حديث القدس
رغم التفاؤل الحذر الذي أبداه عدد من المسؤولين الفلسطينيين بهزيمة صاحب صفقة القرن المشؤومة، الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، وفوز الرئيس الحالي جو بايدن، بإمكانية حدوث حلحلة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية وبدء مفاوضات جادة لتحقيق السلام ورغم بعض المواقف التي أبدتها الادارة الاميركيةالجدية في مواضيع غير جوهرية كالاستعداد لاستئناف المساعدات للفلسطينيين والتزام بايدن بحل الدولتين، والحديث عن احتمال اعادة فتح مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، الا ان هناك ايضا مؤشرات سلبية انطوت عليها تصريحات لوزير الخارجية الاميركي الجديد انطوني لينكين والناطق باسم الخارجية الاميركية وهي مؤشرات تتعلق بقضايا جوهرية فيما يخص القضية الفلسطينية.
أهم هذه المؤشرات مصادقة مجلس الشيوخ الاميركي على نقل السفارة الاميركية من تل ابيب الى القدس واعلان بلينكن ان الادارة الجديدة سوف تبقي السفارة الاميركية في القدس، والمؤشر الاخر يتعلق بتصريحات للمتحدث الرسمي باسم الخارجية الاميركية وصف فيها الاسرى الفلسطينيين والشهداء بالارهابيين، إضافة لقيام الادارة الجديدة بادانة قرار الجنائية الدولية بشأن اختصاصها في التحقيق بجرائم الحرب التي ارتكبتها اسرائيل في فلسطين
هذا يعني اننا أمام موقف اميركي ثابت في الانحياز للاحتلال الاسرائيلي وتبني روايته بشأن الشهداء والاسرى اضافة لتبني موقف ترامب بشأن القدس على الرغم من اعلان الناطق باسم الخارجية الاميركية ان القدس موضع لمفاوضات الحل الدائم التي لا يعرف احد كيف ومتى وعلى أي اساس ستجري خاصة وان بلينكن نفسه أعلن أن موضوع حل الدولتين ليس على جدول الاعمال اليوم.
واضافة لكل ذلك من الواضح ان الادارة الاميركية الجديدة كما أعلنت ملتزمة بضمان أمن اسرائيل وتفوقها ودعمها كالعادة في المحافل الدولية وحمايتها من الملاحقة في الجنائية الدولية، وهو ما يعني ان التفاؤل الحذر بدأ يتلاشى وأن على كافة القوى الفلسطينية والاطر القيادية ان تدرس بروية وحكمة كيفية التعامل مع الادارة الاميركية الجديدة وهل هناك ما يمكن البناء عليه فعلا في مواقفها السياسية من القضية الفلسطينية.
ومن الواضح للجميع ان القضية الفلسطينية ليست مساعدات من هذا الطرف او ذاك، وليست مجرد فتح مكتب تمثيلي فلسطيني في واشنطن أو غيرها بل ان الحديث يدور عن حقوق مشروعة لشعب يحرمه الاحتلال من تجسيد حقه في تقرير المصير واقامة دولته المستقلة، ويواصل انتهاكاته الجسيمة في الاراضي المحتلة.
لهذا نقول ان ليس أمامنا سوى التمسك بحقوقنا الثابتة والمشروعة والاستمرار في نضالنا العادل لإنهاء الاحتلال وتجسيد هذه الحقوق.
وهنا فان مما يدعو الى التفاؤل ورؤية بصيص أمل هو اتفاق القاهرة وتحرك الساحة الفلسطينية نحو استعادة الوحدة الوطنية الدرع الواقي والشرط الأساسي لمواجهة كافة التحديات الماثلة ولمواصلة النضال ولإسماع الصوت الفلسطيني الواحد الموحد سواء للاحتلال أو للادارة الأميركية أو للعالم أجمع.