“مفاوضات الصفقة”.. نتنياهو ملك الخداع وثعلب المراوغة

23 أغسطس 2024آخر تحديث :
“مفاوضات الصفقة”.. نتنياهو ملك الخداع وثعلب المراوغة

تكشف المفاوضات الجارية حول صفقة تبادل محتملة مع حركة حماس تكتيكات إسرائيلية- أمريكية مدروسة تهدف إلى تحقيق أهداف محددة بإنجاز المرحلة الأولى من الصفقة المنشودة، من دون الالتزام بوقف نهائي لإطلاق النار، ما يفتح الباب أمام استئناف الصراع في أيّ لحظة.


وقال كتاب ومحللون سياسيون، في أحاديث منفصلة مع “ے” و”القدس” دوت كوم، إن أهم الاستراتيجيات الإسرائيلية الرئيسية هي محاولة فرض السيطرة الأمنية على قطاع غزة، بهدف إحكام القبضة العسكرية على القطاع، مع استخدام الضغوط العسكرية والمجازر كوسيلةٍ لإجبار الفصائل الفلسطينية على القبول بالشروط الإسرائيلية.


وأوضح الكتاب والمحللون السياسيون أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يحاول المراوغة لتحقيق أهدافه دون منح الرئيس الأمريكي جو بايدن إنجازاً سياسياً قد يؤثر على الانتخابات الأمريكية المقبلة لصالح الحزب الديمقراطي، بل سيسعى لأن يكون ذلك إنجازاً لدونالد ترامب الذي ينتظر وصوله للحكم.

عقبة غياب الضمانات بوقف الحرب

وقال أستاذ القانون الدولي والعلاقات الدولية في الجامعة العربية الأمريكية د. رائد أبو بدوية: إن الولايات المتحدة وإسرائيل تتفقان على هدف مشترك للمفاوضات الحالية وهو الوصول إلى المرحلة الأولى من الصفقة، دون التزام بوقف نهائي لإطلاق النار، بهدف تحقيق المخططات العسكرية والأمنية.


ويرى أبو بدوية أن هذه المفاوضات ليست إلا تكتيكاً أمريكياً وإسرائيلياً للوصول إلى المرحلة الأولى، ثم استئناف الحرب على قطاع غزة.


وأشار إلى أن أي صفقة سيتم التوصل إليها ستصطدم بعقبة غياب الضمانات لوقف دائم لإطلاق النار، حيث تستغل إسرائيل المفاوضات لتحقيق هدفها الأساسي، وهو السيطرة الأمنية على قطاع غزة، دون السعي حالياً للسيطرة المدنية، على الأقل في المدى القريب.


ويهدف نتنياهو، وفق أبو بدوية، إلى تحويل قطاع غزة إلى وضع مشابه للضفة الغربية، وهذا يفسر استراتيجيته في التمسك بالسيطرة الأمنية، ومراوغته في الوصول إلى إبرام الصفقة.

3 مراحل للهجوم الإسرائيلي على القطاع

واستعرض أبو بدوية مراحل الهجوم العسكري الإسرائيلي على قطاع غزة، الذي بدأ منذ أكثر من عشرة أشهر، حيث تنقسم إلى ثلاث مراحل: المرحلة الأولى تتعلق بالدخول إلى قطاع غزة بأي ثمن، تليها المرحلة الثانية التي تشمل اقتحام المناطق السكانية المكتظة، أما المرحلة الثالثة، فتتعلق بتحقيق أهداف دقيقة من خلال ارتكاب مجازر بهدف الضغط على حماس في المفاوضات، وذلك دون تقديم أي ضمانات بعدم استمرار العدوان العسكري.


وقال: نتنياهو مهتم بالمفاوضات ولكن بشروطه الخاصة، حيث يسعى إلى إجبار حماس على قبول المرحلة الأولى من الصفقة التي تتضمن الإفراج عن المحتجزين الإسرائيليين، دون التطرق إلى المراحل التالية.


ورأى أبو بدوية أن الإدارة الأمريكية الحالية أضعف بسبب اقتراب الانتخابات الرئاسية، لكنها تظل متفقة مع إسرائيل في موضوع التعامل الأمني مع حركة حماس.

