قال رئيس دولة فلسطين محمود عباس، “إننا سننظر في خياراتنا كلها، خاصة بعد أن تجاوبنا إلى أقصى مدى، مع الجهود الدولية الرامية لإيجاد حل عادل للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وأوفينا بكل التزاماتنا، بحيث لا يستطيع أحد أن يلقي علينا بأية مسؤولية في عرقلة عملية السلام”.
وأكد سيادته، في كلمته خلال افتتاح أعمال الدورة الـ31 للمجلس المركزي الفلسطيني، في قاعة أحمد الشقيري بمقر الرئاسة في مدينة رام الله، مساء اليوم الأحد، أن التحديات الوجودية التي تواجهنا اليوم تقتضي منا مواصلة الحفاظ على منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا الفلسطيني، والعمل على تطوير مؤسساتها، والحفاظ على القرار الوطني المستقل، والتمسك بثوابتنا الوطنية المعتمدة في المجلس الوطني بالجزائر عام 1988.
وشدد على أنه “لم يعد ممكنا السكوت على الوضع القائم، وأصبح لزاما علينا اتخاذ قرارات مصيرية كي نحافظ على وجودنا على أرض وطننا، من أجل القدس، درة التاج، ومن أجل فلسطين حرة أبية”.
وأضاف سيادته أن اتفاق أوسلو الذي تم توقيعه بيننا وبين إسرائيل، هو اتفاق انتقالي، ليس به أية تنازلات عن ثوابتنا الوطنية، بل على العكس، فقد أعاد منظمة التحرير الفلسطينية للوطن، التي قامت بدورها في تأسيس مؤسسات سلطتنا ودولتنا على أرض وطننا فلسطين.
وقال الرئيس “إننا أحوج ما نكون في هذه المرحلة للدفاع عن أرضنا ووجودنا وهويتنا وقدسنا ومقدساتنا، والبحث عن وسائل تنهي الاحتلال عن أرض دولة فلسطين بعاصمتها القدس الشرقية، والعمل على تكثيف المقاومة الشعبية السلمية التي أصبحت خيارنا الأساس، وتوسيع نطاقها لمواجهة اعتداءات المستوطنين الإرهابية، والوقوف بقوة في وجه مخططات الاحتلال الرامية إلى الاستيلاء على ارض وطننا”.
وشدد الرئيس أن “علينا مواصلة الحفاظ على منجزاتنا الوطنية، ومواصلة بناء مؤسسات دولتنا، والحفاظ على حداثتها وديمقراطيتها والالتزام بسيادة القانون، والاستمرار في المراجعات والإصلاحات الضرورية، بحيث تكون حكومتنا قادرة على مواجهة التحديات، وتلبية احتياجات ومتطلبات المجتمع الفلسطيني”.
وأكد سيادته “أننا نولي عملية الإصلاح الشاملة اهتماما بالغا ونأخذها على محمل الجد”، مؤكدا أن الحكومة الفلسطينية ومؤسساتها هي شأن فلسطيني داخلي لا يحق لأحد أن يتدخل فيه.
وتابع الرئيس أنه “بالرغم مما نتعرض له من صعوبات، سنواصل العمل مع المجتمع الدولي، ومد أيدينا للسلام العادل والشامل، والعمل على عقد مؤتمر دولي للسلام، وتوفير آلية حماية دولية لشعبنا وأرضنا، تحت رعاية الرباعية الدولية، ووفق قرارات الشرعية الدولية، والمرجعيات المعتمدة، والمبادرة العربية للسلام، كما وسنواصل العمل لتحقيق المزيد من الاعترافات بدولة فلسطين وتعزيز وجودها في النظام الدولي”، مؤكدا “على موقفنا الرافض للعنف والإرهاب أياً كان مصدره”.
وأكد سيادته أن مواجهة هذه التحديات تتطلب أيضا إنهاء فوريا للانقسام الداخلي في إطار الالتزام بالشرعية الدولية، داعيا جميع الفلسطينيين لوضع مصلحة الوطن والشعب فوق أي اعتبار مهما كان.
