ذكرت صحيفة “نيويورك تايمز” إن الولايات المتحدة في خضم حملة دبلوماسية مكثفة لمنع حرب شاملة بين إسرائيل وحزب الله في لبنان، مع تزايد المخاطر من أن أي من الجانبين قد يبدأ معركة إقليمية أوسع.
وبحسب الصحيفة، ، “ضغط المسؤولون الأميركيون في الأيام الأخيرة على نظرائهم الإسرائيليين ونقلوا رسائل إلى قادة حزب الله بهدف تجنب صراع إقليمي أوسع يخشون من أنه قد يجركل من إيران والولايات المتحدة إليه”.
والتقى وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، مع العديد من مسؤولي إدارة الأميركي جو بايدن في واشنطن الأسبوع الماضي، لمناقشة الحرب في غزة، والتوترات المتصاعدة على طول الحدود الشمالية لإسرائيل مع لبنان. وجاءت تلك الزيارة في أعقاب زيارة قام بها الأسبوع الماضي مستشار الأمن القومي الإسرائيلي، تساحي هنغبي، ووزير الشؤون الإستراتيجية الإسرائيلي، رون ديرمر.
وفي الأسبوع الماضي أيضاً، قام مسؤول كبير في البيت الأبيض، عاموس هوشستين (الإسرائيلي الأصل)، الذي تولى دوراً دبلوماسياً غير رسمي للتوسط بين الجانبين، بزيارة إسرائيل ولبنان. وحذر هوشستين حزب الله، ، من أن الولايات المتحدة لن تكون قادرة على كبح جماح إسرائيل إذا ما التزمت بحرب شاملة مع هذه الجماعة المسلحة.
وكثيرا ما تبادلت إسرائيل وحزب الله، إطلاق النار على طول الحدود الشمالية لإسرائيل. وبعد 7 تشرين الأول ، وبدء الحرب الإسرائيلية على غزة، بدأ حزب الله بإطلاق النار على إسرائيل، وخاصة ضد أهداف عسكرية إسرائيلية في شمال إسرائيل لإظهار التضامن مع حركة حماس.
وقد اشتدت حدة القتال في الأسابيع الأخيرة، “كما أدى تقليص العمليات القتالية التي نفذتها إسرائيل في غزة، حيث أضعفت حماس إلى حد كبير، إلى تحرير المزيد من قواتها استعداداً لهجوم محتمل في الشمال” وفق الصحيفة.
“وسيكون السيناريو الكابوس بالنسبة للمسؤولين الأميركيين هو التصعيد الذي تتبادل فيه إيران وإسرائيل الضربات بشكل مباشر للمرة الثانية. وفي جولة أخرى من هذا القبيل، قد لا تكون الولايات المتحدة قادرة على السيطرة على التصعيد المتبادل كما فعلت في في نيسان الماضي”.
وقد أصبح عاموس هوشستين، (المسؤول في إدارة بايدن)، وسيطًا غير رسمي بين إسرائيل وحزب الله. وفي الوقت الحالي، يعتقد المسؤولون الأميركيون أن إسرائيل وحزب الله يفضلان التوصل إلى حل دبلوماسي.
وبحسب التقارير الصحفية، أخبر غالانت المسؤولين في إدارة بايدن أثناء زيارته الأسبوع الماضي أن إسرائيل لا تريد حربًا واسعة النطاق مع حزب الله، “لكنها مستعدة لضرب الجماعة بشدة إذا تم استفزازها بشكل أكبر” بحسب الصحيفة.
ومن بين المسؤولين الذين التقوا بالسيد غالانت هوشستين، ووزير الخارجية أنتوني بلينكن، ومدير وكالة المخابرات المركزية، ويليام بيرنز.
وتنسب الصحيفة إلى ديفيد شينكر، مساعد وزير الخارجية السابق لشؤون الشرق الأدنى في إدارة ترامب، قوله: “إن أولوية الولايات المتحدة هي وقف التصعيد، ولا أحد من الطرفين يريد الحرب”.
وتم تشكيل حزب الله بمساعدة سورية إيرانية لمحاربة الاحتلال الإسرائيلي للبنان بعد غزو إسرائيل للبلاد في عام 1982 ، ويعتبر الآن قوة قتالية هائلة أكبر بكثير من حركة حماس، ويمتلك الحزب ترسانة صاروخية تتكون من عشرات الآلاف من الصواريخ والمسيرات القادرة على تدمير المدن الإسرائيلية.
وتقدر وكالات الاستخبارات الأميركية أن حزب الله عازم على إظهار الدعم لحماس من خلال توجيه ضربات عبر الحدود، لكنه يحاول تجنب إعطاء إسرائيل ذريعة لشن عملية توغل عبر الحدود.