السيناريوهات المتوقعة

وأضاف: عند مناقشة السيناريوهات المتوقعة لمستقبل الصفقة، فإن إسرائيل تسعى بكل قوة لتحقيق المرحلة الأولى من الصفقة، مستخدمة المجازر كوسيلة للضغط على حماس لقبول هذا الأمر، ولكن قد ترفض حماس ذلك، أما السيناريو الثاني المحتمل، فهو قبول حماس بالإفراج عن عدد محدود من المحتجزين الإسرائيليين، بحيث لا يشكلون ورقة ضغط قوية ضد الحركة.


وأشار أبو بدوية إلى أن الأسرى المحتجزين لدى حماس يمثلون ورقة ضغط حقيقية بيد الحركة، وفقدان هذه الورقة سيكون بمثابة تسليم طوعي منها لحبل المشنقة.


وأضاف: نتنياهو لن يغير من أهدافه في الحرب على غزة، حيث يتفق مع حكومته، والمجتمع الإسرائيلي، وحتى المعارضة، على إنهاء ما يُسمى بـ”تهديد حماس”، لكن الخلاف بينهم يكمن في توقيت قبول الصفقة المتعلقة بالإفراج عن الأسرى الإسرائيليين، واستمرار الحرب لتحقيق الهدف النهائي بإنهاء حماس.

نتنياهو لا يريد إعطاء بايدن فرصة لتحقيق إنجاز سياسي

من جانبه، قال الكاتب والمحلل السياسي د. أشرف بدر: إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد يعتمد استراتيجية المراوغة في مسألة الصفقة المحتملة مع الفلسطينيين، إذ أنه غير معني بمنح الرئيس الأمريكي جو بايدن فرصة تحقيق إنجاز سياسي، وبدلاً من ذلك ينتظر وصول دونالد ترامب إلى الحكم مرة أخرى، فهو يراهن على فوز ترامب في الانتخابات المقبلة، ولأن إنجاز الصفقة في عهد بايدن يعني أن بايدن سيمنح نائبته كامالا هاريس دفعة قوية في المستقبل السياسي، وهو ما لا يريده نتنياهو.


من جهة أخرى، قال بدر إن بايدن يتعامل بمرونة زائدة مع نتنياهو بما يتعلق بموضوع إبرام الصفقة، إذ يخشى من إثارة غضب اللوبي الصهيوني ضده خلال فترة الانتخابات الرئاسية، ما قد يؤثر سلباً على حظوظ هاريس في المستقبل السياسي.


وأشار بدر إلى أن المجازر التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي في الوقت الحالي تهدف بالأساس إلى ممارسة ضغط عسكري على الفصائل الفلسطينية خلال المفاوضات، فيما تواصل الولايات المتحدة الضغط عبر القنوات الدبلوماسية.


ورأى بدر أن هذا يعكس تكاملاً للأدوار بين واشنطن وتل أبيب بهدف انتزاع موافقة المقاومة الفلسطينية على شروط محددة.

نتنياهو يعلن عدم نيته الانسحاب من نتساريم ومعبر رفح

ولفت بدر إلى تصريحات نتنياهو في لقاءاته مع أهالي الأسرى الإسرائيليين، حيث أكد أنه لن ينسحب من محور “نتساريم” أو معبر رفح.


وأعرب بدر عن اعتقاده أن المفاوضات قد تصل إلى طريق مسدود، ما يعني احتمال تجميدها حتى حدوث تطور كبير على الأرض، أو حتى إجراء انتخابات جديدة في الولايات المتحدة، دون أن يستبعد أن يسعى ترامب لإنهاء الحرب لإرضاء أصوات الناخبين.


وأشار إلى سيناريو آخر، يتمثل في احتمال تصعيد عسكري من جانب حزب الله وإيران رداً على اغتيال إسماعيل هنية وفؤاد شكر، ما قد يؤدي إلى جولة حادة من الصراع في المنطقة، وربما يدفع الولايات المتحدة وأطرافاً دولية أخرى للتدخل لتهدئة الأوضاع وإبرام صفقة جديدة.