وقال الرئيس إن الغالبية العظمى من الدول العربية تؤمن بالمبدأ الذي رفعناه منذ البدايات بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للآخرين، ولذلك فإن علاقاتنا العربية لا تشوبها شائبة، ولا نلتفت إلى أية حالة شاذة، ونعمل على علاجها بروح الحرص على وضع الأمور في نصابها الصحيح حرصا على العلاقات الأخوية التي يجب أن تسود دائماً بين الجميع.
ووجه سيادته تحية إجلال وإكبار لشهدائنا وأسرانا وجرحانا وعائلاته، كما حيا جالياتنا الفلسطينية التي تناضل من أجل شرح روايتنا وإظهار حقوق شعبنا، مشيدا بالدول والمنظمات الدولية وغيرها، وكل من يقف إلى جانب حرية وعدالة قضيتنا في العالم أجمع.
وفيما يلي نص كلمة الرئيس محمود عباس أمام الدورة الـ31 للمجلس المركزي الفلسطيني:
أيتها الأخوات، أيها الإخوة – الضيوف الكرام
لقد انقضى ما يزيد عن ثلاث وسبعين سنة منذ النكبة الفلسطينية، وما يزيد عن أربع وخمسين سنة على احتلال إسرائيل لأرض دولة فلسطين، وثلاثون عاماً على توقيع اتفاق أوسلو، ولا زال الاحتلال جاثماً على صدورنا، دون محاسبة أو عقاب.
لقد مر شعبنا الفلسطيني بمآس ومجازر وتشريد بسبب ما قامت به عصابات الغزو الصهيوني، بعد أن قامت بجريمة اقتلاع أكثر من نصف الشعب الفلسطيني من أرضه وارتكاب العديد من المجازرِ التي ذبحت وقَتلت خلالَها الآلاف من الفلسطينيين في العام 1948، ونذكر منها مجازر بلد الشيخ، ودير ياسين، وأبو شوشة، والطنطورة، وعين الزيتون، وقبية وقلقيلية وكفر قاسم وخان يونس وغيرها، والتي تلاها تدمير ومسح آثار أكثر من خمسمائة قريةٍ وبلدةٍ وتجمعٍ فلسطيني، وواصلت سلطات الاحتلال الإسرائيلي ارتكاب العديد من هذه الجرائم في حروبها واعتداءاتها على الضفة وغزة والقدس وحتى يومنا هذا.
وقد صدر مؤخراً مقال للمؤرخ الإسرائيلي إيلان بابيه عن مذبحة الطنطورة في 1948، مؤكداً بالوثائق مسؤولية القوات الإسرائيلية عن هذه الجريمة النكراء، داعياً لإنهاء الاستعمار وتطبيق حق العودة. إن ملف المجازر بمجمله لن يغلق طالما لم تعترف إسرائيل بمسؤوليتها السياسية والقانونية والمادية، فهذه الجرائم لا تسقط بالتقادم.
وبدلاً من أن تلتزم سلطات الاحتلال الإسرائيلي بالاتفاقيات الموقعة معها، وتحويلها إلى اتفاقات سلام دائمة، تقوم على الاعتراف بحقوق شعبنا في الحرية والاستقلال والدولة، وفق قرارات الشرعية الدولية، وبدلاً من أن تنهي الدولة القائمة بالاحتلال احتلالها لأرضنا وشعبنا، نجدها تزيد من سطوتها الاستعمارية على أرضنا، من خلال هجمتها المسعورة المتمثلة بالاستيلاء على الأرض، وتوسيع نشاطاتها الاستيطانية، فضلاً عن الاعتداءات الإرهابية لمستوطنيها، التي تجري بحمايته.