يشار إلى أن رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة، الجنرال تشارلز براون، قد صرح لدى وصول غالانت إلى واشنطن: “من غير المرجح أن تكون الولايات المتحدة قادرة على مساعدة إسرائيل في الدفاع عن نفسها في حرب أوسع نطاقاً يخوضها حزب الله ضدها، كما ساعدنا إسرائيل في التصدي لوابل من الصواريخ والطائرات الإيرانية بدون طيار في أبريل المنصرم”.
ويعتقد مسؤولون أميركيون أن الحكومة الإسرائيلية منقسمة بشأن الحكمة من فتح جبهة أكبر في الشمال. وقال بعض المسؤولين الإسرائيليين، بمن فيهم غالانت، بعد هجمات حماس في 7 تشرين الأول 2023، إنه كان ينبغي على إسرائيل الرد بمحاولة تدمير كل من حماس وحزب الله.
“وقد تغير موقف غالانت منذ ذلك الحين، وفقًا لمسؤولين أميركيين. وقال المسؤولون إنه يقول الآن إن فتح جبهة جديدة سيكون غير حكيم” وفق الصحيفة.
لكن المسؤولين والمحللين الأميركيين يقولون إن احتمال انتشار الحرب لا يزال مرتفعا بشكل خطير.
ويواجه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ضغوطا سياسية متزايدة لإعادة إرساء الأمن في شمال إسرائيل، الذي تم إجلاء نحو 60 ألف ساكن منه. ويأمل الكثيرون في العودة إلى المنطقة قبل بدء العام الدراسي الجديد في أيلول المقبل، لكن معظمهم يقولون إنهم لن يشعروا بالأمان الكافي للعودة طالما استمرت هجمات حزب الله.
ومما يزيد من المخاطر عدم اليقين بين الولايات المتحدة وإسرائيل وحزب الله وإيران بشأن النوايا الحقيقية لبعضهم البعض.
وحذرت سوزان مالوني، مديرة برنامج السياسة الخارجية في معهد بروكينجز في واشنطن ، من أن “هناك إمكانية لتخفيف هذا التصعيد الأخير والابتعاد عن حافة الهاوية. لكن هناك أربعة جهات فاعلة منخرطة في لعبة تحد خطيرة”.
وأضافت: “لقد قلل الكثيرون في واشنطن وأماكن أخرى من تقييم قدرة القيادة الإيرانية الحالية على تحمل المخاطر”.
من جهتها، وجهت إيران، السبت، تحذيرا إلى إسرائيل من “حرب إبادة” بـ”مشاركة كاملة لمحور المقاومة” الذي يضم طهران وحلفاءها الإقليميين في حال شنت هجوما “واسع النطاق” على حزب الله في لبنان.
وذكرت البعثة الإيرانية في الأمم المتحدة على منصة “إكس” أن طهران تعتبر “دعاية الكيان الصهيوني حول عزمه مهاجمة لبنان حرباً نفسية”.
لكنها أضافت أنه “في حال شن هجوم عسكري واسع النطاق، فسوف تليه حرب إبادة”، وشددت على أن “جميع الخيارات ستكون مطروحة، بما في ذلك “المشاركة الكاملة لمحور المقاومة”.
وليس للمسؤولين الأميركيين أي اتصال مباشر مع حزب الله لأن الولايات المتحدة تعتبره جماعة إرهابية. ويقوم هوشستين بتسليم رسائله إلى قادة الحزب من خلال السياسيين اللبنانيين الشيعة المتحالفين بشكل غير رسمي مع الحزب.
ويعتقد الخبراء أن من الممكن أن يكون أي صراع أكبر بين إسرائيل ولبنان مدمراً لكلا الجانبين.و لقد ألحقت إسرائيل أضراراً جسيمة بلبنان في عام 2006، حتى أن زعيم الجماعة، حسن نصر الله، قال إنه لم يكن ليقوم بالعملية التي أطلقت الحرب لو كان يعلم الضرر الذي سيحدث. لكن إسرائيل ستخرج ملطخة بالدماء أيضاً. ويدعي حزب الله أنه قادر على إطلاق 3000 صاروخ وقذيفة يوميا، وهو وابل من شأنه أن يطغى على نظام الدفاع الصاروخي الإسرائيلي القبة الحديدية.
وحتى لو لم تتورط إيران بشكل مباشر، فإن حلفائها، بمن فيهم الميليشيات الشيعية في العراق والمسلحين الحوثيين في اليمن، يمكن أن تصعد هجماتها على إسرائيل والمصالح الأميركية في المنطقة.
ويقول محللون ومسؤولون إن وقف القتال في غزة سيكون أضمن طريقة لنزع فتيل الاحتكاك بين إسرائيل وحزب الله. لكن الخطة الأخيرة لوقف القتال التي أقرها بايدن ومجلس الأمن أصبحت موضع شك في أعقاب المطالب الإضافية لحماس والتصريحات الملتبسة التي يطلقها نتنياهو.