بقلم: ميسون سمور
“دير ياسين” قرية عربية تقع على ربوة عالية غرب مدينة القدس وعلى بعد أربعة كيلومترات منها تحيط بها المستعمرات اليهودية من ثلاث جهات فمن هذه المستعمرات: جفعات شاؤول، بيت فاجان وأفانون ..الخ وتعد مستعمرة جفعات شاؤول من أقدم المستعمرات وأكثرها سكانا وأشدها إجراما، والتي كانت تدرب شبابها على خوض المعارك واستعمال الأسلحة الحديثة تحت إشراف الضابط الإنجليزي “صوفر”، في حين كانت سلطات الإنتداب البريطاني تقضي بإعدام كل عربي وجدت لديه رصاصة حتى في حديقة بيته.
في التاسع من شهر نيسان من عام ألف وتسعماية وثمانية وأربعين ومع شروق شمس ذلك اليوم أنشبت الصهيونية أظفارها المسمومة في أهالي قرية “دير ياسين” حيث تعرضت القرية لهجوم من قبل عصابتين صهيونتين متطرفتين هما: “الاتسل” و “الليحي” واتجهت مصفحاتهما نحو القرية تصب نيرانها على أهلها الذين قاموا بدورهم بإطلاق الرصاص على هذه العصابات والذي استمر حتى الساعة السادسة والنصف صباحا، فكان المناضلون من أهل القرية يشكلون قوة لا يستهان بها لحماية النساء والأطفال والشيوخ والجرحى من القرية. ولم يتمكن حراس الخطوط الأمامية في القرية من الصمود أمام هذه الحشودات الآثمة فانسحبوا الى مواقع دفاعية جديدة بعد أن استشهد منهم: عيسى عيد، سليم محمد اسماعيل، محمد أسعد وموسى زهران. وكافح أبناء القرية كفاح الأبطال حتى العزل منهم والنساء وهن يدفعن فلذات أكبادهن وبعولتهن الى المعركة، فقد نلن شرف الجهاد ووقفن جنبا الى جنب مع الرجل في المعركة ومن بين الشهيدات المنضلات حلوة زيدان والتي فضلت البقاء في أرضها وبلدها بالقرب من زوجها وأولادها. وأبناء قريتها على مغادرة القرية، وبعدما استشهد زوجها في المذبحة في سبيل وطنه دفعت إبنها ليتم ما بدأه أبوه ولكنه استشهد هو الآخر فلا تجد المناضلة حلوة زيدان إلا نفسها لتحمل السلاح وتخوض المعركة بكل ضراوة وبأس الى أن يوافيها أجلها برصاص الغادرين.. وهناك هناك الكثير ممن كن في مثل جرأتها وإخلاصها مثل زينب سمور، حياة البلبيسي، جميلة صلاح وغيرهن الكثيرات اللواتي خضن المعركة وكن المساهمات في تقديم الذخيرة والعتاد وأيضا إسعاف الجرحى.
لم تكون قرية “دير ياسين” في حاجة الى ذلك الهجوم الكبير الذي قامت به هذه العصابات لتنفيذ “الحمام الدموي” حسب وصف قادتهم للعملية الإجرامية وإنما كانت جزءا من خطة شاملة تهدف الى تحطيم المقاومة العربية الفلسطينية عسكريا، وإجلاء العرب عن مدنهم وقراهم بإثارة الرعب والفزع في صفوفهم سياسيا، وهكذا تمت الخطة والسيطرة على ” مذبحة دير ياسين” ، وقد قتل عدد كبير من أهالي القرية قبل تمكنهم من النجاة من المذبحة وزاد عدد الشهداء على المائة والعشرين هذا حسب مصادر الوثائق والأبحاث في جامعة بيرزيت، وبلغ عدد سكان أهالي القرية عشية المجزرة في عام ثمانية وأربعين أكثر من سبعماية وخمسين نسمة هذا حسب إحصائيات الإنتداب البريطاني.
في كانون الأول عام 1948 صرح بن غوريون قائلا:
“إن الإنتصارات الأخيرة هي إحدى المقدمات لأهداف إسرائيل البعيدة، فاستعدوا للوصول الى الهدف النهائي في بناء الدولة اليهودية وجلب يهود العالم جميعا”.
هذا هو حلم الصهيونية وهذه مجازرها وآثامها ومسؤولية المأساة الفلسطينية تقع على رأس الصهاينة اليهود أولا وعلى رأس الحكومة البريطانية التي مهدت لليهود بإغتصاب جزء من فلسطين وإقامة دولة العدوان.
يقول بيغن: “فما وقع في قرية دير ياسين” وما أذيع عنها ساعدا على تعبيد الطريق لنا لكسب الظفر في معارك حاسمة في ساحة القتال، وقد ساعدت اسطورة “دير ياسين” بصورة خاصة على إنقاذ طبرية وعلى غزو حيفا”.
إن مذبحة “دير ياسين” هي واحدة من مسلسل المجازر الذي اقترفته العصابات الصهيونية لتثبت إدعائها الكاذب بأن فلسطين أرض بدون شعب لشعب بدون أرض.
أنهي مقالتي في هذه القصيدة
بــــلادي
في ذكرى مفخرة “دير ياسين”
ضاعت بلاد للعروبة جلها روض وورد للملا ورخاء
يافا وحيفا والجليل ولدنا عطا وناصرة البتول رواء
سبع بيسان العروبة صاحتا نكست رؤوس للعدى ولواء
طبرية الحسناء يزهو نجمها وسهول رملة جنة وبهاء
والقدس ترجو للعروبة وحدة تودي بظلم والسيوف مضاء
هذي فلسطين الذبيح تقسمت والعرب ترنو والفساد وباء
أمنيتي “دير ياسين” الجريح بنصر قومي والنهار ضياء
لا بد من يوم نعيد بلادنا والى المرابع عودة ولقاء
هذه الأبيات من قصيدة لخالي الشاعر الراحل “سعيد سمور” بعنوان “بلادي” قالها مخلدا مذبحة “دير ياسين” عام 67.