12 حالة مصابة بالإيدز تروي قصتها مع المرض

22 سبتمبر 2018آخر تحديث :
12 حالة مصابة بالإيدز تروي قصتها مع المرض

فلسطين ليست بمعزل عن العالم من الإصابة بمرض الإيدز ، ذهبنا لنبحث عن المصابين بهذا المرض في المراكز والمستشفيات وفي كل مرة يتحدث الأطباء أو المصابين أن هذا المجتمع لايرحم ويذهب تفكيره بعيدأ أن كل المصابين بهذا المرض لديهم علاقات بأجانب، كنا نريد عمل تقرير تلفزيوني مصور لكن واجهنا صعوبات الجميع لايريد أن يتحدث الى الكاميرا  لذلك فقد

قررنا عمل هذا التقرير المكتوب .

رسمت “أم محمد” وهو اسم مستعار لإحدى المصابات بمرض الايدز في قطاع غزة حياة سعيدة لحياة زوجية لم تكتمل فصولها عندما اكتشفت إصابة زوجها بالمرض، حياة انقلبت جحيم بالنسبة لها هي التي لم يتسن لها الإنجاب بسبب انشغالها على مدار عامين بمرض زوجها وخضوعها هي أيضا لفحوصات طبية.

ام محمد التي منحتنا الفرصة لتروي تجربتها مع المرض عبر الهاتف فقط، نظرا لخصوصية المرض في المجتمع الفلسطيني الذي لا يرى سببا لانتشار هذا المرض إلا عبر الرذيلة أو سلوكيات خاطئة فكانت لام محمد تجربة ترويها بدقائق معدودة.

تقول أم محمد أنها اكتشفت بعد مرور ستة شهور على زواجها إصابة زوجها بمرض الايدز حيث بدأت تظهر عليه علامات المرض فخضعت تلقائيا لفحص اثبت انتقال المرض لها فأحست بظلم أثقل كاهلها، وتقول في هذا الصدد:”أحسست بظلم كبير وقع علي وكانت أول سنة من حياتي بعد اكتشاف المرض صعبة جدا حتى أنني لمت زوجي لأنه لم يصارحني بحقيقة مرضه الذي اكتشف بعد حين”.

قليل هم الأشخاص الذين صارحتهم أم محمد بحقيقة مرضها فلا تحب أحدا ان يكشف حقيقة الأمر ليس خجلا من الإصابة بل من وصمة العار التي تلحق بالمصاب اجتماعيا، وتقول:”مجتمعنا مجتمع ظالم حتى أنا لو لم أكن مصابة وعلمت بفتاة تحمل ذات المرض سأنبذها وأتعامل معها بشيء من السوء”.

واصلت أم محمد حياتها بشكل طبيعي بعد وفاة زوجها فأكملت تعليمها وتخرجت من الجامعة بتقدير ممتاز وتوظفت، فلم تكن الإصابة بالمرض عائقا أمام استمرار حياتها كأي فتاة غير مصابة – كما روت .

وفي معرض توصياتها للمقبلين على الزواج، حثت المتزوجين الخضوع لعمل فحص طبي مسبق لمرض الايدز على غرار فحص الثلاسيميا حتى يدخلوا لحياة زوجية دون أمراض، مشددة على أن اسم المرض صعب، وحتى الكلمة عندما تلفظها صعبة جدا ومن سيصبر على الزواج لسنوات عليه ان يصبر لنتائج الفحص الطبي يوم ويومين وثلاثة.

12 حالة مسجلة

بدوره اوضح د.نضال غنيم رئيس قسم الأوبئة في مركز شهداء الرمال وزارة الصحة أن العدد الإجمالي لمرضى الايدز على قيد الحياة في قطاع غزة هو 12 حالة، جزء منهم حسب الدليل الإرشادي لمنظمة الصحة العالمية يخضع للعلاج وجزء آخر لا يحتاج إلى علاج وإنما إلى متابعة ومراقبة.

وقال د.غنيم :”سجلنا في قطاع غزة منذ العام،1988 “33” حالة، توفي اغلبهم وبقي “12 حالة، “5” اناث و”7″ ذكور من أصل 33 حالة توفي اغلبهم، وتبقى هذه الأرقام غير حقيقة حيث اننا نتوقع ان الأعداد اكثر”، مبينا انه في العام 2011 سجلت خمس حالات بينما يسجل كل سنة حالة أو اثنين.

وأضاف:”بحسب منظمة الصحة العالمية تقول مقابل كل حالتين يتم تسجيلهم هناك خمس حالات غير مكتشفين وبالتالي نتوقع أن العدد اكبر ولكن المسجل حاليا 12 حالة”.

وبين د.غنيم انه يتم متابعة مرضى الايدز بشكل دوري كل ثلاثة الى ستة اشهر لمن لا يخضع للعلاج، حيث يتم مراقبة تطور المرض لديهم بينما يتم متابعة الحالات التي تخضع للعلاج كل ثلاثة اشهر ويتم صرف العلاج لهم شهريا من خلال برنامج منظمة الصحة العالمية، ترعاه وزارة الصحة وبدعم من منظمة الصحة العالمية لمراقبة تطور المرض أو تغير أعراضه وبالتالي تغير العلاج حسب تطور الحالة.

