“النجاحات الذاتية بين مفارقة الطموح والإحباط ” عنوان ندوة ثقافية في جامعة بيت لحم 

12 نوفمبر 2018آخر تحديث :
    “النجاحات الذاتية بين مفارقة الطموح والإحباط ” عنوان ندوة ثقافية في جامعة بيت لحم 

  عقدت دائرة اللغة العربية والإعلام قسم الصحافة ندوة ثقافية حول ” النجاحات الذاتية بين مفارقة الطموح والإحباط” من يوم الخميس الموافق 8/11/2018 وسط حضور طلابي كبير من السنة الأولى الثانية والثالثة وأساتذة وباحثين.
افتتح الندوة الطالب نادر جبر سنة ثالثة في دائرة اللغة العربية قسم الإعلام وبين أهمية الموضوع لما يعانيه الطلبة من تحديات وإحباط في سنواتهم الدراسية الأولى، وبين أن الندوة تقدم خبرات وتجارب أساتذة وباحثين .
قدم د. سعيد عياد رئيس دائرة اللغة العربية والإعلام محاضرة حول التحديات في ظل بناء ذات الإنسان وتحقيق طموحه، مقدما خلاصة تجربته الكفاحية الطويلة، وبدأ بالحديث عن طموح الإنسان ” رحلة جبلية صعبة”، ولا بد للإنسان أن يبني طموحه ويؤدي دورا قياديا في مجتمعه، فلا تقبل عزيزي الطالب أن تكون رقما عابرا، بل يجب أن تكون مساهما فاعلا، مبينا أن الطموح لا يكون في إطار الحشد والجماعة، قائلا: هكذا بدأت مسيرتي منذ الطفولة، نجحت أحيانا، وتعثرت مرات كثيرة، تدحرجت عن الجبل كثيرا لكنني لم أستسلم ، وصلت الجبل، وحققت الكثير ولكن هناك مسيرة طويلة وأتطلع إلى القمة.

وطرح تساؤلا كيف تحقق النجاح؟؟ من هنا لا بد من العمل والجهاد، لم أمش يوما على بساط أحمر، ولا حقل من الورد، بل كنت أسير بين الألغام والحفر والصخور، موجها خطابه للطلبة، زمانكم غير زماننا؛ زمنكم تكثر فيه التحديات فالتكنولوجيا سلبت منكم أشياء لقد أضعفت سهولة العصر قدرات التفكير والإرادة.
وبين أن درجات الطموح تبدأ بالثقة بالنفس والذات، والعمل الدؤوب الذي لا يعرف الملل ولا الكلل، ثم تحدي الصعوبات” وهناك قاعدة شعبية تقول ” لا أحد يضع لآخر أرجل” اعتمد على ذاتك، حقق طموحك، اصنع لنفسك سلما، واصعد درجة درجة.
قدم د. زياد غانم بني شمسه أستاذ الأدب والنقد في جامعة بيت لحم محاضرة عنوانها ” جدلية الذات والآخر بين الطموح والإخفاق”، تحدث فيها عن سر النجاحات ومكمن الإخفاق، مبينا أن هنا من كتب ” قواعد العشق الأربعون” جلال الدين الرومي، ومنهم من تحدث عن فلسفة الحياة ” كم حياة ستعيش؟ لكريم الشاذلي، ورحلة جبلية رحلة صعبة لفدوى طوقان؛ والقائمة تطول ، علينا أن نقرأ تجارب هؤلاء ونستفيد من خبراتهم.
وتحدث عن جدلية رباعية تحقق الطموح: جدلية الآنا والآخر في الإنسانية، وجدلية الأنا والدهر” الزمان”، وجدلية الأنا والذات ، وجدلية الأنا والذات الإلهية العظمى.


