حديث القدس
مع ترجيح فوز المرشح الديمقراطي، جو بايدن بانتخابات الرئاسة الامريكية مقابل منافسه الرئيس دونالد ترامب، في انتخابات لم يسبق لها مثيل في الولايات المتحدة من حيث اجواء التوتر والاستقطاب وتحريض ترامب ضد وسائل الاعلام وضد اللجان المشرفة على الفرز وتهديده المسبق باحتمال عدم اقراره بالنتيجة النهائية واعلانه الليلة قبل الماضية بفوزه بما يتناقض مع كل المعطيات، وهي الانتخابات التي لن نعرف نتائجها النهائية الرسمية الا بعد ايام وربما اسابيع، فان السؤال الذي يطرح هو: ما الذي يهمنا في هذه الانتخابات كفلسطينيين؟ وهل حقا هناك من يعول على بايدن في الدفع نحو حل عادل للقضية الفلسطينية سواء بالضغط على اسرائيل والزامها بانهاء احتلالها غير المشروع للاراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967 او الاعتراف بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني كما اقرتها الشرعية الدولية؟
ان ما يجب ان يقال هنا ان التجربة الفلسطينية المريرة على مدى عقود مع السياسة الامريكية تجاه القضية الفلسطينية سواء كان الرئيس الامريكي من الحزب الجمهوري او الحزب الديمقراطي تؤكد الانحياز الامريكي لاسرائيل ودعمها عسكريا وماليا واقتصاديا وحمايتها في المحافل الدولية من اي قرار يدين ممارساتها او يفرض عليها عقوبات وله صفة الالزام وعدم الاعتراف بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني. وهذه المواقف تشكل قاسما مشتركا بين كلا الحزبين الجمهوري والديمقراطي، مع الاقرار بأن هناك بعض الفروقات في مدى الدعم لاسرائيل ومدى العداء للشعب الفلسطيني وحقوقه، الا ان هذه الفروقات لم تصل الى درجة اتخاذ موقف امريكي منسجم مع الشرعية الدولية. ولهذا فان اي رهان على ان يتخذ بايدن، الذي من المرجح اعلان فوزه رسميا، مواقف ضاغطة على اسرائيل او مؤيدة للحقوق المشروعة الفلسطينية يبقى رهانا على سراب.
وللتذكير فقد اعلن بايدن التزامه بضمان امن اسرائيل وتفوقها العسكري في الشرق الأوسط وهناك من اكد من المراقبين والمحللين انه لن يلغي قرار ترامب بالاعتراف بالقدس عاصمة لاسرائيل والاعتراف بضم الجولان ولن يعيد السفارة الامريكية الى تل أبيب رغم امكانية قيامه باعادة فتح القنصلية الامريكية في القدس واعادة استئناف المساعدات للسلطة الفلسطينية وللاونروا.
لذلك نقول ان الرهان الرئيسي هو على وحدة شعبنا وصموده ونضاله من اجل تحقيق اهدافه الوطنية، فهذه الوحدة وهذا النضال اذا ما تجسد بالمقاومة الشعبية التي اقرتها كافة الفصائل، واذا ما اسمع الشعب الفلسطيني وقيادته وفصائله ذلك الصوت الواحد الموحد المدوي المطالب بالحرية للعالم اجمع، عندها ربما تعيد الادارة الامريكية بغض النظر عمن يقف على رأسها، تعيد النظر في مواقفها وتسعى بشكل اخر من اجل حل القضية الفلسطينية بالتعاون مع المجتمع الدولي.
ولذلك نقول ان الخلل الرئيسي لا يزال في ساحتنا الداخلية التي لا تزال تعاني من الانقسام وتعدد الاصوات وغياب المقاومة الشعبية المنشودة. ولهذا فان المطلوب اليوم اسماع هذا الصوت الفلسطيني الواحد سواء للرئيس الامريكي الجديد او للعالم اجمع.
وكلمة اخيرة لقادة كل الفصائل الذين لم ينجحوا حتى اليوم في عقد الاجتماع الثاني للأمناء العامين رغم النوايا الطيبة والاعلان الذي اصدروه قبل اسابيع في اجتماعهم الاول، نقول: حان الوقت للالتفات الى التحديات الحقيقية ومصالح شعبنا العليا وحقوقه ومن غير المعقول ولا المقبول ان تستمر احوالنا على هذا النحو.