بقلم : راسم عبيدات
كل المعطيات والوقائع المستندة لتحليل ملموس للواقع تؤشر الى أن التناقضات بين امريكا ومروحة تحالفاتها وحلفائها عربانا وإقليميين ودوليين ضد محور المقاومة وحلفائه من روس وصينيين وفنزوليين وكوريين شماليين باتت مستعصية الحل سلمياً، فترامب مع اقتراب الانتخابات الأمريكية يحتاج الى انتصار يمكنه من الفوز في هذه الانتخابات، وهذا الفوز إما أن يترجم بشن حرب على ايران،أو بإخضاع لبنان للشروط والإملاءات الأمريكية والإسرائيلية، عبر الضغوط والعقوبات الاقتصادية والمالية والحصار والتجويع ،بما يطوع لبنان للقبول بترسيم حدوده البرية والبحرية وفق الرؤية والشروط الإسرائيلية،وكذلك القبول بتوطين اللاجئين الفلسطينيين.
ترامب يواجه داخلياً أزمات عميقة، فشل ذريع في مواجهة ازمة انتشار جائحة كورونا التي تواصل تفشيها بشكل كبير موقعة المزيد من الضحايا والإصابات مما جعل أمريكا تحتل المرتبة الأولى على صعيد العالم في الإصابات والوفيات، وبما يكشف عن هشاشة وتخلف النظام الصحي والطبي الأمريكي وعدم الجهوزية، وكذلك هناك زيادة في معدلات البطالة والتضخم ومئات الالاف يفقدون وظائفهم بسبب اغلاق عشرات ألآف الشركات بسبب انتشار الوباء وانهيار اسعار النفط الصخري، حيث نشهد انكماش معدلات النمو الإقتصادي والتي ستقود الى أزمة اقتصادية شاملة وحالة من الركود الإقتصادي .
الصين تزحف نحو التربع على قمة العالم اقتصادياً، ومحاولات ترامب لمعاقبتها وفرض العقوبات عليها تقابل بعقوبات مضادة صينية، وحالة من الخوف والقلق تنتاب الإدارة الأمريكية خوفاً من حلول الصين مكانها في المنطقة، فلبنان على خلفية العقوبات الأمريكية بات قاب قوسين او ادنى من اتخاذ حكومته قراراً بالتوجه نحو الصين، من اجل مساعدته في ازمته الاقتصادية من خلال تحديث شبكة الكهرباء ومد خطوط السكة الحديدية، والإستثمارات في القطاعات الإقتصادية اللبنانية المختلفة، بما فيها البنى التحتية المتهالكة، حتى هذا القلق والخوف انتاب امريكا من الاستثمارات الصينية في دولة الاحتلال، وهي الحليفة والشريكة لأمريكا، مما استدعى زيارة وزير الخارجية الأمريكية جورج بومبيو الى دولة الكيان الصهيوني وبحث هذا الموضوع مع رئيس وزراء الاحتلال نتنياهو، وتحذيره من مغبة السير قدماً في التعاون مع الصين في الجوانب الاستثمارية في مجال التكنولوجيا والبنى التحية، والتي قد يشكل استمرارها خطرا على الأمن القومي الأمريكي، وتحت الضغوط والتهديدات الأمريكية الغت اسرائيل عقد احدى الشركات الصينية من اجل اقامة اكبر محطة تحلية لمياه البحر.
في الواقع العسكري الميداني المشروع الأمريكي في تراجع وا نكفاء،اشتداد المقاومة ضد الوجود الأمريكي في العراق وسوريا، والإصرار على خروج القوات الأمريكية من المنطقة وانهاء احتلالها للأراضي العراقية والسورية…الحرب السيبرانية والعقوبات الإقتصادية والمالية على ايران من اجل ابطاء مشروعها النووي …يبدو بانها ستدفع الأمور نحو الإنفجار الشامل … ايران ترد على الحروب السيبرانية المستهدفة منشأتها النووية وموانئها باستهداف بوارج ومصانع واهداف أمريكية واستهداف شبكات المياه والصرف الصحي في اسرائيل أكثر من مرة، وتوقيع اتفاقية اقتصادية مع الصين ب 400 مليار دولار لتحديث الاقتصاد والانتاج والنظم الإدارية والالكترونية في ايران، والتدريبات العسكرية والتعاون التكنولوجي والاستخباري، اتفاقية من شأنها تفريغ العقوبات الأمريكية من مضامينها .
