وبعد فحص ملفه بالكامل وكافة الوثائق و القرارات المتعلقة بوضعه القانوني في الوظيفة, أكدت الوزارة على سلامة وقانونية اجراءات تعيينه وتوظيفه اصولا في حينه ونظرا للازمة التي أثارها الأعضاء المستقيلين في المدينة والتي تسببت في تهديد واضح السلم الأهلي وتعزيز الانقسامات في المدينة وخرق كل مفاهيم العيش المشترك و تعزيز الانقسام في مصداقيته واتهامه بالفساد، قمنا بالطلب منه و بشكل شخصي إحضار شهادة عدم محكومية أو إثباتا لحسن سيرته و سلوكه، و قد تم إحضار المطلوب منه بقرار محكمة صادر شهر حزيران للعام 2021 برد اعتبار السيد مهند شاهده بقانونية طلبه تم اصدار قرار عدم المحكومية له.
واقر خير انه لم تصل البلدية رسالة خطية من اسرائيل تمنع إقامة مستشفى في ارض عش الغراب. “بخصوص سؤالكم حول موضوع المستشفى الهندي فإننا لم نتلقى لتاريخه أي رسالة رسمية بالموافقة أو الرفض من الجانب الإسرائيلي وقد كانت مسؤوليتنا محصورة بتوفير قطعة الأرض وتخصيصها لإقامة المستشفى قد تم ذلك بقرار المجلس بلدي.”
الحقائق، المغالطات والتقصير
ننشر فيما يلي ملخص يوضح الحقائق المدعومة بوثائق ومتابعات والمعلومات الخاطئة والمضللة والجهات المقصرة
الحقائق
تم تعيين مهند شاهين بصورة قانونية ضمن المعلومات المتوفرة آنذاك
مهند شاهين مدان بقرار قطعي عام 2016
القانون الفلسطيني (رئاسة الوزراء لإدارة المؤسسات المحلية (1) ومكافحة الفساد المادة 31) يمنع تعيين أي شخص أدين بصورة قطعية بالفساد من تولي أي منصب عام.
رد الاعتبار وشهادة عدم محكومية شاهين مدير البلدية بعد مرور 5 سنوات على الإدانة القطعية لا يلغي القانون الذي يمنع تولي منصب من تم ادانته بتهمة فساد
المعلومات الخاطئة
1. أن التعيين السليم يعفي البلدية من متابعة معلومات جديدة بوجود مخالفة جسيمة.
2. أن هناك استئناف ولذلك القرار غير قطعي. لا يوجد أي استئناف من قبل مهند شاهين.
3. أنه تم تبرئة مهند من التهمة ليتبين أنها تهمة أخرى التي تم تبرئته منها والإدانة القطعية لقضية 3/2016 قائمة.
التقصير
رئيس البلدية أخل بمسؤوليته في احترام القانون وتطبيق مبادئ الحكم الرشيد.
وزارة الحكم المحلي أخلت بمسؤولياتها تنفيذ القانون ودعمت رئيس البلدية المخالف واعادة تعيينه لرئاسة لجنة تسيير الاعمال.
المدعي العام فشل في مهمته للجمهور العام من خلال متابعة الحق العام في مخالفات قانونية واضحة.
المصدر: موقع المغطس