كما تجاهر حكومة الاحتلال صراحة بتنصلها من حل الدولتين والعمل الممنهج لتقويضه، والتمادي في انتهاك الوضع التاريخي والقانوني للمسجد الأقصى، وجميع مقدساتنا الإسلامية والمسيحية الأخرى، والإمعان في تغيير هوية القدس وطابعها، وهدم منازل أهلها وطردهم من أحيائها، والتنكيل بأسرانا في سجونها، واحتجاز جثامين شهدائنا، وتدمير اقتصادنا الوطني، وتصنيف مرفوض لمنظمات مدنية فلسطينية بالإرهاب، ومواصلة الحصار الجائر لقطاع غزة، والعديد العديد من الجرائم العنصرية اليومية التي لا يتسع المجال لذكرها سعياً منها لتكريس نظامها للتمييز العنصري والاضطهاد، وسياسة التطهير العرقي للشعب الفلسطيني، والذي أجمعت عليه أهم ثلاث منظمات حقوق إنسان في العالم اليوم، هيومان رايتس ووتش، وأمنستي أنترناشيونال، وبيت سيلم واعتبرت إسرائيل دولة فصل عنصري (أبرتهايد).
ومع ذلك فإننا نجري اتصالات مع وزراء ومسؤولين إسرائيليين (غانتس – لابيد وغيرهم) كانت لحل قضايا تخدم مصالح شعبنا، وتطبيق جزء من التزامات إسرائيل في الاتفاقيات الموقعة، ولم ولن تكون بديلاً عن مطالبنا بالحل السياسي وفق الشرعية الدولية لإنهاء الاحتلال.
ومنذ قدوم الرئيس بايدن إلى البيت الأبيض، طوينا صفحة وقف العلاقات مع إدارة الرئيس السابق ترامب بسبب ما اتخذته من قرارات تنتهك القانون الدولي وبخاصة صفقة القرن التي رفضناها لأسباب عدة، وعلى رأسها اعتراف تلك الإدارة بالقدس عاصمة موحدة لإسرائيل، وبدأنا صفحة جديدة مع إدارة الرئيس بايدن، الذي سمعنا منها وعوداً ومواقف إيجابية تجاه قضيتنا، تأملنا منها خيراً، تمثلت في إعلان تمسك الإدارة بحل الدولتين، والتأكيد على أننا شركاء، ورفض التوسع الاستيطاني، ورفض أية إجراءات أحادية الجانب، واحترام الوضع التاريخي القائم في الحرم القدسي الشريف، ورفض طرد الفلسطينيين من حي الشيخ جراح وسلوان بالقدس من منازلهم، وإعادة فتح القنصلية الأمريكية في القدس الشرقية، إلا أنه رغم انقضاء عام على عمل إدارة الرئيس بايدن، وانخراطنا الإيجابي لتعزيز العلاقة الثنائية معها، فلا زلنا نأمل في إحراز تقدم لوضع هذه المواقف موضع التنفيذ قبل فوات الأوان.
أما المجتمع الدولي، والأمم المتحدة على وجه التحديد، ورغم تقديرنا العالي للقرارات العديدة التي أصدرتها لإنهاء الاحتلال، وتجسيد استقلال الدولة، ورغم المواقف السياسية والمساعدات الاقتصادية التي تقدمها دول العالم المختلفة، فإنها، وبسبب تصرف إسرائيل وكأنها دولة فوق القانون الدولي، تقف اليوم عاجزةً عن تنفيذ هذه القرارات الأممية، أو حتى وقف السياسات الاحتلالية والاستيطانية التي تقوم بها إسرائيل، والتي من شأنها تقويض حل الدولتين، وقتل ما تبقى من الأمل لصنع السلام، وأصبح المجتمع الدولي بدوله كافة غير قادر على توفير الحماية الدولية لشعبنا.
الأمر الذي يجعلنا نتساءل، ما فائدة القرارات الدولية التي لا يتمكن المجتمع الدولي من تطبيقها، أمام الغطرسة الإسرائيلية؟ إننا لا زلنا نأمل بأن يقوم المجتمع الدولي بمسؤولياته في تنفيذ قراراته المتعلقة بالقضية الفلسطينية، وتحقيق الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.
