: قال تور وينسلاند، منسق الامم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط، في إحاطته الشهرية لمجلس الأمن الدولي، إنه يرفض جميع الأعمال الاستفزازية والتحريضية المتمثلة فيما حدث في مسيرة الأعلام في القدس وما تبعها من أحداث. وقال إن هذه الأعمال يجب أن تدان من كافة الأطراف.
وينيسلاند: نرفض جميع الأعمال الاستفزازية والتحريضية المتمثلة فيما حدث في مسيرة الأعلام في القدس
وأشار وينسلاند إلى مشاركة “آلاف النشطاء الإسرائيليين اليمينيين، ومنهم وزراء في الحكومة، في المسيرة السنوية الاستفزازية المعروفة بيوم العلَـم في البلدة القديمة بالقدس، وترديد شعارات عنصرية منها “الموت للعرب” مع اندلاع المشاحنات بين مشاركين إسرائيليين وفلسطينيين”.
وأضاف أن الإسرائيليين ألقوا زجاجات وأشياء أخرى على أعضاء وسائل الإعلام، التي كانت تغطي الحدث مما أدى إلى إصابة صحافيين اثنين بجراح.
وجدد وينسلاند في إحاطته عبر دائرة الاتصال بالفيديو من القدس المحتلة، التأكيد على ضرورة احترام الوضع القائم للأماكن المقدسة واحترام دور الوصاية الهاشمية.
وقال في إحاطته إن 17 فلسطينيا، من بينهم طفلان، استشهدوا وأصيب 138 من بينهم امرأتان و23 طفلا، بيد قوات الأمن الإسرائيلية. كما أصيب 24 فلسطينيا، منهم طفلان، “بيد المستوطنين أو مدنيين آخرين. كما أصيب 33 مدنيا إسرائيليا، من بينهم 4 نساء بالإضافة إلى أفراد من قوات الأمن، بيد فلسطينيين.
وأكد منسق عملية السلام من جديد عن أسفه لاستمرار تقديم المزيد من الخطط الاستيطانية ونشر عطاءات لنحو 310 وحدة سكنية في المنطقة جيم من الضفة الغربية المحتلة واستمرار أعمال هدم الممتلكات الفلسطينية. وأشار إلى أن الجيش الإسرائيلي أصدر أمرا في 18 أيار/مايو يتماشى مع تعديل الكنيست لقانون فك الارتباط لعام 2005، بما يسمح للإسرائيليين بالعودة إلى دخول منطقة مستوطنة حومش التي تم إخلاؤها والمبنية على أرض مملوكة لفلسطينيين شمال الضفة الغربية، مؤكدا أن جميع المستوطنات غير شرعية وتشكل انتهاكا للقانون الدولي وأنها عقبة كبرى أمام تحقيق السلام داعيا إلى ضرورة وقف النشاط الاستيطاني.
وينيسلاند: إسرائيل هدمت أو صادرت 33 منشأة فلسطينية في المنطقة (ج) و17 منشأة في القدس الشرقية
وقال وينسيلاند إن السلطات الإسرائيلية خلال فترة الشهور الثلاث الماضية هدمت أو صادرت أو أجبرت الملاك على هدم 33 منشأة فلسطينية في المنطقة جيم و 17 منشأة في القدس الشرقية – بما في ذلك مدرسة مموّلة من المانحين شرق بيت لحم – ما أدى إلى تشريد 89 فلسطينيا بينهم 45 طفلا. وأضاف: “تنفذ عمليات الهدم بسبب عدم وجود تصاريح البناء التي تصدرها إسرائيل والتي يعد حصول الفلسطينيين عليها شبه مستحيل”. ودعا السلطات الإسرائيلية إلى إنهاء تشريد وإجلاء الفلسطينيين، وإلى الموافقة على خطط تمكينهم من البناء بشكل قانوني والوفاء باحتياجاتهم التنموية.
وتطرق منسق الأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط إلى الحديث عن الوضع في غزة والتصعيد الأخير بين إسرائيل وفصائل فلسطينية مسلحة هناك قائلا إن وقف إطلاق النار ما زال قائما، ولكن جهود تخفيف حدة الصراع يجب أن تقابلها خطوات من الجانبين بدعم من المجتمع الدولي لتغيير المسار بعيدا عن دائرة العنف. ودعا وينيسلاند الأطراف إلى وقف الأعمال الأحادية والتحريضية التي تقوض آفاق تحقيق السلام، ومعالجة التحديات المالية والمؤسسية التي تواجهها السلطة الفلسطينية.
