يواجه مجلس القيادة الرئاسي في اليمن منعطفًا خطيرًا بعد مرور أكثر من عامين على تأسيسه، وذلك في ظل تصاعد الخلافات بين أعضائه وتضارب أجنداتهم السياسية والعسكرية، بالإضافة إلى تنامي النزعة الانفصالية لدى المجلس الانتقالي الجنوبي.
المجلس القيادي، الذي يرأسه رشاد العليمي، يمثل أعلى سلطة شرعية معترف بها دوليًا في اليمن، ويواجه اليوم تحديًا وجوديًا يثير التساؤلات حول مستقبله وإمكانية تفككه.
منذ تشكيله في أبريل 2022 بهدف توحيد الصفوف ضد جماعة الحوثيين، حمل المجلس في طياته تناقضات جوهرية، حيث ضم قوى جنوبية ذات توجهات انفصالية، إلى جانب مكونات أخرى متمسكة بوحدة الدولة، وأطراف تسعى لتعزيز نفوذها السياسي والعسكري.
خلال الأشهر الأولى، حافظ المجلس على تماسك ظاهري بسبب التركيز على المعركة ضد الحوثيين، لكن هذا التماسك لم يدم طويلًا، حيث سرعان ما ظهرت الخلافات بسبب تعقيدات المحاصصة وتضارب المصالح، مما أدى إلى تفجر أزمات متكررة.
على الرغم من جهود السعودية لاحتواء هذه الخلافات، إلا أن تباين المواقف داخل مؤسسات الدولة وتضارب القرارات انعكسا تدريجيًا على أداء المجلس، وامتدت الخلافات إلى توزيع القوات العسكرية في المناطق المحررة.
يرى مراقبون أن الوضع داخل المجلس يعكس تحالفًا هشًا بين أطراف متناقضة الأهداف والرؤى، فبينما يسعى الانتقالي الجنوبي نحو مشروع انفصالي، تتمسك قوى أخرى بوحدة الدولة، في حين تسعى أطراف محلية لتعزيز نفوذها.
تصاعد الخلاف بشكل غير مسبوق بعد أن نفذ الانتقالي عمليات عسكرية في حضرموت والمهرة، وسيطر على مواقع ومدن ومرافق حيوية، بما في ذلك مناطق نفطية استراتيجية، مما وسع نطاق نفوذه ليشمل نصف مساحة البلاد تقريبًا.
مجلس القيادة يقترب من نهايته ما لم تتوحد مكوناته حول هدف إسقاط الحوثيين.
أثار هذا التصعيد غضب الحكومة، التي اتهمت الانتقالي بتقويض شرعية الدولة، ودعت المجتمع الدولي إلى الضغط على القوات للعودة إلى مواقعها السابقة، محذرة من تداعيات الإجراءات الأحادية.
يُعتبر الانتقالي الجنوبي، منذ تأسيسه عام 2017، قوة موازية للحكومة الشرعية، وهو الأكثر نفوذًا في الجنوب، وعلى الرغم من مشاركته في السلطة، إلا أنه يواصل الدفع نحو برنامج انفصالي.
تسعى السعودية إلى احتواء التصعيد، لكن دون تحقيق تقدم حقيقي حتى الآن، مما يجعل استمرار المجلس مرهونًا بتقديم تنازلات من الأطراف أو بتدخل خارجي.
يرى محللون أن جذور الأزمة تعود إلى تركيبة المجلس التي جمعت أطرافًا ذات مصالح متناقضة تحت هدف واحد هو مواجهة الحوثيين، ومع تعثر تحقيق هذا الهدف، يسعى كل طرف لتنفيذ أجندته الخاصة.
باتت ملامح التفكك واضحة من خلال القرارات الفردية والتعيينات الأحادية، وفرض واقع عسكري جديد في حضرموت، مما ينذر بنهاية المجلس ما لم تتوحد مكوناته حول هدف إسقاط الحوثيين.
مع انسداد أفق التفاهمات وتصاعد الخلافات، تبدو فرص بقاء المجلس بصيغته الحالية محدودة، ويطرح مراقبون سيناريوهات متعددة، تشمل إعادة هيكلته أو تقليص عدد أعضائه، وصولًا إلى الانهيار السياسي.
يرى محللون أن المجلس أثبت فشله نتيجة تضارب أجندات مكوناته وتعدد ولاءاتها الإقليمية، وأن تشكيله وجه ضربة قاصمة للشرعية اليمنية، ويتوقعون إعلان وفاة المجلس إذا استمرت الأزمات، مع احتمال ظهور ترتيبات جديدة قد تشمل تقليص أعضائه أو تشكيل سلطة بديلة قائمة على الغلبة.