أمام كل ذلك، وقياماً بواجبنا في حماية مصالح شعبنا، فإنه يتحتم علينا القيام بما يلي:
1. إعادة النظر في الوضع القائم بأسره، وترتيب أوضاعنا الداخلية، والنظر في خياراتنا كلها، وفي علاقاتنا مع دولة الاحتلال، بما يمكننا من الصمود على أرضنا، والحفاظ على حقوق شعبنا في أرض وطنه، وأكرر هنا بأننا سننظر في خياراتنا كلها، خاصة بعد أن تجاوبنا إلى أقصى مدى، مع الجهود الدولية الرامية لإيجاد حل عادل للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وأوفينا بكل التزاماتنا، بحيث لا يستطيع أحد أن يلقي علينا بأية مسؤولية في عرقلة عملية السلام. ما هي الأخطاء التي ارتكبناها؟ وما هي الاتفاقيات التي نقضناها؟ وهل يمكن استمرار الالتزام بالاتفاقيات من جانب واحد، بالطبع لا، لأننا حافظنا على كل ما وقعنا عليه من اتفاقيات والتزمنا بالشرعية الدولية كاملة.
2. إن التحديات الوجودية التي تواجهنا اليوم تقتضي منا مواصلة الحفاظ على منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا الفلسطيني، والعمل على تطوير مؤسساتها، والحفاظ على القرار الوطني المستقل، والتمسك بثوابتنا الوطنية المعتمدة في المجلس الوطني بالجزائر عام 1988. وكما يعلم الجميع فإن اتفاق أوسلو الذي تم توقيعه بيننا وبين إسرائيل، هو اتفاق انتقالي، ليس به أية تنازلات عن ثوابتنا الوطنية، بل على العكس، فقد أعاد منظمة التحرير الفلسطينية للوطن، التي قامت بدورها في تأسيس مؤسسات سلطتنا ودولتنا على أرض وطننا فلسطين.
3. إننا أحوج ما نكون في هذه المرحلة للدفاع عن أرضنا ووجودنا وهويتنا وقدسنا ومقدساتنا، والبحث عن وسائل تنهي الاحتلال عن أرض دولة فلسطين بعاصمتها القدس الشرقية، والعمل على تكثيف المقاومة الشعبية السلمية التي أصبحت خيارنا الأساس، وتوسيع نطاقها لمواجهة اعتداءات المستوطنين الإرهابية، والوقوف بقوة في وجه مخططات الاحتلال الرامية إلى الاستيلاء على أرض وطننا. ونشيد في هذا الصدد بهبة الشيخ جراح، والأقصى وهبة الأسرى وصمود أهلنا في القدس وبطولات المقاومة الشعبية السلمية لأهلنا في القرى والمدن والمخيمات في كل مكان على أرض فلسطين دفاعاً عن هويتنا ووجودنا.
4. ولا بد من مواصلة دعم صمود أهلنا في الشتات والمخيمات، لذلك فإننا نعمل على حشد الموارد لاستمرار عمل وكالة الاونروا لتمكينها من القيام بواجباتها تجاه اللاجئين الفلسطينيين في أماكن تواجدهم كافة، ومن جانبنا، أود أن أشيد ببرنامج دعم التعليم الجامعي لأبناء شعبنا في لبنان الذي استطاع أن يوفر الدعم اللازم لتعليم 6700 طالب وطالبة تم تخرجهم من الجامعات، علاوة على 1800 آخرين لا زالوا يدرسون على مقاعد الدراسة في الجامعات. وأذكر هنا بالمساهمات التي تم إنجازها لرفع كفاءة الخدمات الصحية ومستشفيات وعيادات الهلال الأحمر الفلسطيني في لبنان وسوريا، وكذلك الحال في أرض الوطن.