وأعرب وينسلاند عن القلق بشكل خاص بشأن ما وصفها بـ “أزمة التمويل” التي تواجه وكالات الأمم المتحدة التي تدعم توفير الخدمات الأساسية والدعم الاجتماعي للفلسطينيين بما في ذلك المساعدة الغذائية الطارئة بدون توفير التمويل، سيوقف برنامج الأغذية العالمي المساعدات النقدية لنحو 200 ألف فلسطيني. وإن لم تتوفر لوكالة الأونروا المصادر الضرورية ستوقف خدماتها الأساسية اعتبارا من أيلول/سبتمبر القادم.
وينيسلاند: وقف القتال في غزة ما زال قائماً، ولكن جهود تخفيف حدة الصراع يجب أن تقابلها خطوات من الجانبين بدعم من المجتمع الدولي
واختتم وينسلاند إحاطته بالقول إن الأمم المتحدة والشركاء حشدوا جهودهم مرة أخرى لإنهاء الأعمال العدائية بين الفصائل المسلحة في غزة وإسرائيل. لكن هناك ضرورة لإعطاء الأولوية للقضايا الأساسية المهمة لتهيئة الظروف للسلام الدائم. وقال إن الأولوية الأولى تتمثل في دعم خطوات تعزيز السلطة الفلسطينية والمحافظة على توفير الخدمات الحيوية للشعب الفلسطيني، “فتلك الخطوات يجب أن تُنفذ بطريقة تشجع الأطراف على الانخراط معا بما في ذلك بشأن القضايا السياسية الكامنة. ويجب العمل ليس فقط لضمان رفاه الفلسطينيين والحكم الفلسطيني، ولكن أيضا لإنهاء الاحتلال واستعادة الأفق السياسي باتجاه حل الدولتين القائم على أساس قرارات الأمم المتحدة والقانون الدولي والاتفاقات السابقة”.
تانيا هاري
وتحدثت بعد منسق عملية السلام، السيدة تانيا هاري، المديرة التنفيذية لمنظمة حقوق إنسان إسرائيلية تدعى “غيشا” (وتعني المسلك) أسست عام 2005 معنية بحرية التنقل في الأرض الفلسطينية المحتلة وخاصة في قطاع غزة. وقالت إن رحيل إسرائيل عن قطاع غزة عام 2005 لم يعن انتهاء الاحتلال. فما زالت إسرائيل تتحكم في المعابر وفي تزويد القطاع بالمواد وبالوقود لمحطات الكهرباء. وقالت بعد توقف القصف الأخير عادت الحياة إلى طبيعتها في القدس وتل أبيب لكنها لم تعد إلى طبيعتها في غزة رغم توقف القصف. “الحياة الطبيعية في غزة تعني أن طائرات إسرائيل المسيرة تزن فوق رؤوس الناس. وتعني تفقد الدمار ومشاريع الإعمار. وغزة عندما لا تجذب عناوين الأخبار إلا أن التضييق على الحركة في القطاع متواصل رغم دعوة أعضاء المجلس هذا إلى رفع تلك القيود مرارا. الإغلاق في غزة يعني أن تنتظر لأسابيع وربما أشهر لتأخذ تصريحا للانتقال من غزة إلى القدس للعلاج”.
هاري: الاحتلال الإسرائيلي لم ينته مع رحيل إسرائيل عن غزة عام 2005
وأضافت هاري أنه في عام 2022 رفض ثلث طالبي التنقل من غزة إلى القدس و 62 بالمئة من المرافقين. ربع المرضى غادروا القطاع بدون مرافق بمن فيهم الأطفال الذي غادروا القطاع دون أحد الوالدين. “وقد تطلب أم زيارة لولدها الذي يحتضر في الضفة الغربية ولا تمنح إلا تصريحا ليومين أو ثلاثة. أما إذا أردت أن تنشئ مشروعا تجاريا في قطاع غزة فكل المواد والمعدات المطلوبة لا تأتي إلا من إسرائيل وقد تأخذ شهورا أو سنوات للترخيص لايصالها للقطاع وقد ترفض نهائيا تحت حجة الاستخدام المزدوج”.
وقالت المديرة التنفيذية لمنظمة “غيشا” إن الاشتباكات الأخيرة هي السادسة التي شهدها قطاع غزة وما بينهما مئات من المواجهات الصغيرة التي يطلق عليها وزير الدفاع “قص الحشائش”. “إن القيادة السليمة هي التي تخلق فرصا للأمل وليس لاستدامة الاحتلال. “سياسة العزل والاستيطان وجهان لعملة واحدة. ما يجري الآن المزيد من الضم لأراضي الضفة الغربية والتمادي في عزل بانتوستان غزة، كما تسميه منظمة حقوق الإنسان الفلسطينية “ميزان”، إضافة إلى تقطيع أوصال الشعب الفلسطيني وتعزيز الانقسام الفلسطيني الكارثي”.
