ضمن سسلسة تقارير تكشف العلاقات السرية بين إدارة أوباما والتنظيم الدولي للإخوان المسلمين، نشر موقع “موجز الشرق الأوسط” الأمريكي، تقريراً حول الجانب الأمريكي – المصري في تلك العلاقات.
يشير التقرير بداية إلى أن إدارة أوباما أجرت تقييماً لجماعة الإخوان في 2010 و2011، أي قبل انطلاقة ما يسمى “الربيع العربي” في تونس ومصر، وقام الرئيس أوباما شخصياً بإصدار “دراسة توجيه رئاسية” في 2010، طالباً تقييماً لجماعة الإخوان وحركات “الإسلام السياسي” الأخرى.
فوز مرسي المحتم
وتابع الموقع أنه في أبريل (نيسان) 2012 منحت وزارة الخارجية الأمريكية ووزارة الأمن الداخلي “معاملة خاصة” لوفد الإخوان المصري القادم إلى الولايات المتحدة، وفي ذلك الوقت ووفقاً للتوجيه الرئاسي نفسه وللنهج السياسي السائد في الإدارة الأمريكية، نشطت هذه الأخيرة لدعم الإخوان في قيادة القوى “الديمقراطية” من أجل التغيير في عدد من دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بما فيها مصر وتونس وسوريا وليبيا. وجاءت زيارة الإخوان تلك إلى واشنطن “لتحسم الاتفاق” بأن الإخوان و”الإسلام السياسي” سيكونون الفائزين في أول انتخابات بعد الاطاحة مبارك.
تغيير جذري
وأوضح الموقع، وفقاً لمصادر إخوانية، بأن الإعداد لزيارة وفد الإخوان إلى الولايات المتحدة وتنفيذها، وبين سبتمبر (أيلول) 2010 وفبراير (شباط) 2011، وجه البيت الأبيض مذكرة مشتركة إلى هيئات حكومية عديدة منها مجلس الأمن القومي ووزارة الخارجية، توضح التغيير الجذري لسياسة الولايات المتحدة لصالح جماعة الإخوان.
ويفيد الموقع بأن هناك العشرات من الرسائل الإلكترونية الداخلية بين مجلس الأمن القومي والبيت الأبيض وغيرها من المنظمات، التي توثق مستوى الاهتمام وإعطاء الأولوية لوضع استراتيجية بشأن الإخوان والإسلام السياسي. بالإضافة إلى ذلك، نقل الموقع وثائق تكشف تقديم “معاملة خاصة” للإخوان في زيارتهم الأولى تلك للولايات المتحدة.
دخول الإخوان لأمريكا
ويكشف الموقع سلسلة من وثائق وزارة الخارجية ووزارة الأمن الوطني، التي اضطرت الخارجية الأمريكية إلى الإفراج عنها بموجب قانون حرية المعلومات، أظهرت أن مكتب وزارة الخارجية للبروتوكول منح “تسهيل دخول” لأربعة مسؤولين من الإخوان بعد دعوتهم لزيارة واشنطن من قبل إدارة أوباما، لتحسين صورة حزب الحرية والعدالة التابع لجماعة الإخوان، وإظهاره كمنظمة إسلامية معتدلة إصلاحياً، وجاءت تلك الزيارة قبل شهرين من الانتخابات الرئاسية المصرية التي جرت في يونيو (حزيران) 2012، وفاز فيها المعزول مرسي بفارق ضئيل.
ويفصّل الموقع وثيقة وزارة الخارجية التي حددت شروطاً مسبقة لمثل هذه “التسهيل في الدخول”، ونصت على أنه يجب أن يحظى الوفد بمعاملة خاصة والتي عادة ما تمنح لوفود رؤساء الدول، الملوك، وأعضاء الأسرة المباشرين، أو أفراد الأمن.
وتشير وثيقة منفصلة لمكتب البروتوكول في وزارة الخارجية الأمريكية، إلى أن المكتب لديه حرية التصرف لمنح المركز المتميز لـ “أشخاص معينين عن طريق مكتب البروتوكول”، وجاء التسهيل بناء على طلب من السفارة الأمريكية في القاهرة.
