“أنا ابني بموت في اليوم ألف مرة، ومش قادرة أعمله حاجة”، هكذا عبرت المواطنة علياء السموني عن عجزها في إيجاد علاج يخفف وجع ومعاناة طفلها المصاب بمرض الطفح الجلدي، نتيجة الاكتظاظ الكبير داخل مخيمات النزوح، ومراكز الإيواء في قطاع غزة.
تقول السموني لـ”القدس” دوت كوم: “نزحت من مدينة غزة إلى دير البلح، وسط قطاع غزة، وأعيش داخل خيمة تفتقر لأدنى مقومات الحياة الأساسية، ومن يسكنها أكثر عرضة للإصابة بالأمراض الجلدية.. طفلي يعاني من البثور المنتشرة على جسده، ويتعذب كثيراً، ولا علاج له”.
عند مدخل خيمة السموني يوجد منهل لمياه الصرف الصحي، ومنه تفيض المياه الملوثة، وتغرق خيمتها كلما تراكمت النفايات بداخلها. وتابعت القول: “يقوم النازحون برمي النفايات بجوار خيمتي، ما سبب انتشارا كبيرا لمرض الطفح الجلدي، حيث أصيب ابني إثر ذلك”.
وأضافت: “يصرخ طفلي طوال الليل من شدة الوجع، وأقوم بخلع ملابسه بالكامل وتهويته بواسطة صينية بلاستيكية، نظراً لعدم توفر المراوح، وانقطاع الكهرباء، منذ أول أيام الحرب”.
لم ينل المرض من طفلها فقط، بل أصاب أيضاً طفلتها الكبرى. وقالت: “انتقلت العدوى لأخته، وأصبحت أستيقظ طوال الليل من أجلهما، أعاني معهما بشدة، والوضع في الخيمة لا يساعدني في التخفيف من وجعهما، بل يزداد الألم مع الحرارة العالية داخلها وهو ما يتسبب في التهاب البثور”.
وأضافت: “ليس ذلك فحسب، بل أيضاً انعدام مستلزمات التنظيف في الأسواق، وإن توفرت ثمنها يفوق أضعاف ما قبل الحرب، ولا يستطيع المواطنون شراءها. وتابعت السموني: “مش ملاقية صابونة أغسل فيها إيدين ابني وبنتي، حتى المياه التي ننتظر ساعات لتعبئتها تكون ملوثة، ونضطر لتحميم أطفالنا بها”.
يجلس ابنها المصاب في حضنها، وتنظر إليه وتبكي، متسائلة: “شو نعمل؟ وين نروح نتعالج؟”.
ولا يختلف الوضع المأساوي عند والدة الطفل رائد شويخ كثيراً، حيث فتشت في كافة المستشفيات لإيجاد علاج لطفلها، وفي كل مرة تعود بخيبة أمل جديدة. وتقول لـ”القدس” دوت كوم: “شهر كامل وطفلي يعاني، ولم أجد علاجاً له، ولا حتى مسكنّاً لآلامه، وأي علاج بديل فهو أيضاً غير موجود”.
تفشى المرض، ولم يقتصر على قدمي طفلها، بل انتشر على كافة أنحاء جسده. وأضافت: “ضاع حذاؤه فاضطر لأن يلعب حافي القدمين، فتفاقمت حالته بشكل متسارع وكبير، وعندما ذهبت به للمستشفى حذرني الأطباء، وأخبروني أنه خطير ومعدٍ”.
وتابعت: “اضطررت لإعطائه حذائي بسبب انعدام الأحذية في الأسواق، ناهيك عن الشوارع الغارقة بمياه الصرف الصحي، ولا يفهم الأطفال أنها ملوثة فيمتنعون عن اللعب فيها”.
على سرير في مستشفى شهداء الأقصى بدير البلح وسط قطاع غزة، تصرخ الطفلة حبيبة السويركي من وجع البثور التي تغطي وجهها وعلى جسدها. تقول والدتها لـ”القدس” دوت كوم: “سبب لها الطفح الجلدي التهاباً في الرئة، وارتفاعا في حرارتها.. انتشرت البثور في كل أنحاء جسدها، وقد بحثت في كل الصيدليات والمستشفيات، ولم أجد علاجاً لها”.
وأضافت: “نزوحي في داخل خيمة ضاعف من حالتها، وازدادت البثور بسبب ارتفاع درجات حرارة الخيمة”.
وقد تفاجأت أم حبيبة حين أخبرها الأطباء بأنه لا علاج لحالة طفلتها. وأضافت: “أنا بس بدّي يلاقوا حل لهادا المرض”.
بدوره، قال المتحدث باسم مستشفى شهداء الأقصى في دير البلح وسط قطاع غزة د.خليل الدقران لـ”القدس” دوت كوم: “إن تدمير الاحتلال الإسرائيلي للبنية التحتية، منذ بدء العدوان هو السبب الأكبر في انتشار الأمراض الجلدية، بشكل واسع في القطاع، خاصة في صفوف الأطفال والنساء”.
وأضاف: “كما أن حالات التكدس والاكتظاظ للنازحين في المخيمات ومراكز الإيواء، زاد وبشكل متسارع من انتشار المرض وانتقال العدوى”.
وأكد الدقران أن إغلاق الاحتلال الإسرائيلي لمعبري رفح وكرم أبو سالم، ضاعف من معاناة مرضى الطفح الجلدي، وذلك بسبب منعه إدخال الأدوية والمستلزمات الطبية اللازمة.
وناشد الدقران العالم والمنظمات الدولية ضرورة التدخل للضغط على الاحتلال لفتح المعابر، وإرسال الوقود والمعدات اللازمة لإزالة وجمع القمامة، ونقلها إلى أماكن بعيدة عن السكان. كما طالب بتشغيل محطات الصرف الصحي المتوقفة منذ بدء العدوان، وإصلاح البنية التحتية، للحد من انتشار الأمراض الجلدية وغيرها.