مبينا في جدلية الأنا والآخر في الإنسانية؛ أهمية الإنسانية فالإنسان شريك لأخيه، والعالم لم يخلق لك وحدك ولا وجود للعالم بدونك، فكن عالما وحقق وجودك.موضحا أن القمة تتسع للجميع لا تزاحم الآخرين لتسقطهم، واسعَ أن تكون أولّ من في القمة دائما.
مبينا أن النجاح رهين بالخير والحب والسلام فلا نجاح يدوم بالكره والبغضاء والمشاحنة، تمنّ الخير للآخرين متمثلا قول الشاعر:
فلا هَطَلتْ عليَّ ولا بَأرضِي سحائبُ ليسَ تنتظمُ البلادا
اختر أصدقاء النجاح بدّقة لا تكن شبكة صياد مهزوم للموج والبحر تصاد الغث والسمين؛ فالأصدقاء زيت سراجك الوّهاج، واحتمل عيوب الآخرين، فلا أحد يخلو من المعايب والنقص، ولا صديق يخلو من الشوائب،اعرف من تصاحب وسر معه نحو النجاح لتحقيق طموحك.
وتحدث عن جدلية الذات والزمن، مبينا أن الزمان والأيام في غالبتها معاندة للإنسان، قاهرة له تتوعده بالهزل والمرض والموت، لا تهتم كثيرا إلى أين ستأخذك السبل والطريق، ركّز على “الخطوة الأولى” هي أصعب الخطوات وبوصلة الوصول ” لا تسير مع التيار بل كن أنت التيار” عاند الحياة ما استطعت إليها سبيلا، وتمثل قول أبي العلاء المعري معاندا أيامه وزمانه:
أرى العنقاءَ تَكُبرُ أن تُصَادا فَعانِدْ من تستطيعُ لهُ عِنَادا
وما نَهْنَهتُ عن طلبٍ ولكنْ هي الأيامُ لا تُعطي قِيادَا
مخاطبا طلبته لا تنظر إلى الماضي وإخفاقاته بل استمد منه القوة ” وأن تستيقظ متأخرا خير من أن لا تستيقظ أبدا”. وتحدث عن جدلية الأنا والقضاء والقدر، وقد فرق بين الرضا والطموح: فالرضا أن تشعر بالشكر والامتنان لله وتطمئن ذاتك المتعبة، أما الطموح أن لا تقتصر على الأخذ بالأسباب بل عليك أن تخلق الأسباب وتسبق المسببات.
أما عن جدلية الأنا والذات؛ هي من أعقد الجدليات الإنسانية: وعليك أن تفرق بين الخلوة والوحدة فهما متناقضان؛ فالوحدة انكفاء على الذات وخداع للنفس في وحدتك تخدع نفسك بالأحلام المتطايرة: بأنك فارس مغوار، قد انتصرت على جيش عرمرم، فتخدعك نفسك وتوهم ذاتك أنك بطل أسطوري، و توهمك أنك تسير في الطريق الصحيح.
أما الخلوة فهي حق مشروع وهي الأفضل لك؛ فعليك أن تتأمل ذاتك، وتفكر وتحاسب نفسك،على تقصير، وتدفع الهمة نحو طموح جديد ونجاحات متجددة.
وأخيرا قدم د. زياد بني شمسه خلاصة قراءاته وتجربته – التي لم تبدأ بعد برأيه واعتقاده- لا تقلق من الآخرين فأنت تجمعك إنسانية كبرى بينهم، حارب وسواس ذاتك، ابتعد عن الوهم، عاند الزمان والأيام ما استعطت سبيلا، اعقد الثقة بالله وانطلق.
تناول الباحث مراد زير في الندوة موضوعاً يتمحور حول كيفية بناء الشخصية العظيمة القادرة لمواجهة الصعوبات ومنها الإحباط، فبناء شخصية عظيمة تتطلب ثلاثة معايير هامة والتي تؤول بنهاية المطاف لبناء شخصية عظيمة مؤثرة ونقية، والمعايير هي (ما وراء الدين، ما وراء المعرفة، ما وراء العطاء)، حيث يتمحور المعيار الأول (ما وراء الدين) بالجوهر الأخلاقي وكيفية قيادة الشخصية للامتثال بالأخلاقيات المثالية، وفيما يخص المعيار الثاني ( ما وراء المعرفة) والتي تتمثل بتجريد المعرفة وأن المعرفة هي القوة، وأخيراً المعيار الثالث (ما وراء العطاء) والتي تتمثل بمحبة الآخرين وتقديم المساعدات والخدمات ولكن يجب أن لا يذوب الذات في الآخر، والمعايير جميعها تبني شخصية قادرة على مواجهة الصعوبات والإحباط والتحرر من الجهل والعصبية القبلية، وأشار إلى أن الإحباط شحنة سالبة وأن الطموح شحنة موجبة فقوة الشحنة هي التي تجذبنا إلى أعلى درجات السلم أو إلى الأسفل، وانتهى بمقولته ” كن ايجابياً ستكون عظيماً يوماً ما”.
وناقش الطالب نادر سكاكية الإحباط في ثلاثة محاور، تتمثل بإيضاح الإحباط والعوامل المؤدية للإحباط وكيفية التخلص منه، ومن ثم اختتم بقوله : اجعلوا فشلكم نجاحا، ومهما تعثرتم لا يصيبكم الإحباط بل اجعلوا طاقة الأمل مفتوحة.