الأمن الداخلي
واستكمل الموقع مبيناً أن التنفيذ الفعلي لإدخال الإخوان جرى من قبل وزارة الأمن الداخلي، إذ أشارت وثيقة غير مؤرخة إلى أن مكتب وزارة الأمن الداخلي للجمارك وحماية الحدود كان في الواقع الجهة المسؤولة عن تنفيذ الإدخال الجمركي، “على الرغم من أن مكتب البروتوكول هو وسيلة الاتصال الأولي ومكتب تجهيز طلبات التخليص ميناء المستعجلة”.
شروط الدخول
واستطرد الموقع في كشف الوثائق لافتاً إلى أن واحداً فقط من أعضاء جماعة الإخوان الذين كانوا يزورون الولايات المتحدة وهو عضو في البرلمان، استوفى الشروط المطلوبة للدخول، كونه “موظفاً في حكومة أجنبية”، وهذا يعني أن القواعد كانت عازمة جدياً على الإسراع في استخراج موافقات الزيارة. وكشف الموقع أن أحد أعضاء الوفد الزائر، حسين القزاز، كان هدفاً سابقاً لتحقيقات حكومة الولايات المتحدة، ولذلك تم إدخالهم دون إجراء التحقيقات الروتينية في إطار الإجراءات الجمركية العادية، تفادياً لرفض الدخول، وجمعت هذه الوثائق تحت عنوان “وثائق وصول ومغادرة وفد الإخوان” وأظهرت قلقاً خاصاً حول الوضع القزاز.
وبحسب الموقع، اعتبرت أول وثيقة في سلسلة تقارير وزارة الخارجية بأنها “حساسة” ولكنها لم تصنف بأنها من (إدارة أمن الدولة) وجاء نصها كما يلي: “نرجو من المكتب أن يسمح بدخول الوفد التابع لحزب الحرية والعدالة بطريقة خاصة”.
وثيقة أخرى مؤرخة في 2 أبريل (نيسان) 2012 ذكرت أن “وفد الإخوان وصل إلى مطار جون كنيدي يوم السبت بسلاسة جداً، عضو واحد في الوفد، حسين القزاز سيصل مساء يوم 3 أبريل (نيسان)، شكراً جزيلاً لسفارة القاهرة لمعالجة هذه التأشيرة بسرعة وتنبيهنا إلى الحاجة إلى تسهيلات للعبور”، ما يدل على أن السفارة كانت على علم بوجود مشاكل مع القزاز، وأبرز الموقع وثيقة أخرى توضح وصوله في اليوم المحدد.
مغادرة الوفد
وجاء في الوثيقة الأخيرة حول زيارة الإخوان تحت عنوان (مغادرة وفد الإخوان) “رداً على طلب جماعة الإخوان المسلمين، عملنا مع مكتب البعثات الأجنبية لإدارة أمن النقل لمرافقة العضو الأخير من وفد جماعة الإخوان الذي يزور الولايات المتحدة، عبد الموجود درديري، أثناء مغادرته في مطار مينيابوليس 15 أبريل (نيسان)”.
ويسلط الموقع الضوء على زيارة عضوين آخرين من وفد الإخوان من 2 إلى 15 أبريل (نيسان)، وهما “سندس عاصم وخالد القزاز”، التقيا موظفي مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض والجماهير العامة في جامعة جورجتاون ومؤسسة كارنيغي.
كما ذكر “موجز الشرق الأوسط” الأسبوع الماضي، لم يكن إخوان مصر وحدهم من شاركوا في هذه الزيارات، وإنما شاركهم زعيم آخر للإخوان من ليبيا، محمد قاير، والذي كان مدير الشؤون العامة لحزب العدالة والبناء الليبي، الجبهة السياسية المنشأة حديثاً.
وبالتالي، يخلص الموقع إلى أن إدارة أوباما أوضحت للعالم من خلال تلك الزيارة التي قام بها الوفد الإخواني، في أبريل (نيسان) 2012، بأن واشنطن ستدخل في شراكة استراتيجية مع التنظيم الدولي الإخوان المسلمين.