في تطور قضائي مفصلي يضيق الخناق القانوني على المسؤولين لدى الاحتلال الإسرائيليين، وجهت غرفة الاستئناف في المحكمة الجنائية الدولية، الليلة الماضية، “صفعة قانونية” جديدة لتل أبيب، بعدما رفضت بشكل قاطع الطعن الذي تقدمت به “إسرائيل” في محاولة أخيرة لوقف عجلة التحقيقات الجارية بشأن الجرائم المتواصلة في قطاع غزة.
وجاء هذا القرار ليكون بمثابة “الضوء الأخضر النهائي” لاستمرار المسار القضائي دون أي عوائق إجرائية؛ حيث أيد قضاة الاستئناف حيثيات الحكم السابق الصادر عن “الدائرة التمهيدية”، والذي خلص إلى نتيجة جوهرية مفادها عدم وجود أي “وضع جديد” أو متغيرات قانونية تستدعي من المدعي العام إعادة إطلاق الإجراءات من نقطة الصفر، أو توجيه إخطارات جديدة للجانب الإسرائيلي، قاطعين بذلك الطريق أمام محاولات كسب الوقت وتعطيل العدالة.
ويكتسب هذا الحكم أهمية استراتيجية قصوى؛ إذ إنه يثبت الشرعية القانونية لمذكرات التوقيف التي أصدرت العام الماضي بحق رأس الهرم السياسي والعسكري في “إسرائيل”، وتحديدا رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، ووزير جيشه السابق يوآف غالات. وبموجب هذا الرفض للطعن، تظل هذه المذكرات سارية المفعول ونافذة على المستوى الدولي، ما يجعل المعنيين عرضة للاعتقال في حال سفرهم إلى أي من الدول الأعضاء في “نظام روما” الأساسي.
مذكرات توقيف أصدرت العام الماضي بحق رأس الهرم السياسي والعسكري في “إسرائيل” بنيامين نتنياهو.
علاوة على ذلك، يوسع القرار من نطاق صلاحيات مكتب المدعي العام؛ حيث أكدت المحكمة أن التحقيق في الجرائم الواقعة ضمن اختصاصها لا يقف عند تواريخ قديمة، بل يمتد ليشمل كافة الأحداث والانتهاكات التي أعقبت اندلاع الحرب على غزة، بما في ذلك جرائم الإبادة، والتجويع، واستهداف المدنيين، ما يعني أن الملف سيبقى مفتوحا لإضافة أي أدلة جديدة تدين القادة الإسرائيليين.
ويرى مراقبون للشأن القانوني الدولي أن هذا الرفض يمثل انتصارا لمبدأ “عدم الإفلات من العقاب”، ويؤكد استقلالية المحكمة في وجه الضغوط السياسية والدبلوماسية الهائلة التي مورست عليها لثنيها عن ملاحقة قادة تل أبيب، مشيرين إلى أن المسار القضائي قد دخل مرحلة اللاعودة، وأن التحقيقات ستأخذ مجراها الطبيعي لكشف الحقائق وإنصاف الضحايا.