cytotec in kenya.
ثم فتح النقاش للحضور من الطلبة قدمت فيها الطالبة ندى قشقيش سنة أولى جامعة بيت لحم مداخلتها في موضوع الطموح قائلة: منذ سنتين نشرتُ على حسابي الخاص في فيسبوك :” أريد أن ألهم الناس ، أريد أن يقول أحدهم بسببك أنتِ لم أستسلم .” ، نعم ، فأن أصبح مؤثرة في مجتمعي ، و في حياة الأشخاص من حولي كان بمثابة حلم ،بل و طموح بالنسبة لي . بل و بالإضافة إلى ذلك كنتُ طالبة في الصف العاشر تطمح إلى الحصول على أعلى المعدلات في امتحانات الثانوية العامة ، الأمر الذي يؤهلها إلى الحصول على منحة تفوق من الجامعة التي تحب بل و تعشق أن ترتاد ، و التخصص الذي تحلم و تطمح للدراسة في مجاله منذ طفولتها .
كنتُ أعلم جيداً أن تلك الأشياء تحتاج الكثير الكثير من التعب و الجهد للوصول إليها و تحقيقها. مرّت سنتين ، و أصبحتُ طالبة في الثانوية العامة ، فهذه هي أولى خطواتي لتحقيق ما تصبو إليه نفسي ، لكن حكمة الله كانت فوق كل شيء ، و قبل امتحانات الثانوية العامة بعشر أيام فقط ، اكتشفتُ إصابتي بمرض اللوكيميا الحاد (سرطان الدم ) . بالطبع ! لم أستسلم ولم أُسلّم نفسي للمرض ، و ذلك لإيماني بربي أولاً ، و بنفسي ثانياً ، فقد صدق الله عندما قال :” عسى أن تكرهوا شيئاً وهو خيرٌ لكم “.
لكنني إنسانة ! فلقد مررتُ بلحظات ضعف ، بل و إحباط و يأس ، و شعرتُ بأن كل أحلامي آيلة للسقوط ، بل والتلاشي و الاختفاء في عتمة هذا المرض ! لكنني تسلحتُ بالإيمان و القوة و الإرادة والتحدي ، نعم ، تماماً مثلما قرأت ، تحدي السرطان و قهره رغم قوته !!
تقدمتُ لامتحانات الثانوية العامة و أنا أتلقى علاجي في المشفى ، و قد أُكرمتُ بمعدل 96.4 % ، لقد بكيت ، ليس حزناً و إنما لفرحي بهذا الإنجاز الذي لطالما طمحتُ إليه . لم ألقى نفسي إلا ساجدةً لربي شكراً له. فهذه هي أولى خطواتي في رحلة الألف ميل ، وبعدها حصلتُ على منحة تفوق من الجامعة التي لطالما أحببت ، وارتدت التخصص الذي أطمح إليه من طفولتي . ماذا عساني أن أقول و ها هو طموحي يتحقق خطوة بخطوة؟!
و في الأيام الماضية والتي لم يمر عليها الكثير من الوقت ، قال لي أحدهم :” أنتِ قوية للحد الذي عجزتُ أن أصل إليه و أنا أحاول من عشرة أعوام ” و قالت لي أخرى :” أنتِ مصدر إلهامي ،و بل وقوتي “. في هذه اللحظات شعرتُ بشعور يعجز ثمانية و عشرين حرفاً أبجدياً في اللغة العربية عن وصفه ، و هذا يعني أن أحلامي التي هي وليدة طفولتي ، تتحقق! بالرغم من الظروف غير المتوقعة التي مررتُ بها.
و أذكر يوماً قالت لي أمي :” تجري الرياح بما لا تشتهي السفن ” ، فأجبتُ قائلةً :”تجري الرياح بما تشتهي سفينتنا ، نحن الرياح و نحن البحر و السفن .”