واعتبر أن نتنياهو يسعى لإفشال أيّ مقترحات للصفقة بحجة ضرورة البقاء في محور نتساريم لحماية أمن إسرائيل، على الرغم من معارضة الجيش والمستويات الأمنية لهذا القرار، مشيراً إلى أن رئيس الوزراء الأسبق أرئيل شارون كانت لديه الذرائع نفسها، لكنه اضطر للانسحاب في نهاية المطاف.


أما في ما يتعلق بالبقاء في معبر رفح، أشار بدر إلى أن هناك اتفاقية تحكم هذا المعبر منذ عام 2005، وبالتالي قد تكون هناك حاجة لاتفاق جديد مع مصر كون الاتفاق السابق ينص على انسحاب إسرائيلي وتواجد قوات مصرية وفلسطينية.

نتنياهو يعارض صفقة قد تؤدي إلى خسارة تكتيكية وانهيار حكومته

الكاتب والمحلل السياسي د. أحمد رفيق عوض يرى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يمارس المراوغة لأسباب عدة، أبرزها معارضته لصفقة من شأنها أن تؤدي إلى خسارة تكتيكية وانهيار حكومته، ما قد يقوده إلى المحاكمة وإجراء انتخابات جديدة، كما يخشى نتنياهو أن تلحق بإسرائيل هزيمة استراتيجية أمام محور المقاومة.


وقال: نتنياهو يسعى إلى تجنب تقديم هذه الصفقة كهدية للحزب الديمقراطي في الولايات المتحدة ونائبة الرئيس كامالا هاريس، مفضلاً أن يحفظ هذا الإنجاز لصالح دونالد ترامب.


ويرى عوض أن نتنياهو في أفضل حالاته، حيث تمكن من الانتصار على خصومه السياسيين وتحقيق إنجازات كبيرة، بما في ذلك الحصول على ما يريده من الولايات المتحدة. من هنا، يتجنب نتنياهو إبرام أي صفقة مع حركة حماس، معتقدًا أن المزيد من الضغط العسكري والسياسي على الحركة سيؤدي إلى استسلامها الكامل بدلاً من الدخول في مفاوضات معها.

بايدن لا يريد إغضاب اللوبيات القوية من أجل هاريس

على الجانب الآخر، وصف عوض موقف الرئيس الأمريكي جو بايدن بأنه يتسم بالرخاوة فيما يتعلق بمقترح الصفقة، إذ إن بايدن يبدو غير مستعد لممارسة ضغوط كبيرة على إسرائيل، خشية أن يغضب ذلك اللوبيات القوية في الولايات المتحدة ويفقد الدعم لهاريس.


وقال عوض: “لا ترغب إدارة بايدن في خوض حرب إقليمية في ظل اقتراب الانتخابات الرئاسية، ما يجعلها إدارة ضعيفة غير قادرة على مواجهة نتنياهو أو الضغط عليه بشكل فعّال، وبدلاً من ذلك، تركز الإدارة الأمريكية على إدارة الصراع بهدف تجنيد المنطقة لصالح إسرائيل وإجبار حماس على الاستسلام”.


وأشار إلى أن إسرائيل تصر في مفاوضاتها على أن حماس منهزمة وإسرائيل منتصرة، ما يدفعها إلى اعتبار أي مبادرة يجب أن تتم تحت نيران القصف، معتقدة أن هذا هو السبيل لإجبار المقاومة على الخضوع. ويلاحظ عوض تزايد المجازر خلال فترات المفاوضات، ما يؤكد هذه الاستراتيجية.


وأضاف: زيارة وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن التاسعة للمنطقة جاءت مليئة بالتهديدات، حيث حذر الفلسطينيين من أن رفض الصفقة سيؤدي إلى التعطيش والتجويع، كما طالب بلينكن الوسطاء بممارسة الضغط على حماس، مع إعطاء إسرائيل الضوء الأخضر لزيادة هذا الضغط، وبالتالي وصف عوض هذه الزيارة بأنها ليست للحل بل للوعيد.


ويرى عوض أن الولايات المتحدة وإسرائيل قد اتخذتا قرارًا بإنهاء الحرب من خلال إجبار الفلسطينيين على الاستسلام وتفكيك المجتمع الفلسطيني، وفرض تسوية بالقوة.


وأضاف: هذا القرار الأمريكي يهدف إلى كسر إرادة الشعب الفلسطيني بدلاً من التفاوض معه.

