هدد الرئيس الاوكراني فكيتور يانوكوفيتش الاربعاء بملاحقة زعماء المعارضة “الذين تخطوا الحدود” متهما اياهم بالسعي من خلال العنف “للاستيلاء على السلطة”، في وقت شنت قوات مكافحة الشغب فجرا هجوما جديدا على المتظاهرين المتجمعين في ساحة كييف المركزية وسط تصعيد في اعمال العنف ادى الى قتل 25 شخصا في المواجهات العنيفة التي شهدتها كييف بين متظاهرين والشرطة كما اعلنت وزارة الصحة الاوكرانية في بيان الاربعاء.
وادخل 241 شخصا الى المستشفى وبينهم 79 شرطيا وخمسة صحافيين كما اضافت الوزارة. اعلنت صحيفة “فستي” الاوكرانية مقتل احد صحافييها ليل الثلاثاء الاربعاء برصاص مجهولين ملثمين في وسط كييف على مقربة من ساحة الاستقلال التي تشهد اعمال عنف غير مسبوقة.
وقال الرئيس يانوكوفيتش في كلمة الى الامة في وقت كان الهجوم جاريا ضد المتظاهرين في ساحة الميدان ان “زعماء المعارضة تجاهلوا مبدأ الديموقراطية الذي يقوم على الوصول الى السلطة من خلال انتخابات وليس في الشارع (…) لقد تخطوا الحدود بدعوتهم الناس الى حمل السلاح”.
واضاف “انه انتهاك فاضح للقانون وان المذنبين سوف يمثلون امام القضاء”.
واخذ على زعماء المعارضة دعوتهم “المتطرفين في الميدان الى الكفاح المسلح” حتى قبل ان تفتح دورة برلمانية الثلاثاء كان “يمكن ان يتم خلالها اقرار القوانين التي لكانت غيرت اوكرانيا”.
واتهمهم بانهم “عطلوا البرلمان (…) واصروا على منح السلطة الى المعارضة بالكامل وعلى الفور”.
وقال ايضا “بدون ان يكونوا حصلوا على تفويض من الشعب، حاول هؤلاء السياسيون المزعومون الاستيلاء على السلطة من خلال انتهاك الدستور بعد اعمال عنف وقتل”، في اشارة الى المواجهات الدامية الثلاثاء.
وتابع ان على المعارضة إما ان “تاخذ مسافة عن الراديكاليين” او ان “تقر بانها تدعمهم” مضيفا “وفي هذه الحالة فسوف نكلمهم بطريقة مختلفة”.
واطلقت قوات مكافحة الشغب الاوكرانية هجوما جديدا فجر الاربعاء على ساحة الميدان التي يحتلها المتظاهرون منذ ثلاثة اشهر.
وتقدم الشرطيون بعيد الساعة 4,00 صباحا (2,00 تغ) واتخذوا مواقع حول النصب الذي يتوسط الساحة بعدما القوا وابلا من القنابل المسيلة للدموع والقنابل الصوتية، على ما افاد صحافي في وكالة فرانس برس الاربعاء، واشتعلت النيران في الخيم المنصوبة في الميدان الواحدة تلو الاخرى.
ورد المتظاهرون بالقاء الحجارة واقاموا جدارا من النار للاحتماء من قوات الامن اصطف خلفه متظاهرون يعتمرون خوذات ويحملون عصيا ودروعا معدنية شبيهة بتجهيزات الشرطة مشكلين خط دفاع اول.
وصاح احد المعارضين “وسط كييف قلب اوكرانيا يشتعل! توقفوا!” متوجها الى الشرطيين من على المنصة التي اقيمت في الميدان، مركز الحركة الاحتجاجية التي نشأت اثر تبديل الرئيس موقفه في نهاية تشرين الثاني (نوفمبر) حين عدل عن توقيع اتفاق مع الاتحاد الاوروبي لصالح التقرب من روسيا.
وبالرغم من تزايد الادانات على الساحة الدولية، رفض يانوكوفيتش وقف الهجوم وطالب المتظاهرين باخلاء ساحة الميدان، على ما اعلن قادة المعارضة بعد لقاء مع الرئيس مساء الثلاثاء.
واعلن سفياتوسلاف خانينكو مسؤول الاجهزة الطبية التابعة للمعارضة لفرانس برس ان ما لا يقل عن اربعة متظاهرين “قتلوا اثناء تمشيط الميدان”، بعدما كانت حصيلة سابقة تفيد عن مقتل خمسة مدنيين وسبعة شرطيين في المواجهات الجارية في كييف منذ صباح الثلاثاء.
وقال صحافي في فرانس برس ان النيران كانت تلتهم عدة طوابق من “بيت النقابات” المطل على الميدان الذي تحول الى مقر عام للمتظاهرين وكان معارضون يغادرون المبنى فيما يجري اجلاء بعضهم على محامل.
وكان الشرطيون طلبوا قبل ذلك عبر مكبرات الصوت من النساء والاطفال مغادرة الموقع منذرين بشن “عملية لمكافحة الارهاب” لكن الاف المتظاهرين رفضوا الخروج من الساحة مرددين النشيد الوطني الاوكراني.
