على مدى أكثر من عام، بدا مصير زعيم حركة المقاومة الفلسطينية، حماس يحيى السنوار متشابكا مع مصير الحرب في غزة.
وتصر الإدارة الأميركية على أن السنوار، كان الرأس المدبر لهجوم مقاتلي حماس على منطقة غلاف غزة، – الذي يعتبر الهجوم الأنجع على إسرائيل منذ أن وجدت- في 7 تشرين الأول 2023 ، والذي أسفر عن مقتل ما يصل إلى 1200 شخص، منهم 311 جندي إسرائيلي وأسر نحو 250 رهينة، بحسب الرواية الرسمية الإسرائيلية ، ودفع إسرائيل إلى شن حربها الهمجية على قطاع غزة المحاصر بدعم فتاك غير محدود ، وغير مسبوق من إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، وحلفائه في أوروبا الغربية، ما أدى إلى مقتل 43 ألف فلسطيني على الأقل، معظمهم من النساء والأطفال، وواضطر كل سكان القطاع البالغ عددهم 2.2 مليون مواطن للنزوح المستمر، ودمر جزء كبير من قطاع غزة.
ويعتقد المسؤولون في وزارة الخارجية الأميركية، أن السنوار القوة الدافعة وراء رفض حماس الاستسلام، حتى مع تدمير الغارات الجوية والغزو البري الإسرائيلي للقطاع ونزوح معظم سكانه. كما جعل بقاءه من المستحيل على إسرائيل إعلان النصر ــ وهو دليل حي على أن حماس، على الرغم من تلقيها ضربات قوية ، ظلت تقاتل، وغير مهزومة.
وبحسب ما قاله الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية الأميركية، ماثيو ميلر، الخميس في معرض رده على سؤال مراسل القدس، أن “بعد مقتل السنوار، يبدو الطريق نحو نوع من الهدنة في غزة أكثر قابلية للملاحة بعض الشيء”، لأنه يمنح كل من إسرائيل وحماس ذريعة لتخفيف موقفهما، وفقا لمحللين إسرائيليين وفلسطينيين بحسب بعض الخبراء. ولكن، العقبات الرئيسية لا تزال قائمة ــ وأي حل في غزة لن يكون له سوى تأثير محدود على الصراع الأوسع بين إسرائيل وحلفاء حماس الإقليميين، بما في ذلك حزب الله.
وقد تعثرت المفاوضات بشأن وقف إطلاق النار والتوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح الرهائن جزئيا، لأن السنوار صمد من أجل اتفاق دائم يسمح لحماس بالاحتفاظ بالسلطة في غزة بعد الحرب. وكان موقفه المتطرف غير متوافق مع موقف بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، الذي سعى فقط إلى هدنة مؤقتة تسمح لإسرائيل بالعودة إلى المعركة في غضون أسابيع من أجل منع بقاء حماس على المدى الطويل.
ويعتقد بعض المسؤوليين الأميركيين ، أنه بعد مقتل السنوار ، قد توافق قيادات حماس المتبقية، على تقديم تنازلات كان يرفضها السنوار.
وفي إسرائيل، قد يزعم نتنياهو الآن أن حماس هُزمت دون الحاجة إلى مزيد من الحرب.
وقد أشار الرئيس جو بايدن ونائبة الرئيس كامالا هاريس إلى أن مقتل زعيم حماس يحيى السنوار قد يكون اللحظة المناسبة لإسرائيل لإعلان النصر وإنهاء حملتها في غزة. لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يقول إن هذه ليست نهاية المطاف.
وتحاول الإدارة الأمريكية دفع وفاة السنوار كسبب لتجديد محادثات وقف إطلاق النار. وقال بايدن في بيان صدر بعد خطاب نتنياهو: “هناك الآن فرصة لـ”اليوم التالي” في غزة بدون حماس في السلطة، ولتسوية سياسية توفر مستقبلًا أفضل للإسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء”. “كان يحيى السنوار عقبة لا يمكن التغلب عليها لتحقيق كل هذه الأهداف. هذه العقبة لم تعد موجودة”.
وقالت هاريس، المرشحة الدسمقراطية في الانتخابات الرئاسية يوم 5 تشرين الثاني المقبل، متحدثًة في ولاية ويسكونسن، “حماس تم القضاء عليها وتم القضاء على قيادتها. هذه اللحظة تمنحنا فرصة لإنهاء الحرب في غزة أخيرًا”.
ويضغط شركاء نتنياهو في الائتلاف اليميني المتطرف على رئيس الوزراء لعدم قبول مقترحات اتفاق وقف إطلاق النار في الماضي. يحتاج نتنياهو إلى هؤلاء الشركاء للبقاء في السلطة – وربما البقاء خارج السجن بتهمة الفساد التي يواجهها حاليًا. يمكن أن يكون موت السنوار بمثابة نعمة سياسية كبيرة لنتنياهو ومنحه المزيد من الدعم السياسي لمواصلة القتال بينما تتمتع إسرائيل بكل الزخم.
وقال إيتامار بن جفير، الوزير اليميني المتطرف الذي هدد سابقًا بالاستقالة من الحكومة إذا انتهت الحرب قبل الأوان، في بيان: “لقد حان الوقت لزيادة الضغط العسكري والدوس على عنق المنظمة الإرهابية، حتى هزيمتها الكاملة”.
ويعد مقتل يحيى السنوار أكبر انتصار لإسرائيل حتى الآن في الحرب التي تشنها ضد حماس في غزة. كما تُشكل وفاته ضربة قوية لحركة حماس، المنظمة التي حولها السنوار إلى قوة مقاتلة ألحقت أكبر هزيمة بإسرائيل في تاريخها.
ولم يُقتل السنوار في عملية مخطط لها من قِبل القوات خاصة، بل من خلال صدفة وضعته في مواجهة مع قوات الاحتلال الإسرائيلي استمرت لأكثر من 18 ساعة في رفح جنوب غزة، مبددا بذلك السردية الأميركية بأن السنوار كان مختبئا في أنفاق عميقة في باطن الأرض مع الرهائن الإسرائيليين.