لقاء نتنياهو مع عوائل الأسرى الإسرائيليين

بدوره، قال الكاتب والمحلل السياسي هاني أبو السباع: إن تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال اجتماعه مع عوائل الأسرى تظهر موقفًا واضحًا برفضه إبرام أي صفقة تبادل مع الفصائل الفلسطينية، مشيرًا إلى أن الجيش الإسرائيلي لن ينسحب من محوري نتساريم وفيلادلفيا.


ويرى أبو السباع أن هذه التصريحات تأتي في وقت تتزايد فيه المؤشرات على أن نتنياهو لا يمتلك نية حقيقية للتوصل إلى اتفاق، حيث يعمد بشكل متكرر إلى إفشال الجهود الدولية التي تسعى لإبرام صفقة تبادل.


ولفت أبو السباع إلى أن هذه التطورات تأتي في ظل تراجع الضغوط الأمريكية على إسرائيل للمضي قدمًا في إبرام الصفقة، وذلك رغم الدعم السياسي والعسكري غير المسبوق الذي تحظى به إسرائيل من الولايات المتحدة.


ووفق أبو السباع، فإن هذا الدعم تمثل في تصريحات مباشرة من القادة الأمريكيين، وكان آخرهم وزير الخارجية أنتوني بلينكن الذي أعلن بشكل صريح أن الولايات المتحدة ستدافع عن حليفتها إسرائيل في مواجهة أي رد محتمل من إيران أو وكلائها، إضافة إلى ذلك، يعزز هذا الدعم نشر الولايات المتحدة لأكثر من 30 ألف جندي في قواعدها بالشرق الأوسط، ما يشير إلى استعداد عسكري مكثف لحماية المصالح الإسرائيلية في المنطقة.

اتهامات إسرائيلية لنتنياهو بتعطيل الصفقة

وقال: في ظل هذا الدعم، يبدو أن ما يجري من مفاوضات حالية يهدف إلى منح إسرائيل مزيدًا من الوقت لتنفيذ عملياتها العسكرية في غزة، مستغلة الحراك السياسي والحديث عن صفقة تبادل الأسرى كمظلة لتغطية جرائمها المستمرة بحق المدنيين، كما يبدو أن إسرائيل تسعى من خلال هذه الجرائم إلى استعادة قوة الردع التي تلقت ضربة موجعة خلال أحداث السابع من أكتوبر.


وأشار أبو السباع إلى تصريحات وزير الحرب الإسرائيلي يوآف غالانت التي أشار فيها إلى أن نتنياهو هو من يعطل الصفقة، وكذلك تصريحات عضو الكنيست السابق غادي آيزنكوت التي أكدت أن نتنياهو كان العائق الوحيد أمام إبرام الصفقة، وهي تصريحات تشير إلى أن الفشل في التقدم نحو اتفاق تبادل الأسرى يعود بالأساس إلى رغبة نتنياهو في كسر المقاومة في غزة وإجبارها على الاستسلام، رغم إدراكه صعوبة تحقيق هذا الهدف، وتؤكد ذلك تصريحات القادة العسكريين الإسرائيليين الذين يعترفون بأن حسم المعركة لصالح إسرائيل هو وهم، وأن عودة الأسرى أحياء دون اتفاق هو أمر مستحيل.

حرب استنزاف طويلة

وأضاف أبو السباع: “في ضوء هذه المعطيات، يبدو أن المنطقة تتجه نحو حرب استنزاف طويلة ستشهد ارتكاب الجيش الإسرائيلي مزيداً من الجرائم بحق الشعب الفلسطيني، في حين ستستمر المقاومة الفلسطينية في مواجهة الاحتلال من خلال استهداف جنوده وضباطه وإعطاب آلياته العسكرية”.


وأشار أبو السباع إلى تزايد المخاوف الغربية من تصعيد أوسع في المنطقة، إذ تسعى الولايات المتحدة وحلفاؤها إلى خفض التوتر، ما سيؤدي إلى مزيد من التصريحات التي تعطي انطباعًا بوجود أمل في التوصل إلى اتفاق، إلى جانب جولات دبلوماسية مكوكية تهدف إلى تهدئة الأوضاع.