5. وبالإضافة لما سيتخذه مجلسنا المركزي هذا، من قرارات لمواجهة التحديات المختلفة التي تواجهنا، بما فيها القرارات التي اتخذها المجلس عام 2018 ولم يكتب لها التطبيق، علينا مواصلة الحفاظ على منجزاتنا الوطنية، ومواصلة بناء مؤسسات دولتنا، والحفاظ علي حداثتها وديمقراطيتها والالتزام بسيادة القانون، والاستمرار في المراجعات والإصلاحات الضرورية، بحيث تكون حكومتنا قادرة على مواجهة التحديات، وتلبية احتياجات ومتطلبات المجتمع الفلسطيني، وتطبيق معايير الشفافية والمساءلة ومكافحة الفساد وحرية التعبير وفق القانون، وتعزيز الشراكة مع المجتمع المدني والقطاع الخاص، ومواصلة النهوض بالاقتصاد الوطني، ودعم الإبداع وتمكين المرأة والشباب. ولا بد من تعزيز القضاء ليؤدي دوره بشكل أفضل مما هو عليه الآن.
وفي هذا الصدد، نود التأكيد على أننا نولي عملية الإصلاح الشاملة اهتماماً بالغاً ونأخذها على محمل الجد، لذلك فقد شكلنا لهذا الغرض لجنة وطنية، ونحن على استعداد لاتخاذ ما يلزم من إجراءات لإنجاح عملية الإصلاح التي يستحقها أبناء شعبنا الصامد، مؤكدين على أن الحكومة الفلسطينية ومؤسساتها هي شأن فلسطيني داخلي، لا يحق لأحد أن يتدخل فيه.
6. بالرغم مما نتعرض له من صعوبات، سنواصل العمل مع المجتمع الدولي، ومد أيدينا للسلام العادل والشامل، والعمل على عقد مؤتمر دولي للسلام، وتوفير آلية حماية دولية لشعبنا وأرضنا، تحت رعاية الرباعية الدولية، ووفق قرارات الشرعية الدولية، والمرجعيات المعتمدة، والمبادرة العربية للسلام، كما وسنواصل العمل لتحقيق المزيد من الاعترافات بدولة فلسطين وتعزيز وجودها في النظام الدولي، مؤكدين على موقفنا الرافض للعنف والإرهاب أياً كان مصدره.
وقد أوضحنا في كلمتنا أمام الجمعية العامة في سبتمبر الماضي، أنه أمام تقويض حل الدولتين الذي تقوم به سلطات الاحتلال الإسرائيلي، فهناك مقترحات يمكن العمل عليها، وهي الدولة الواحدة بحقوق متساوية للجميع، وهناك أيضاً قرار التقسيم للعام 1947 الذي يعطي الدولة الفلسطينية 44% من أرض فلسطين التاريخية. إننا نسعى ليعيش شعبنا على أرضه وفي دولته المستقلة ذات السيادة بعاصمتها القدس الشرقية، ولا يمكن أن نقبل ببقاء الاحتلال على أرضنا للأبد.
7. إن مواجهة هذه التحديات تتطلب أيضاً إنهاءً فورياً للانقسام الداخلي في إطار الالتزام بالشرعية الدولية، وإنني أدعو جميع الفلسطينيين لوضع مصلحة الوطن والشعب فوق أي اعتبار مهما كان، فالقدس وفلسطين فوق الجميع.
ولا يعقل استمرار الحوارات الفلسطينية بين الفصائل حول المصالحة، طوال هذه السنوات، دون إقرار الجميع بالشرعية الدولية والاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلاً شرعياً ووحيداً لشعبنا الفلسطيني.
8. وكما يعلم الجميع، فقد دعونا لعقد انتخابات رئاسية وتشريعية وللمجلس وطني، ولكننا أجلناها لحين تمكننا من عقدها في مدينة القدس، وشرعنا على الفور في تنظيم الانتخابات البلدية التي أنجزنا مرحلتها الأولى، وجاري العمل على إنجاز المرحلة الثانية في موعدها المقرر في الشهر القادم.
9. هناك إجماع عربي على مركزية القضية الفلسطينية من خلال قرارات القمم العربية والدعم العربي لقرارات فلسطين لدى المحافل الدولية كافة.