وقال احد قادة المعارضة ارسيني ياتسينيوك للقناة التلفزيونية الخامسة “عرض علينا الرئيس تسليم انفسنا. سنبقى هنا مع المتظاهرين”.
وقال احد قادة المعارضة فيتالي كليتشكو بطل الملاكمة السابق مخاطبا الحشد في الميدان “انها واحة من الحرية” مضيفا “السلطة شنت حربا على شعبها”.
حتى المؤيدين تقليديا للنظام مثل رينات احمدوف اثرى رجل في اوكرانيا والعراب الرئيسي لحزب المناطق الذي يتزعمه يانوكوفيتش، انتقدوا الاحداث الجارية.
وقال احمدوف في بيان ان “الضحايا من جانب المتظاهرين وقوات الامن هم ثمن غير مقبول لاخطاء سياسية” داعيا الى “وقف اراقة الدماء”.
وبين المدنيين الذي قتلوا موظف في حزب المناطق عثر على جثته في مقر الحزب بعدما هاجمه المحتجون الذين سيطروا عليه لفترة وجيزة واحرقوا قسما منه.
وكانت اعمال العنف تهدد بالانتشار الى باقي مناطق اوكرانيا.
ففي لفيف احد معاقل الاحتجاجات في غرب البلاد، هاجم المتظاهرون مقرات الادارة المحلية والشرطة ومباني عسكرية وبعد وقوع مواجهات سيطرة حوالى خمسة الاف متظاهر على مخازن اسلحة.
وتوعد المدعي العام فيكتور بشونكا مساء الثلاثاء بانزال “اشد العقوبات” بمسؤولي ومثيري اعمال العنف.
وفرضت السلطة ما يشبه حال الطوارئ حيث اغلق مترو كييف واعلنت السلطات ان حركة السير على الطرقات في اتجاه العاصمة سيكون “محدودا” اعتبارا من منتصف الليل لتفادي “تصعيد العنف”.
وكانت صدامات سابقة في نهاية كانون الثاني (يناير) اسفرت عن اربعة قتلى واكثر من خمسمئة جريح.
ودانت روسيا على الفور عودة العنف التي نسبتها الى سياسة الغربيين الذين “يغضون الطرف على الاعمال العدوانية التي تقوم بها القوات الراديكالية في اوكرانيا”.
وبعدما دفعت موسكو كييف الى العدول عن توقيع اتفاق شراكة مع الاتحاد الاوروبي منحت كييف في كانون الاول (ديسمبر) قرضا بقيمة 15 مليار دولار صرفت منه حتى الان ثلاثة مليارات وتخفيضا في اسعار الغاز كما وعدت بتسديد شريحة جديدة من القرض قدرها مليارا دولار “هذا الاسبوع” الى اوكرانيا التي باتت على شفير التعثر في سداد مستحقاتها.
ودعا نائب الرئيس الاميركي جو بايدن يانوكوفيتش الى سحب قوات الامن من شوارع كييف و”ابداء اكبر قدر من ضبط النفس” مشددا على “الضرورة الملحة لبدء حوار فوري” مع قادة المعارضة.
من جهته اعرب الامين العام للامم المتحدة بان كي مون عن “قلقه البالغ” للوضع في اوكرانيا.
ولوح وزير الخارجية الالماني فرانك فالتر شتاينماير بفرض “عقوبات” اوروبية على القادة الاوكرانيين.
كما نصحت وزارة الخارجية الاميركية مساء الثلاثاء رعاياها بعدم السفر الى اوكرانيا ودعا جميع الموجودين في هذا البلد الى تجنب مواقع التظاهرات.
مقتل صحافي
واعلنت صحيفة “فستي” الاوكرانية مقتل احد صحافييها ليل الثلاثاء الاربعاء برصاص مجهولين ملثمين في وسط كييف على مقربة من ساحة الاستقلال التي تشهد اعمال عنف غير مسبوقة.
وافادت الصحيفة المجانية على موقعها الالكتروني ان فياتشيسلاف فيريمي كان غادر مركز عمله للتو في سيارة اجرة للعودة الى منزله حين القى ملثمون زجاجات حارقة على سيارته المتوقفة عند اشارة سير ثم اخرجوه منها وانهالوا عليه بالضرب.
وتابعت الصحيفة التي تصدر بالروسية والمقربة من السلطة ان الصحافي “اصيب بالرصاص في صدره” وتوفي في المستشفى بعد ساعات من الهجوم.
واشارت “فستي” الى ان الصحافي سبق ان اصيب في نهاية كانون الثاني (يناير) على هامش صدامات بين الشرطة ومتظاهرين في شارع غروشفسكي وفقد نظره جزئيا.
واصيب عشرات الصحافيين في كييف منذ انطلاق الحركة الاحتجاجية قبل حوالى ثلاثة اشهر ونددت منظمات الدفاع عن حقوق الانسان وعن الصحافة بتعمد استهداف الصحافيين.