كما قدمت الطالبة ملك شواهنة مداخلة عبرت عن “مفهوم الرضى، والرضى برأيي يعني الاستكانة، الخضوع، الركود والاستسلام للأمر الواقع، وغالبية الناس يرونه نافذة يطلون من خلالها على الخضوع للأمر الواقع دون تفكير أو محاولة تجاوز للعقبات” “لماذا أطر الضيف حديثه بالإطار الديني؟ فالإطار الديني كثيرا ما يقيدنا وحتى وإن كان مثبتا لوجهة نظرنا فإنه يظل لباس ضيق للحديث لا يتيح فرصة التحرك الفكري بحرية، وينبغي عند الحديث عن الإحباط والطموح أن يرتدي الحديث ثوبا فضفاضا، ليتمكن المشاركون من إعمال عقولهم دون أن تسكتهم قدسية النص الديني”

كما قدمت الصيدلانية منى قشقيش مداخلة معبرة عن الطموح ” تخرجت من كلية الصيدلية منذ عام ونصف، في هذا العام والنصف تعلمت الكثير، تعرفت على الكثير من الأصدقاء وللأسف كان معظمهم من الأشخاص السلبيين، الذين قاموا بالتأثير علي سلباً، لدرجة أني أصبحت أشعر أني بلا قيمة ولا هدف من وجودي في هذه الحياة، تلاشت أحلامي وطموحي وأهدافي التي كنت احلم لتحقيقها، وحشرت نفسي في زاوية الاهمال والروتين اليومي الذي يتمثل في إنهاء عملي والذهاب للمنزل والنوم فقط! لكني سرعان ما تداركت نفسي، عندما اختليت بها وتفكرت وحللت وتدبرت أمري، واتخاذ قراري في الابتعاد عن هؤلاء الأشخاص السلبيين، والتمسك بالأشخاص الإيجابيين المحبين للإبداع والتي تتمثل كلماتهم في التشجيع والإصرار والتحدي، وخلق الإبداع والطموح، وأنا الآن في خطواتي الأولى نحو تحقيق هدفي توظفت في شركة أدوية كبيرة، املك الامتيازات التي تجعلني أسلك دربي نحو النجاح، والأهم أملك دعم الأصدقاء والأشخاص المتميزين. احرصوا على اختيار أصدقائكم، وثقوا بأنفسكم ثقة كبيرة، ثقوا أن داخلكم قوة كبيرة، إصراراً، تحدياً، تصالحوا مع ذاتكم، كونوا أنفسكم وتفردوا لا تتبعوا ذلك القطيع، كونوا أحراراً، فهذه الأرض للجميع.
الطالبة نسرين مشاهرة سنة ثالثة دائرة اللغة العربية بينت أنه مهما كان للإنسان طموحاً، فإنه قد تمر عليه ظروف يكون عاجزاً عن التفكير بكيفية استمرار مسيرته، فالأمر ليس فقط معلقاً بأن الإنسان يجب أن يسير وحده باحثاً عن نجاحاته، فالإنسان يحتاج إلى من يدعمه بكلمةٍ طيبة وبابتسامة مشرقة في كل حين تحيي الأمل والدافع في النفس من أهل وأساتذة وأصدقاء، نحن نؤمن بالاعتماد على النفس، ووجود الآخر جانبنا.
ثمن الأساتذة جهود طلبة قسم الإعلام في الجامعة لمواصلتهم مسيرتهم الإعلامية الحثيثة في التصوير والمونتاج ونقل الخبر مثمنين جهود الطالبة إيناس حلواني سنة ثانية دائرة اللغة العربية قسم الصحافة.