العدوان على غزة في حسابات واشنطن السياسية والانتخابية

4 أغسطس 2014آخر تحديث :
العدوان على غزة في حسابات واشنطن السياسية والانتخابية

في ظل تسجيل المقاومة انتصارات جديدة ومفاجآت ميدانية لم ترد في عقول واذهان الدِّ اعدائها، الا ان متطلبات التحولات السياسية المرتقبة في المشهد السياسي الأميركي تستدعي بعض الاهتمام لاستكمال أدوات التحليل الموضوعية في المرحلة المقبلة.

تبرز فعالية السياسة الخارجية للولايات المتحدة، او تراجعها، عند كل نقطة انعطاف او أزمة دولية من شأنها ان تترك بصماتها على ملفات اخرى، والعدوان الصهيوني على قطاع غزة ليس استثناء عند الغوص في حيثيات ومقومات تجليات السياسة الاميركية، ليس من زاوية الميل لاطلاق احكام على ثوابتها في معاداة الأمة العربية وتطلعات شعوب العالم التواقة للتحرر، بل رصد العوامل والمتغيرات، ان وجدت.
صمود المقاومة الفلسطينية وتوحد ادائها ميدانيا، بكافة فصائلها، نزع الكثير من الاقنعة عن الانظمة والقوى الاقليمية وزاد في وتيرة تعريتها وتبعيتها وانقيادها لقرار السياسة الاميركية المعادية لطموحات شعوبها. وعلى الرغم من أهمية تسليط الاضواء في هذه الايام على العدوان الصهيوني وادواته المحلية والاقليمية، في ظل تسجيل المقاومة انتصارات جديدة ومفاجآت ميدانية لم ترد في عقول واذهان الدِّ اعدائها، الا ان متطلبات التحولات السياسية المرتقبة في المشهد السياسي الاميركي تستدعي ايضا بعض الاهتمام لمعاونة المهتمين في هذا الشأن على استكمال ادوات التحليل الموضوعية في المرحلة المقبلة.
درجت العادة اعتبار مرحلة سيطرة المحافظين الجدد برئاسة جورج بوش الابن بانها شكلت “القفاز الحديدي” لتجليات السياسة الخارجية؛ وفاز الرئيس اوباما بولايتيه الرئاسيتين لتوجهه في استخدام “القفاز الحريري،” او القوة الناعمة، بعد كل ما لحق السياسة الاميركية من عثرات وهزائم وتراجعات على ايدي سلفه. اما المحصلة العامة للحقبتين فتشير بقوة الى انكماش الدور التقليدي للسيطرة الاميركية عبر العالم، وبروز قوى واطراف تتمتع بعناصر القوة الاقتصادية والعسكرية المنافسة، وعزمها على تحدي هيمنة “القطب الواحد.”
يدرك صناع القرار في الاستراتيجية الاميركية ما آل اليه الأمر على المستوى الدولي، يتبادلون الاتهامات بين اقطاب الحزبين الحاكمين، من جانب، وداخل اقطاب كل مجموعة مؤثرة من صقور وحمائم، وتشكيل اجماع حول عدم المساس بهيبة الآلة العسكرية واتخاذ التدابير الكفيلة بضرورة تكيّف عناصر القوة، في المؤسسات العسكرية والاستخباراتية والأمنية، مع متطلبات الازمة المالية. فضلا عن الاجماع بعدم المساس بالميزانيات المقررة والطارئة للكيان الصهيوني، لعل ابرزها موافقة مجلس الشيوخ “بالاجماع” على منح “اسرائيل” مبلغا اضافيا بقيمة 225 مليون دولار، في الساعات الاخيرة قبل انفضاض جلساته يوم الأول من آب وذهاب اعضائه الى قضاء اجازتهم السنوية.
ومن ناحية اخرى، تبرز مسألة السياسة الخارجية مجددا كأحد ساحات الاستقطاب في الخطاب السياسي اليومي، سيما وان المجتمع الاميركي على عتبة خوض انتخابات ممثليه في مجلسي الكونغرس، انتخابات نصفية، في شهر تشرين الثاني / نوفمبر المقبل.
في هذا الصدد، نود التوكيد على ان نتائج الانتخابات المقبلة سيكون لها انعكاس مباشر على السياسة والعلاقات الاميركية في عموم الوطن العربي. في البعد الشعبي الاميركي، تعاظمت درجة اهتمامه في الشؤون الخارجية منذ غزو الولايات المتحدة لكل من افغانستان والعراق، وتبلور في مطالبته بتراجع الولايات المتحدة عن دورها الأمني كشرطي حماية منتشر في عموم الكرة الارضية.
كما اعرب قطاع واسع من الشعب الاميركي عن امتعاضه واحباطه من سياسات الرئيس باراك اوباما التي اعتبرها “امتداد لسياسات الحرب المفتوحة على الارهاب،” التي دشنها سلفه جورج بوش الابن. مشاعر الاحباط الواسعة جاءت نتيجة وعود قطعها المرشح الرئاسي اوباما في مناهضته الحروب العدوانية، وبادله الجمهور بتأييده على قاعدة تميزه عن سياسات بوش، والتي سرعان ما تبنى نقيضها. وتنامت حدة المعارضة العلنية للرئيس اوباما تدريجيا لتبنيه ورعايته شن الحرب على الآخرين بطائرات الدرونز، وانكشاف المدى التجسسسي الذي تمارسه الاجهزة الحكومية على المواطنين الاميركيين، فضلا عن الحلفاء الاوربيين.
حالة الانقسام المشار اليها اعلاه ستفرض على مرشحي الرئاسة لعام 2016 تخفيف وطأة السياسات الخارجية الكارثية، في حال بوش الابن، في الخطاب السياسي، وتنامي مشاعر الكثيرين بعدم الثقة بالمؤسسات السياسية ونخبها على ضوء سياسات الرئيس اوباما، واصطفاف بعض المؤهلين للترشيح الرئاسي، هيلاري كلينتون مثالا، الى فريق المعارض لسياسات اوباما “في سورية وروسيا؛” وصفها بعض العارفين في قيادة الحزب الديموقراطي بأنها “تطمح لرسم دور وسطي بين سيرتي (الرؤساء) بوش الابن واوباما .. تمكنها من اطلاق سهامها نحوهما بالتساوي.” وفي الجانب الآخر، الطامع للترشيح عن الحزب الجمهوري، راند بول، “يلقي الاتهامات على الرئيسين .. اللذين حافظا على المضي بسياسات خارجية فاشلة.” price generic previcid.