الأميركيون يتوجهون للانتخابات وسط انقسام غير مسبوق ومستقبل مجهول

8 نوفمبر 2022آخر تحديث :
A voter casts his ballot at the Orange County Supervisor of Elections headquarters one day ahead of the US midterm elections in Orlando, Florida on November 7, 2022. (Photo by Gregg Newton / AFP)

مع انتهاء حملة انتخابات التجديد النصفي الأميركية مع نهاية يوم الاثنين، 7  تشرين الثاني واندفق الناخبون الأميركيون الذين لم يدلوا بأصواتهم مبكرا بعد دقات الساعة السابعة صباحا (على الشاطئ الشرقي)  نحو صناديق الاقتراع ،  يوم الثلاثاء، 8 تشرين الثاني، تطل الولايات المتحدة على مستقبل مربك ، وهي منقسمة انقساما غير مسبوق، على طرفي جبلين أيديولوجيين يفصلهما وادٍ  عميق سوف يصعب جسره في المستقبل القريب.

واختتم الديمقراطيون حملتهم الانتخابية وهم يواجهون السيناريو “الكابوس” وفق تسميتهم  عشية الانتخابات حيث تلقي المخاوف الاقتصادية بظلالها على القضايا التي حاول الحزب أن يجعلها قضاياه الأساسية، مثل مسألة الإجهاض أو مسألة الديمقراطية الأميركية التي باتت مهددة بسبب سيطرت اليمين المتطرف على أجندة الحزب الجمهوري.

بالمقابل يشعر الجمهوريون بأنهم يجرون استفتاء مفرحا لهم على رئاسة جو بايدن المتعثرة والفشل في ترويض التضخم الذي أكل الأخضر واليابس.

ومع انتهاء آخر مساعي اللهث وراء حشد الناخبين، بهتت آمال أن يتمكن حزب الرئيس الديمقراطي من استخدام أغلبية لقلب نقض المحكمة العليا للحق في الإجهاض واندلاع موجة من الانتصارات التشريعية لدرء هزيمة الانتخابات النصفية الكلاسيكية للحزب القائم في السلطة (كما هو الحزب الديمقراطي) وتضاءلت حظوظه، حيث يواجه الرئيس بايدن بيئة سياسية قاتمة بسبب ارتفاع المعيشة (التضخم) الأعلى منذ 40 عامًا فيما خيمت على آماله في انتعاش سريع العام المقبل مخاوف متزايدة من حدوث ركود.

عشية الانتخابات ، يواجه الديمقراطيون خطر فقدان السيطرة على مجلس النواب فيما يأمل الجمهوريون بشكل متزايد في أغلبية، ليس فقط في مجلس النواب المكون من 435 عضو، بل أيضا في مجلس الشيوخ المكون من 100  سيناتورا ، الأمر الذي من شأنه أن يضع بايدن تحت الحصار من قبل الأغلبية الجمهورية بينما يبدأ محاولته لإعادة انتخابه ومع استعداد محتمل للرئيس السابق دونالد ترامب للإعلان عن نيته خوض انتخابات عام 2024 الرئاسية.

بعض الخبراء ينصحون بعدم اعتبار فوز الحزب الجمهوري تحصيل حاصل، خاصة أن هناك ضبابية في صدق أو دقة استطلاعات الرأي الحديثة ما قد يعني أنه لا يمكن لأحد التأكد من أن حجم موجة الحزب الجمهوري (الملقبة بالموجة الحمراء) خاصة وأن البعض يعتقد أنه لا يزال هناك احتمال أمام الحزب الديمقراطي للتمسك بمجلس الشيوخ حتى لو خسر مجلس النواب. علما بأن الطريقة التي تحدث بها كل جانب عشية الانتخابات ، في المناطق التي يدافع عنها الديمقراطيون، تقدم صورة واضحة عن زخم للحزب الجمهوري.

الأمة الأميركية المنقسمة سياسيًا ، والتي لا يوحدها إلا الشعور بعدم الرضا عن مسارها ، تعتاد على استخدام الانتخابات النصفية مرارًا وتكرارًا لمعاقبة الحزب الذي يتمتع بأكبر قدر من السلطة، هذا يعني أن الديمقراطيين هم الأكثر تعرضاً للانكشاف هذه المرة.

وإذا ما تعرض حزب الرئيس لهزيمة، وإن لم تكن ساحقة ، فسيكون هناك الكثير من توجيه أصابع الاتهام من قبل الديمقراطيين إلى بعضهم البعض، حول إستراتيجية الرسائل التي تبناها بايدن بشأن التضخم  وهي قوة تؤثر سلبيا بسبب ما أحدثته من ثغرات في ميزانية عشرات الملايين من العائلات الأميركية .

التوقعات في مجلس النواب

الأغلبية الديمقراطية الحالية في مجلس النواب عشية الانتخابات (8/11/22) تتكون من 220 عضوا مقابل 212 للحزب الجمهوري (من أصل 435 وثلاثة أعضاء لا ينتمون لأي حزب)، ويعتقد الخبراء أن الجمهوريين سيفوزون ب16 مقعدا إضافيا ليصبحوا أغلبية مكونة من 228، يخسرها الديمقراطيون ليصبحوا أقلية عددها 204 بحسب آخر استطلاع لمعهد بيو PEW  صدر مساء السبت الماضي.