وقالت إن منظمة “غيشا” تمثل أقلية صغيرة في إسرائيل لكن منظمات حقوق الإنسان في إسرائيل وفلسطين، رغم التهديدات والمضايقات، لا تقبل أن تبقى صامتة أمام التهمة الكاذبة “معاداة السامية”. واختتمت كلمتها القوية قائلة لأعضاء مجلس الأمن: “هذا هو الوقت المناسب لإظهار قيادتكم وشجاعتكم الحقيقية لأن التطرف في منطقتنا يتغذى على الفقر والتحريض والظلم. ولكن ما يشجعنا وجود عدد كبير من الشباب في غزة الذين ما زالوا يحلمون بمستقبل أفضل يستحقونه فعلا علما أن قياداتهم قد خذلتهم. إن النضال من أجل الحرية والكرامة لا يمكن هزيمته لا بالجدران ولا بالجيوش القوية”.
السفيرة الأمريكية تنتقد تصريحات الرئيس عباس
في كلمتها أمام مجلس الأمن قالت السفيرة الأمريكية، ليندا توماس غرينفيلد إن مجلس الأمن كان قد عقد جلسة آخر مرة على خلفية إطلاق مئات الصواريخ على إسرائيل من قبل ما وصفته “الجماعات الإرهابية” الفلسطينية المتمركزة في غزة. وشكلت هذه الهجمات تهديدًا للمدنيين في إسرائيل وألحقت الأذى بالمدنيين الفلسطينيين في غزة”.
وقالت: “في ذلك الوقت، أعادت الولايات المتحدة التأكيد على دعمها لحق إسرائيل الأصيل في الدفاع عن النفس. لقد شجبنا بشكل لا لبس فيه الهجمات على إسرائيل. ودعونا جميع الأطراف إلى ضبط النفس في الأفعال والخطابات”.
غرينفيلد رداً على تصريحات عباس بأن الولايات المتحدة أرادت التخلص من اليهود والاستفادة من وجودهم بفلسطين: “هذا ادعاء لا أساس له على الإطلاق”
وأعربت السفيرة عن سعادتها للمساعدة التي قدمتها كل من مصر وقطر كي يتخذ الطرفان خطوات لتهدئة الموقف، ويتوصلان لوقف إطلاق النار يوم 14 أيار/ مايو الذي بقي مستمرا باستثناء حادثة واحدة فقط.
وأضافت أن السؤال الذي يجب أن نطرحه اليوم ، في أعقاب هذه الجولة الأخيرة من القتال، هو ما الذي يمكن فعله لمنع العنف في المستقبل وحماية المدنيين الإسرائيليين والفلسطينيين بشكل أفضل. “نعتقد أن الدبلوماسية والمشاركة المباشرة يجب أن تكون محورية في هذه الجهود”.
وتعليقا على بيان الرئيس عباس في 15 أيار/مايو في الأمم المتحدة، “الذي ساوى بين إسرائيل وأكاذيب الداعية النازي سيئ السمعة جوزيف جوبلز” قالت: “إن تعليقاته هذه تعتبر إهانة صارخة لضحايا المحرقة والناجين منها. إن إصدار مثل هذا النوع من التصريحات حول الدولة اليهودية الوحيدة في العالم أمر غير مقبول على الإطلاق ، خاصة في وقت تصاعد العنف المعادي للسامية في جميع أنحاء العالم”.
وبالنسبة لتصريحات الرئيس محمود عباس بأن الولايات المتحدة أرادت التخلص من اليهود والاستفادة من وجودهم في فلسطين، قالت غرينفيلد:” “هو ادعاء لا أساس له على الإطلاق، وهو مسيء بشدة للشعب الأمريكي”.
وأكدت توماس غرينفيلد أن بلادها تدعم جميع الجهود لتحقيق سلام شامل وعادل ودائم على أساس حل الدولتين. لكن العنف والتحريض يبعد الجميع عن هذا الهدف المشترك.
وأضافت أن الولايات المتحدة تشعر بالقلق من الزيارة الاستفزازية التي قام بها وزير إسرائيلي إلى الحرم الشريف (جبل الهيكل) في القدس في 21 أيار/ مايو ، وما صاحبها من خطاب تحريضي.
وقالت: “لا ينبغي استخدام هذا المكان المقدس لأغراض سياسية. ندعو جميع الأطراف إلى احترام قدسية المكان، وأود أن أؤكد من جديد موقفنا الراسخ في دعم الوضع التاريخي الراهن في الأماكن المقدسة في القدس. كما نشعر بقلق عميق من قرار إسرائيل السماح للمواطنين بإقامة وجود دائم في بؤرة حومش الاستيطانية في شمال الضفة الغربية، والتي، وفقًا للقانون الإسرائيلي، تم بناؤها بشكل غير قانوني على أراض فلسطينية ذات ملكية خاصة”.