إن الغالبية العظمى من الدول العربية تؤمن بالمبدأ الذي رفعناه منذ البدايات بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للآخرين، ولذلك فإن علاقاتنا العربية لا تشوبها شائبة، ولا نلتفت إلى أية حالة شاذة، ونعمل على علاجها بروح الحرص على وضع الأمور في نصابها الصحيح حرصاً على العلاقات الأخوية التي يجب أن تسود دائماً بين الجميع.
10. نستذكر في هذه الأيام الصعبة التي تمر بها قضيتنا، وعد بلفور الذي أصدرته حكومة بريطانيا بدعم من حكومة الولايات المتحدة الأمريكية في العام 1917، وعملتا على إدراجه في وثائق عصبة الأمم، وصك الانتداب البريطاني على فلسطين، لتحكما بذلك تنفيذ هذه الجريمة التي تسببت بحرمان الشعب الفلسطيني من حقوقه السياسية وحقه في تقرير المصير، وتشريد أكثر من نصف الشعب الفلسطيني الذي لازال يعاني المآسي والنكبة في أماكن لجوئه كافة.
هذه فرصة لجميع دول العالم لتقوم بتحمل مسؤولياتها برفع الظلم الناجم عن وعد بلفور وبخاصة تلك الدول التي تسببت في مأساة الشعب الفلسطيني، كما قالت الكاتبة الفرنسية “فيفيان فورستييه”: نحن الأوربيين الذين صنعنا مأساة الشعب الفلسطيني.
11. الربيع العربي-الربيع الامريكي-الشرق الاوسط الجديد والفوضى الخلاقة: اعترافات رئيس المخابرات الأسبق وهيلاري كلنتون: – أخطأنا في محاولات الانقلاب في العديد من الدول العربية.
– صرفنا مليارات الدولارات، وكانت النتيجة ظهور داعش.
– دمرنا الجيش العراقي، وحاولنا تقسيم مصر وغيرها.
– حكومة أوباما دربت الحقوقيين والخونة لتدمير حكوماتهم.
– الشعب المصري سطر بطولة في 30/6/2011 وأنقذ مصر بقيادة الرئيس السيسي.
أيتها الأخوات، أيها الإخوة،
شعبنا والعالم كله ينظر إلى جلسة هذا المجلس، ليرى ما هي القرارات والمواقف السياسية والأمنية والاقتصادية التي سيتخذها مجلسكم، ومدى الجدية في تطبيقها.
يجب أن نركز اهتمامنا على هذه القضايا دون غيرها، لأنها هي وحدها الأساس في همومنا الحالية والمستقبلية.
لم يعد ممكناً السكوت على الوضع القائم، وأصبح لزاماً علينا اتخاذ قرارات مصيرية كي نحافظ على وجودنا على أرض وطننا، من أجل القدس، درة التاج، ومن أجل فلسطين حرة أبية، تقف شامخة الرأس بين دول العالم، تفخر بشعبها الأبي الذي شكل ويشكل نموذجاً للشعوب المناضلة التواقة للحرية والعيش بسلام.
وفي الختام أود أن أنتهز هذه الفرصة لأوجه التحية لكل أبناء شعبنا في كل مكان، ولكل الشعوب والدول التي تضامنت مع شعبنا في هبة القدس، وهبة الأسرى، وضد الاعتداءات الوحشية التي أودت بحياة المئات ودمرت وشردت الآلاف من أبناء شعبنا، في الضفة والقدس وقطاع غزة. والتحية كل التحية لشهدائنا وأسرانا وجرحانا وعائلاتهم.
كما وأجدد التحية لكل من يعمل من أجل شرح روايتنا الفلسطينية وإظهار معاناة شعبنا حول العالم وبشكل خاص في الولايات المتحدة وأوروبا، مطالبين بإنهاء الاحتلال والأبارتهايد والتطهير العرقي، وداعين لتحقيق العدالة والحرية وتقرير المصير لشعبنا، وهي بداية صحوة نحو نيل الشعب الفلسطيني حقه في الحرية والاستقلال، وحقه في الحياة والمساواة والدولة.
والسلام عليكم.