التوقعات في مجلس الشيوخ:

يتكون مجلس الشيوخ حاليا من 100 عضو، 50 ديمقراطيا و50 جمهوريا ، ولكن وفق الدستور الأمريكي، تعطي نائبة الرئيس صوتها للحزب الديمقراطي، ما أعطاه (ويعطيه الأغلبية) ورئاسة كافة اللجان. وهناك 35 عضوا من أصل 100 عضو يخوضون انتخاباتهم هذه الدورة ، وكل ما يأمل به الديمقراطيون هو الحفاظ على الأرقام الراهنة 50 إلى 50 ورئاسة نائبة الرئيس كاميلا هاريس حتى نهاية دورة الرئيس بايدن عام 2024 كي يتمكن من تمرير بعض القرارات.

المعارك الساخنة في مجلس الشيوخ:

هناك أربع معارك انتخابية ساخنة في مسابقات مجلس الشيوخ: أولا، ولاية بنسلفانيا في الشمال الشرقي للولايات المتحدة حيث يتنافس الجمهوري المحافظ ونصير الرئيس السابق دونالد ترامب، مهمت أوز الذي ينحدر من أصول تركية مسلمة ، مع نائب حاكم ولاية بنسلفانيا ، جون فيترمان وهو يهودي أميركي،  ولا يزال السباق يبدو متساويا.

وفي ولاية جورجيا، يحتدم السباق بين عضو مجلس الشيوخ الحالي عن الحزب الديمقراطي، رفائيل وورناك، وهو قسيس أسود، وبين الجمهوري ، ولاعب كرة القدم الأميركي الأسود ، هيرشل ووكر ،  الذي ليس لديه أية خبرة إلا تبنيه لمبادئ الجمهوريين المحافظة لا أكثر، ما جعل المتسابقان متساويان لدرجة يصعب التوصل فيها إلى نتائج حاسمة بعد انتهاء الانتخابات الثلاثاء.

الولاية الحاسمة الثالثة ، هي ولاية أريزونا في الغرب الأميركي  ، بين العضو الديمقراطي الحالي (رجل الفضاء السابق) مارك كلي ومنافسه بليك ماسترز الذي يحظى بنسبة ضئيلة على منافسه الديمقراطي حسب ادعاء الحزب الجمهوري.

والولاية الرابعة الحاسمة ، هي ولاية نيفادا ، بين العضو الديمقراطي الحالي، كاثرين كوستو ماستو من أصول مكسيكية، ومنافسها الجمهوري ، آدم لاكسولت ، وتشير التقارير إلى انهما يتساويان حاليا أيضا مع بداية تصويت الثلاثاء.

كما أن هناك ولاية خامسة شبه حاسمة ، وهي ولاية نيو هامبشاير في الشمال الشرقي ، حيث تتنافس السيناتورة الليبرالية، ماجي حسن ، ضد الجمهوري، دون بولدوك، وهو يميني متطرف مدعوما من الرئيس السابق ترامب، لكنها (ماجي حسن) تحتفظ بتفوق ضئيل جدا عليه. يعمل لصالح منافس ماجي حسن، حاكم الولاية، كريس سنونو ، الفلسطيني الأصل، والذي كان والده جون سنونو، حاكم الولاية في ثمانينات القرن الماضي قبل أن يصبح رئيس موظفي الرئيس جورج بوش الأب، كما كان أخوه، جون سنونو جونير سيناتورا عن الولاية، وخسر أمام ماجي حسن.

يعتقد الخبراء أن إصرار الرئيس بايدن كما فعل يوم الخميس الماضي، في تأكيده على التهديد الذي يشكله ترامب للمؤسسات السياسية الأميركية، لم يؤدي إلى النتائج الإيجابية المرجوة، كون أن ذلك يتطلب من الناخبين بشكل أساسي إعطاء الأولوية للأساس التاريخي للنظام السياسي الأميركي على مخاوفهم الاقتصادية الأكثر إلحاحًا.

هذه الرسالة التي يتردد صداها بقوة في واشنطن العاصمة ، حيث ندوب تمرد الكابيتول الذي قاده الرئيس السابق ترامب، يوم 6 كانون الثاني  2021، رغم أهميته، لا يعني الكثيرين من الأميركيين الذي يعانون من أوضاع اقتصادية صعبة، حيث تبدو الديمقراطية وكأنها مفهوم مقصور على فئة معينة أبعد بكثير من النضال اليومي لإطعام الأسرة والقدرة على تحمل تكاليف الانتقال إلى العمل.

من ولاية بنسلفانيا إلى أريزونا ، فإن العودة إلى الحياة الطبيعية بعد كابوس كوفيد  Covid-19  الذي وعد به بايدن لا تزال بعيدة المنال بالنسبة للكثيرين حيث لا تزال الآثار الاقتصادية المترتبة على الطوارئ الصحية التي تحدث مرة كل قرن تلح في بقائها.

ومع ولوج الليل بالنهار الثلاثاء، تم الكشف عن صعوبة البيئة السياسية للديمقراطيين في استطلاع لـ CNN سي.إن.إن/ SSRS نظم ألأسبوع الماضي، يظهر أن حوالي 51٪ من الناخبين المحتملين يعتقدون إن الاقتصاد هو القضية الرئيسية في تحديد تصويتهم، فيما ذكر 15٪ فقط أن الإجهاض هو قضيتهم الأساسية، وهو اكتشاف يشرح كيف تميل ساحة المعركة الانتخابية يوم الانتخابات.