أطلقت كوريا الشمالية صباح الخميس، صاروخين بالستيين قصيري المدى باتجاه البحر، مؤكّدة أنّ تجاربها الصاروخية هذه هي “الإجراء المناسب للردّ” على المناورات العسكرية المشتركة بين كوريا الجنوبية والولايات المتّحدة.
وخلال اجتماع مغلق لمجلس الأمن الدولي، حملت الصين الأربعاء الولايات المتحدة مسؤولية إطلاق صاروخ بالستي كوري شمالي متوسط المدى حلّق فوق اليابان، في سابقة منذ خمس سنوات، قبل أن يسقط في المحيط الهادئ.
وأعلن الجيش الكوري الجنوبي في سيول أنّ صاروخين بالستيين قصيري المدى أُطلقا صباح الإثنين من مشارف بيونغ يانغ باتجاه بحر الشرق الذي يُعرف أيضاً باسم بحر اليابان. أكّد خفر السواحل اليابانيون أنّهم رصدوا إطلاق هذين الصاروخين.
وقطع الصاروخ الأول 350 كيلومترا وحلق على ارتفاع أقصى يبلغ حوالى 80 كيلومترا، حسب تحليل الجيش الكوري الجنوبي. وحلق الصاروخ الثاني 800 كيلومتر على ارتفاع 60 كيلومترا.
ودان رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا إطلاق هذين الصاروخين، مؤكدا أن هذه التجربة السادسة من نوعها خلال أسبوعين “غير مقبولة إطلاقا”.
وكان الصاروخ “هواسونغ-12” حلق الثلاثاء فوق اليابان وقطع نحو 4600 كيلومتر في أطول مسافة على الأرجح تسجلها بيونغ يانغ في تجاربها، حسب سيول وواشنطن.
وكانت تلك المرة الأولى منذ خمس سنوات التي تحلق فيها قذيفة كورية شمالية فوق الأراضي اليابانية.
ودفعت هذه التجربة طوكيو إلى تفعيل نظام الإنذار والطلب من سكان بعض المناطق الاحتماء.
وهذا العام، كثفت كوريا الشمالية التي تبنت في أيلول/سبتمبر عقيدة جديدة تؤكد أن وضعها كقوة نووية “لا رجعة عنه”، من عمليات إطلاق الصواريخ وأطلقت صاروخا بالستيا عابرا للقارات (آي سي بي ام) للمرة الأولى منذ 2017.
وقالت الوزارة الكورية الشمالية في بيان الخميس إن عمليات الإطلاق هذه هي “إجراءات الرد الصحيحة للجيش الشعبي الكوري على المناورات العسكرية المشتركة بين كوريا الجنوبية والولايات المتحدة التي تؤدي إلى تصعيد للتوتر العسكري في شبه الجزيرة الكورية”.
ودعت واشنطن بعد عملية الإطلاق الثلاثاء إلى اجتماع طارئ لمجلس الأمن الدولي لكن الصين وهي حليف وشريك اقتصادي لكوريا الشمالية، حملت الولايات المتحدة المسؤولية.
وخلال اجتماع المجلس الذي ما زال منقسما بشأن هذه المسألة، قال مساعد السفير الصيني غينغ شوانغ إنه “أخذ علما” بإطلاق بيونغ يانغ لصاروخ حلق فوق اليابان، مشيرا في الوقت نفسه إلى “التدريبات العسكرية المشتركة الكثيرة التي قامت بها الولايات المتحدة ودول أخرى في المنطقة”.
وقال غينغ إن “عمليات الإطلاق الأخيرة لكوريا الشمالية مرتبطة ارتباطا وثيقا بسلسلة التدريبات العسكرية في المنطقة”.
وأضاف السفير الصيني “في ما يتعلق بالقضية النووية، تلعب الولايات المتحدة لعبة معايير مزدوجة وتشارك في مناورات سياسية تسمم البيئة الأمنية في المنطقة. وفي هذه الأجواء لا ينبغي أن يشكل التوتر المتصاعد في شبه الجزيرة مفاجأة”.
ودعا واشنطن إلى التحلي بـ”الصدق” و”معالجة المخاوف المنطقية” لبيونغ يانغ.
وذكر غينغ بأن الصين وروسيا اقترحتا قرارا في نهاية 2019 لتخفيف العقوبات المفروضة على كوريا الشمالية، موضحا أنه ما زال هناك نص مطروح ومن شأنه أن “يخلق مناخا مواتيا” نحو “استئناف الحوار” على حد قوله.
وردت السفيرة الأميركية ليندا توماس غرينفيلد قائلة إن “الصين وروسيا تريدان مكافأة كوريا الشمالية على أفعالها السيئة وهذا لا يمكن أن يؤخذ على محمل الجد من قبل المجلس”.
ونفت المسؤولة الأميركية أي مسؤولية لواشنطن عن إطلاق الكوريين الشماليين لصواريخ ودعت إلى “تشديد العقوبات بدلا من تخفيفها”.
واستخدمت الصين وروسيا في أيار/مايو الماضي حق النقض (الفيتو) ضد مشروع قرار أميركي بفرض عقوبات جديدة على كوريا الشمالية.
وبينما اعتمد المجلس في 2017 ثلاث مجموعات من العقوبات الشديدة، يبدو أعضاؤه منقسمين منذ أشهر بشأن هذه القضية الحساسة التي تقف فيها روسيا والصين في جهة والأعضاء الآخرين في المجلس في جهة أخرى.
ويرى محللون أن نظام الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون ينتهز فرصة الوصول إلى طريق مسدود في الأمم المتحدة لدفع اختبارات أسلحته إلى أبعد من ذلك.
وتتوقع سيول وواشنطن أن تستأنف كوريا الشمالية تجاربها النووية التي توقفت منذ 2017، ربما بعد مؤتمر الحزب الشيوعي الصيني الذي يبدأ في 16 تشرين الأول/أكتوبر.
وقالت سو كيم المحللة في مؤسسة راند لوكالة فرانس برس “في هذه المرحلة يبدو أن تراجع كيم ووقف الاستفزازات يأتي بنتائج عكسية لمصالحه، إلى جانب الموارد المهدورة في اختبارات الأسلحة هذه”.
وأضافت “نحن بالتأكيد في دائرة استفزاز مسلح”.