لعنة النفط والعروبة!

بقلم: حمدي فراج

لم نسمع اي دولة عربية على الاطلاق ، تنتفض لتدافع عن سوريا ازاء قانون قيصر الامريكي الذي يقضي بفرض عقوبات عليها تشمل جميع مناحي الحياة بما في ذلك الغذاء والدواء ، والذي دخل حيز التنفيذ 17 حزيران الجاري .

نحن لا نتحدث هنا عن دول غنية ، انعمت عليها الطبيعة بمخازين نفطية او معدنية وفيرة تصل الى استخراج ملايين البراميل يوميا منذ عشرات السنين لعشرات السنين القادمة، ولا عن دول فقيرة، تبدي استعدادا لخرق الحصار والعقاب، كأن تتقايض معها بما لديها مع ما ليس لديها، ولا عن دول تواطأت مع امريكا ضد سوريا وغير سوريا، ولكنها ازاء تجويع عامة الناس وملاحقتهم في لقمة عيشهم، تهب لتقول لامريكا: إن هذا مخالف للنواميس وقوانين الحياة وسنن الارض والسماء ، إذ ليس هناك من معنى منطقي واحد يقول بمعاقبة شركة تتعامل مع النظام بأن يتم اغلاقها وطرد عمالها الى الشوارع، فكيف يمكن ان يفسر أحد ما في العالم ان يموت ابناء هؤلاء العمال وخاصة الاطفال منهم لنقص حليبهم او امصال مناعتهم، و ما الفرق حينها بينكم وبين الكورونا الذي يفتك بارواح الناس من على اليمين وعلى الشمال .

لا الدول المتواطئة ، ولا الدول الوطنية ، التي احتفظت بتاريخ كفاحي وجهادي طويل ضد الاستعمار ، مثل مصر والجزائر وتونس والسودان والعراق وفلسطين ، حتى لو بالكلام ، من قبيل امير الشعراء المصري احمد شوقي ومظفر النواب العراقي وابراهيم طوقان الفلسطيني ونزار قباني السوري وابو القاسم الشابي التونسي ، وجبران خليل اللبناني وعشرات آخرين خلدوا الاخوة العربية والتعاضد والتكامل والتناصر ، والذين تتلمذ على اشعارهم اجيال واجيال هذه الامة من المحيط الى الخليج ، فأعطوا العروبة زخمها المتوهج ونبراسها الذي لا ينطفيء .

والآن ، بعد انكشاف المشهد ، بالفعل العقابي الامريكي البشع ، وبردة الفعل العربية الرسمية المخزية ، هل بقي هناك من يعتقد ان النظام العربي ، عربي ؟ هل بقي من يعتقد ان النفط العربي عربي ؟ والمال العربي عربي ، والجماهير العربية بمئات الملايين هي التي تقرر مصائرها وتكتب دساتير عزتها وسؤددها ، وما المعنى الذي يفيده ان لا تخرج في عواصمها تنتصر لسوريا حتى لو أدى ذلك الى معارضة انظمتها ، الا اذا كانت عواصمها ليست عواصمها .

قال شاعر النيل حافظ ابراهيم قبل نحو مئة عام : لمصر أم لربوع الشام تنتسب * هنا العلا وهناك المجد والحسب / اذا ألمّت بوادي النيل نازلة * باتت لها راسيات الشام تضطرب / وإن دعا في ثرى الاهرام ذو ألم * أجابه في ذرا لبنان منتحب / لو أخلص النيل والاردن ودهما * تصافحت منهما الامواه والعشب / بالواديين تمشى الفخر مشيته * يحف ناحيتيه الجود والدأب / هذي يدي عن بني مصر تصافحكم * فصافحوها تصافح نفسها العرب .

عن Amer Hijazi

شاهد أيضاً

العرب وإسرائيل وبناء السلام الإيجابي

بقلم:د. ناجي صادق شراب الفرضية الرئيسية التي يقوم عليها البناء الإيجابي للسلام، هي العمل على …