وقال أبو السباع إنه بالنظر إلى انشغال الولايات المتحدة بالانتخابات الرئاسية المقبلة، تسعى واشنطن إلى تجنب انزلاق المنطقة نحو حرب إقليمية شاملة، وهي حرب يجري التحضير لها من قبل جميع أطراف الصراع.

نتنياهو يراوغ لكسب الوقت
من جانبه، قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة القدس المفتوحة د. قصي حامد أن نتنياهو يؤمن بنظرية “الجدار الحديدي” في التفاوض مع حركة حماس والتي ترتكز على أربع ركائز أساسية، أهمها “قتل الأمل” لدى الفلسطينيين في إمكانية هزيمة إسرائيل (وهو ما حلموا به في طوفان الأقصى) وتحقيق النصر المطلق على أعدائه، الأمر الذي يمكنه من التفاوض مع حماس على قاعدة المفاوضات بين المنتصر (إسرائيل) والمهزوم (حماس)، وبالتالي إرغامها على قبول شروطه.


وأوضح حامد أن نتنياهو لا يرى نفسه مضطراً في الوقت الحالي للوصول إلى اتفاق شامل مع حركة حماس، ويجد نفسه يدير معاركه الدولية والعسكرية والمحلية منذ ما يزيد عن عشرة أشهر بدرجة عاليه من المناورة، وبالتالي يبدو من الصعب تصور خيارات أخرى أمامه، مشددًا على أن هدفه الأساسي هو إبرام صفقة تبادل أسرى، وليس إنهاء الحرب.

وأشار حامد إلى أن إدارة نتنياهو للحرب تتجلى في تصعيد الضغط على حركة حماس عبر استهداف المدنيين وارتكاب المجازر يومياً، بهدف إيقاع أكبر قدر من الخسائر بين الفلسطينيين للضغط على حماس.

استراتيجية نتنياهو مقابل استراتيجية حماس

واعتبر حامد أن هذه الاستراتيجية ليست فقط لهزيمة حماس، بل أيضاً لتغيير الواقع الديموغرافي في غزة ودفع الفلسطينيين لمغادرة القطاع، سواء بالضغط العسكري أو من خلال جعل غزة مكانًا غير قابل للحياة مليئًا بالأمراض وسوء الأحوال المعيشية.


بالمقابل، أشار حامد إلى أن حركة حماس تسعى إلى إنهاء الحرب بشكل كامل، بما يشمل: إنهاء القتال، وإبرام الصفقة، وعودة النازحين، والانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة، وهو ما يخلق فجوة كبيرة بين الطرفين المتفاوضين.


ويرى حامد أن نتنياهو يسعى لاستمرار الحرب حتى بعد الوصول إلى أي اتفاق مع حركة حماس، مؤكداً أن توقف القتال “المؤقت” بالنسبة له يهدف إلى إعادة ترميم الجيش الإسرائيلي والاستعداد لجولات أخرى من القتال في غزة وعلى جبهات أخرى.


وقال: “إن نتنياهو ما يزال متمسكًا بأهدافه”، مشيرًا إلى محاولاته فرض واقع جديد يتعلق بالحدود والمعابر والمنطقة العازلة، وإمكانية استمرار إسرائيل في تنفيذ عمليات عسكرية داخل القطاع.


وفي ما يتعلق بدور بايدن، قال حامد إن الرئيس الأمريكي بدأ يفقد تأثيره على صناعة القرار نظرًا لاقترابه من نهاية ولايته، ولذلك لا يمارس ضغطًا كبيرًا على نتنياهو خوفًا من التأثير على وضع الحزب الديمقراطي في الانتخابات المقبلة، حيث إنه ورغم التحسن الطفيف في حظوظ الحزب الديمقراطي بعد ترشيح كامالا هاريس، فإن المخاوف لا تزال قائمة من خسارة المعركة الانتخابية لصالح فوز ترامب، لذا فإن الولايات المتحدة تواصل الضغط على حركة حماس لتقديم التنازلات وبدرجة أقل على إسرائيل.


وحول مستقبل المفاوضات، قال حامد إنه غير متفائل بإمكانية توصل الأطراف إلى اتفاق، مشيراً إلى وجود فجوة كبيرة في المطالب بين الجانبين.