وقال إن برنامج مرضى الايدز في غزة مدعوم من وزارة الصحة الفلسطينية بدعم خارجي من منظمة الصحة العالمية، مشيرا إلى أن عدد الحالات قليلة مقارنة بالدول العالمية وبالتالي فلسطين تصنف من الدول التي لا يشكل فيها المرض عبء والنسبة فيها قليلة جدا.

وبين غنيم أن مرضى الايدز في قطاع غزة هم ضحايا جاءهم المرض إلى بيوتهم ولم يأتيهم بطريقة غير شرعية، مشيرا إلى أن الطرق غير الشرعية لم تعد السبب الرئيسي لنقل العدوى مشددا أن المرضى الإناث هم سيدات بيوت جاءهم المرض إلى بيوتهن بالإضافة إلى طفلين انتقلت لهما العدوى عن طريق المشيمة خلال فترة الحمل لذلك نقول أنهم ضحايا.

يعيشون تحت طائلة الخوف والوصمة والعار

من جهته بين نور الدلو باحث في المجال الإعلامي ومن خلال بحثه ولقائه لعدد من الحالات أن المجتمع يرفض تقبل مريض الايدز ويصفه بالوصمة السيئة، مما يجعل مريض الايدز يميل إلى الانعزال عن محيطه أكثر من أي شي آخر، مؤكدا من خلال أبحاثه أن سبب نقل العدوى للمرضى القدامى في قطاع غزة كانت عن طريق نقل الدم.

وقال الدلو:”يعتقد المحيط الاجتماعي لمريض الايدز أن إصابته لا بد وان تكون ناتجة عن الاتصال الجنسي المحرم، ونتيجة الزنا والفساد الأخلاقي والشذوذ، وربما الإدمان واستخدام حقن المخدرات الملوثة، وتترتب على هذه الوصمة، مشكله العزلة الاجتماعية والنبذ والرفض والتمييز ضد الشخص المصاب، فيفقد أصحابه وأهله وربما شريك حياته ويفقد مصادر الدعم الاجتماعي التي هو بحاجه لها بعد الإصابة أكثر من أي وقت مضى غير ذلك قد يساء للمصاب في المعاملة، ويتم الاستهزاء به.

وأضاف ” نتيجة لما سبق تأتي مشكلة الخوف من التبليغ عن الإصابة بالمرض وبالتالي يفقد المريض فرص العلاج إذا ما تم اكتشاف الإصابة”.

ولفت الدلو إلى بعض الحالات التي قابلها عبر الهاتف تقبلت المرض وتعايشت معه وتصر على مواصلة الحياة فبعضهم يعمل في شركة والبعض مقبل على الزواج والبعض لديه شركة يديرها والبعض الآخر منسحب بحكم الواقع والمجتمع والصدمة التي تسيطر عليهم.

نساء مظلومات اجتماعيا

فيما بينت د.سماح الهبيل منسقة مشروع مكافحة سرطان الثدي في مركز صحة المرأة التابع لجمعية الثقافة والفكر الحر، بينت أن المركز اخذ على عاتقه رفع صوت النساء المظلومات اجتماعيا بسبب أصابتهن بالايدز خاصة في ظل قلة وعي المجتمع بهذا المرض الذي يربطه بسلوك أخلاقي محدد وفساد وسلوكيات غير مقبولة اجتماعيا.

وأضافت:”من هنا رأينا انه من الواجب أن نرفع صوت النساء ونتبنى قضيتهن ونوعي المجتمع بالمرض وكيفية العدوى”، مشيرة الى أن خوف المرضى والمصابين فيه من الوصمة الاجتماعية السائدة في المجتمع تقلل فرص الإعلان عن الحالات.

وأكدت الهبيل أن مؤسسات المجتمع المدني تتكاتف مع المؤسسات الدولية والحكومية لرفع الوعي بهذا الوباء حتى لا يتم عزل المصابين فيه اجتماعيا ونبذهم، مشددة ان دورهم هو التوعية بالمرض ومساعدة المجتمع في تقبل هؤلاء المرضى.

المرض على مستوى فلسطين

وسجلت وزارة الصحة اصابة 86 حالة بمرض الايدز في فلسطين مشددة أن المرض لا يعتبر تحديا مقارنة بالأعداد المسجلة حيث بلغ العدد التراكمي المسجل للحالات 86 حالة منهم 33 حالة على قيد الحياة إلا أن هذا الوضع قابل للتغيير في أي لحظة، بحسب بيان الوزارة.

وتشير إحصاءات برنامج الأمم المتحدة لمكافحة الإيدز إلى أن عدد المصابين بالفيروس في منطقتي الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في ازدياد، كما أن تقديرات برنامج الأمم المتحدة لمكافحة الإيدز تقول أن 5 % فقط من المرضى الشرق الاوسط والشمال أفريقيا يحصلون على العلاج اللازم للمرض.