سوريا ولبنان لم يخضعهما قانون “قيصر” لخنق وقتل الشعبين السوري واللبناني ….وسماحة السيد حسن نصر الله دعا اللبنانيين للتوجه نحو الشرق كبديل عن تشبث البعض اللبناني بالخيار الأمريكي، وكذلك الدعوة للتوجه نحو الجهادين الزراعي والصناعي، والقول للأمريكان لن نسمح لكم بقتلنا بل سنقتلكم .
وسوريا ترد على استمرار الغارات الإسرائيلية عليها، وتطبيق قانون قيصر الإجرامي بتوقيع اتفاقية استراتيجية عسكرية امنية مع طهران بعد زيارة رئيس هيئة الأركان الإيرانية محمد باقري لدمشق ولقائه مع وزير دفاعها العماد فهد جاسم الفريج، تتضمن تحديث شبكة الدفاع الجوي السورية… وكذلك دعم كبير لها في الجوانب الاقتصادية وتزويدها بالسلع والنفط.
دولة الاحتلال تتعمق أزمتها وأزمة نتنياهو الناتجة عن الفشل في مواجهة انتشار جائحة كورونا … وتظاهرات بالالاف في تل ابيب ضده على خلفية هذا الفشل وعلى خلفية فساده ولائحة الإتهام الموجهة ضده بالرشى والخداع وخيانة الأمانة ودعوتهم له بتقديم استقالته … وأزمة عميقة مع مجلس المستوطنين تؤدي الى تراجع شعبية نتنياهو والليكود من 40 الى 34 مقعداً اذا ما جرت انتخابات مبكرة رابعة، وسبب ذلك عدم قدرته على تنفيذ وعوده بتنفيذ الضم في اوائل تموز بسبب رهن سياسة دولته الخارجية للأمريكان، ناهيك عن عدم تعاون بني غانتس زعيم حزب ازرق ابيض مع نتنياهو في مشروع الضم وتوجيه الاتهامات له بالفشل في مواجهة انتشار جائحة كورونا.
مرجل المنطقة يغلي وينتظر عود الثقاب، وقد تكون التحقيقات التي تجريها القيادة الإيرانية ومجلس الأمن القومي الإيراني في الخلاصة لنتائج الدمار الكبير الذي لحق بمنشأة نطنز النووية ومن هو المسؤول عن ذلك، وكذلك عمليات التخريب الناتجة عن هجمات سيبرانية أمريكية وإسرائيلية والتي طالت ميناء بندر عباس واحدثت حالة من الفوضى في حركة الميناء والسفن والملاحة هناك…الاستنتاجات بان اسرائيل او امريكا مسؤولتان عن هذه الهجمات سواء بواسطة هجمات سيبرانية او زرع عبوات او غارات جوية ، هذا يعني بان هناك رد عسكري كبير ستقدم عليه القيادة الإيرانية، وطبيعة وحجم ونوعية هذا الرد الإيراني سيحددان حجم التداعيات الناشئة عنه، هل ستستوعب أمريكا واسرائيل الرد الإيراني..؟ أم ان ذلك الرد سيؤدي الى تداعيات كبيرة، تدفع بالمنطقة والإقليم نحو حرب شاملة؟
هذه الحرب ونتائجها سيتوقف عليها شكل العالم الجديد الذي اجزم بانه لن يكون لا في مصلحة أمريكا ولا اسرائيل، بل سيبزغ فجر ولادة التعددية القطبية وتحالفات جديدة ومتغيرات جيواستراتيجية في المنطقة …يتقدم فيها مشروع المقاومة على كامل المنطقة والعالم.
18/7/2020
Quds.45@gmail.com