الشعب استعاد سلطاته..العراق الحقيقي ينتصر على العراق الجديد

28 ديسمبر 2019آخر تحديث :
الشعب استعاد سلطاته..العراق الحقيقي ينتصر على العراق الجديد

في تجسيد للواقع الراهن في العراق تحت مظلة الاحتجاجات الساخنة، وسحب القنابل المسيلة للدموع، ودماء مئات القتلى والجرحى، والدمار الذي ضرب مؤسسات حزبية وحكومية، يتفق سياسيون ومفكرون عراقيون، على تعبير أن «العراق الحقيقي ينتصر على العراق الجديد»، وذلك بعد أن انحاز الرئيس العراقي، برهم صالح، للشعب ملوحا بالاستقالة، ومعتبرا  أنه بذلك يضمن «المحافظة على استقلال العراق وسيادته ووحدته وسلامة أراضيه، وفق المواد الدستورية».

وشدد صالح على أن منصب رئيس الجمهورية يجب أن يستجيب لإرادة الشعب،  معلناً رفضه تقديم مرشح التحالف الموالي لإيران لمنصب رئيس الوزراء إلى البرلمان، ما ينذر بتعميق الأزمة السياسية في البلاد.

  • ويطالب العراقيون المحتجون منذ الأول من  أكتوبر/ تشرين الأول الماضي بتغيير النظام السياسي الذي أرساه الأمريكيون عقب الإطاحة بنظام صدام حسين في العام 2003، وتسيطر طهران على مفاصله اليوم، ويرفضون تسمية أي شخصية كان لها دور في العملية السياسية خلال الأعوام الـ16 الماضية، وسط تخوف من عودة العنف إلى الشارع الذي أسفر عن مقتل نحو 460 شخصاً وإصابة 25 ألفاً آخرين بجروح.
  • وانقسم العراقيون  بردود فعلهم على تلويح الرئيس برهم صالح بالاستقالة في مواجهة المعسكر الموالي لإيران الذي يصر على تسمية رئيس وزراء من رحم السلطة، وبينما اتهمه البعض بـ «خرق الدستور»، اعتبر آخرون أن ما قام به «فعل وطني»، رداً على ضغوط «الأحزاب الفاسدة».. وأعلن برهم صالح، بعد أيام من مقاومته لتسمية وزير في الحكومة المستقيلة أولاً ومحافظ محط جدل ثانياً (الاثنان مدعومان من حلف طهران)، استعداده لتقديم استقالته، معلناً رفضه هاتين الشخصيتين تماهياً مع الشارع المنتفض.

    وفي برلمان يعد الأكثر انقساماً في تاريخ العراق الحديث، يدور الجدال حالياً  حول تحديد الكتلة البرلمانية الأكبر التي تسمي رئيس الوزراء..ومفهوم الكتلة الأكبر هو الائتلاف الذي يضم أكبر عدد من النواب بعد الانتخابات، وليس بالضرورة أن تكون اللائحة التي فازت بأكبر عدد من المقاعد بعد الاقتراع.. ولذا، يقدم الائتلاف الموالي لإيران نفسه على أنه المخول بالتسمية، فيما يعتبر ائتلاف «سائرون» بزعامة رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر أنه التحالف الأكبر لأنه حل أولاً في الانتخابات التشريعية.

    • وكانت كتلة البناء التي يقودها هادي العامري المدعوم من إيران قد رشحت محافظ البصرة أسعد العيداني لتولي رئاسة الوزراء بعد أسابيع من الجمود السياسي، والذي يواجه انتقادات حادة بسبب إجراءات اتخذها لقمع تظاهرات خرجت في صيف 2018، في محافظته..
    • وأثار رفض الرئيس العراقي، برهم صالح ، تكليف مرشحي كتلة «البناء» الثلاثة لرئاسة الحكومة تماهيا مع المطالب الشعبية، غضب حلفاء إيران. وفي هذا الإطار شنت «كتائب حزب الله» العراقية المقربة من إيران، هجوما حادا على الرئيس صالح، مؤكدة أن البلاد دخلت في أزمةٍ خانقة، وأحد أسبابِ تعقيدِها التعامل المريب لرئيسِ الجمهوريةِ، بخرقِهِ الدستورَ بعد رفضِهِ أداءَ مهمّتِه وواجبِه الدستوري بتكليفِ الشخصيةِ التي ترشّحُها الكتلة الأكبرَ لرئاسةِ الوزراءِ.

      واتهمت الكتائب رئيس الجمهورية، بالخضوع للإملاءاتِ الأمريكيةِ، ولضغوطِ أطرافٍ مشبوهةٍ تعملُ على استغلالِ التظاهراتِ لفرضِ إرادتها».

      وطالبت القوى السياسية، بالتصدي لما وصفته بـالتصرفاتِ غيرِ المسؤولةِ لرئيسِ الجمهوريةِ بعد خرقِهِ الدستورَ.

      • ودائما ما توجه الجماعات المرتبطة بإيران الاتهامات لكل السياسيين الرافضين لتدخلات طهران في الحياة السياسية في العراق وتغيير المشهد السياسي لصالحها.

       

      استقالة أم  بيان موقف من رئيس الجمهورية؟!

      الجدل الدائر حاليا داخل الساحة السياسية في بغداد حول  مذكرة  رئيس الجمهورية  التي تقدم بها للبرلمان: «استقالة أم  لا استقالة »، بينما قال نائب في «كتلة سائرون»: “نرفض استقالة برهم صالح وندعم موقفه برفض أي شخصية متحزبة”، فيما شكر زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، الرئيس برهم صالح على رفضه تكليف العيداني برئاسة الحكومة.

      ومن جانبه، قال زعيم «ائتلاف الوطنية»، إياد علاوي: “الرئيس برهم صالح قال لي منصب رئيس الجمهورية لا يساوي «فلساً» ما لم يتم تكليف من يخدم الشعب”.

      ومن جهة اخرى، قال نائب رئيس البرلمان العراقي، بشير الحداد، إن رئيس البلاد برهم صالح لم يقدم طلبًا رسميا للاستقالة وإنما كانت رسالته الموجة للبرلمان «بيان موقف ليس إلا»، وبذلك، يتراجع الحداد عما قاله في وقت سابق بأن الرسالة التي وجهها الرئيس صالح إلى البرلمان يوم الخميس بمثابة استقالة وإنه يعتبر مستقيلاً بعد أسبوع إذا لم يقم بسحبها.