نتنياهو ينتظر عودة ترامب
واعتبر حامد أن نتنياهو يسعى بشكل أساسي لكسب الوقت، ويترقب تغير الإدارة الأمريكية بعودة ترامب، الذي سيكون داعمًا قويًا لإسرائيل ويساعد نتنياهو في تحقيق أهدافه في غزة.


وطرح حامد أربعة سيناريوهات تتعلق بالمفاوضات ومستقبلها في المرحلة المقبلة: الأول هو الوصول إلى اتفاق وهو ما يستبعده في الوقت الحالي، والثاني هو انسحاب حماس من المفاوضات بسبب تنصل إسرائيل من التفاهمات السابقة، أما السيناريو الثالث فيتعلق بتصاعد المواجهة على جبهتي حزب الله وإيران وزيادة التوترات في المنطقة، ودفع المجتمع الدولي للتدخل للضغط لإنهاء الحرب، وهذا السيناريو يراه حامد الأقرب للحدوث، وهو ما قد يربط إنهاء المواجهة مع حزب الله وإيران (وأذرعها في المنطقة) بوقف العدوان على غزة.


ويرى حامد أن التريث الذي انتهجه حزب الله وإيران بعد اغتيال إسماعيل هنية وفؤاد شكر كان يهدف إلى إعطاء فرصة لوقف إطلاق النار وإنهاء العدوان على غزة، لكن مع استمرار التعنت الإسرائيلي في المفاوضات، ومؤشرات عدم عودة حركة حماس للمفاوضات في ظل المراوغة الاسرائيلية المستمرة، قد تفسر على أنها إشارات إلى حزب الله بأنه لا جدوى من الاستمرار في التريث، ما قد يؤدي إلى الرد والتصعيد.


السيناريو الرابع، حسب حامد، يتمثل في عودة حركة حماس إلى تنفيذ عمليات تفجيرية، لا سيما بعد تبنيها محاولة التفجير الأخيرة في تل أبيب، ما قد يؤدي إلى زيادة الهجمة الإسرائيلية على الضفة الغربية.

نتنياهو يراوغ لإيهام العالم أنه قضى على حماس
أما الكاتب والمحلل السياسي عدنان الصباح، فقال: “إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يعتمد على سياسة المراوغة في المفاوضات الجارية، حيث يهدف إلى الخروج من غزة بشكل يبدو وكأنه انتصار، ليعلن للعالم نجاحه في القضاء على حركة حماس، بالرغم من أنه لم يحقق جميع أهدافه المرجوة”.


وأشار الصباح إلى أن هذا النهج يتزامن مع تراخي إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، التي تجد نفسها غير قادرة على ممارسة ضغوط كبيرة على إسرائيل بسبب تأثير اللوبي الصهيوني داخل الولايات المتحدة، إضافة إلى التنافس الانتخابي بين الحزبين الديموقراطي والجمهوري في الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة على حماية أمن إسرائيل.


وأوضح الصباح أن الولايات المتحدة لا تزال ترى في إسرائيل أداة حيوية لحماية مصالحها في منطقة الشرق الأوسط، وهي تسعى لحمايتها كونها تمثل خط الدفاع عن مصالحها في المنطقة.

الذكرى السنوية لـ7 أكتوبر
وتوقع الصباح أن تشهد المرحلة المقبلة تصاعداً في الضغط على حركة حماس ومحور المقاومة، بهدف الوصول إلى هدنة مؤقتة تسبق الانتخابات الأمريكية، مشيراً إلى أن الفشل في تحقيق الأهداف العسكرية سيؤدي إلى تجدد الحرب، لكن ليس بالضرورة في غزة فقط، بل قد تمتد إلى لبنان والضفة الغربية.


وأشار الصباح إلى أن إسرائيل ستحاول منع الاحتفال بمرور الذكرى السنوية الأولى لأحداث السابع من أكتوبر ليكون انتصاراً فلسطينياً، بل يريد نتنياهو ممارسة ضغوط أكبر، لكنه يرى أن نجاح أو فشل هذا المخطط يعتمد بشكل كبير على قدرة محور المقاومة على الصمود وإفشال خطط إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة.