فرنسا تستعين بـ”خبرة” الموساد والشاباك

14 يناير 2015آخر تحديث :
فرنسا تستعين بـ”خبرة” الموساد والشاباك

على الرغم من سخرية وسائل الإعلام الإسرائيليّة والفرنسيّة من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بعد عرض مقطع فيديو، يظهره وهو يزاحم الجموع، ليضمن أن يكون في الصف الأول مع سائر زعماء العالم، الذين تصدروا مسيرة باريس، فإن مؤسّسات الدولة الفرنسيّة تعاملت بجديّة أكبر مع نتنياهو، وعرضه مساعدة فرنسا في مواجهة “الإرهاب الإسلامي“.

وفي سياق متّصل، تكشف صحيفة “ميكور ريشون” اليمينية، والمقرّبة من دوائر الحكم في تل أبيب، في عددها الصادر أول من أمس، أن ضبّاطاً كباراً من جهازي “الموساد” والمخابرات الداخليّة “الشاباك”، قد توجّهوا بالفعل إلى باريس، لمساعدة المخابرات الفرنسيّة في مواجهة “الإرهاب الإسلامي“.

ولم يفت الصحيفة أن تشير إلى أنّ الاهتمام الفرنسي بالاستعانة بخدمات الأجهزة الاستخباريّة الإسرائيليّة، ينبع بشكل أساس من التقدير الفرنسي للخبرات التي اكتسبتها هذه الأجهزة من تجربتها الطويلة في مواجهة حركات المقاومة الفلسطينيّة والعربيّة. وتشير الصحيفة إلى أنّ نقطة الضعف الكبيرة التي سيلفت قادة “الموساد” و”الشاباك” نظر زملائهم في باريس إليها، تتمثّل في عجز الأجهزة الاستخباريّة الفرنسيّة، عن توفير المعلومات الاستخباريّة، التي كان على أساسها يمكن إحباط الاعتداءات الأخيرة التي استهدفت باريس.

levtria pills for sale.

ينبع الاهتمام الفرنسي بالاستعانة بخدمات الأجهزة الاستخباريّة الإسرائيليّة بشكل أساس من التقدير الفرنسي للخبرات التي اكتسبتها هذه الأجهزة

وعلى الرغم من أنّ الصحيفة تنقل عن محافل أمنيّة إسرائيليّة إشادتها بـ “المهنيّة العالية”، التي أظهرتها الوحدات الفرنسيّة الخاصة التي تعاملت مع خطف الرهائن في محل المأكولات اليهوديّة، فهي في المقابل تعتبر أن هذا يمثّل “انجازاً تكتيكياً” فقط، وأنه كان بالإمكان الاستغناء عن هذا النوع من الأنشطة لو توفرت المعلومات المسبقة عن الهجوم. ومن بين المآخذ التي تسجلها أيضاً المنظومة الأمنيّة الإسرائيليّة على المنظومة الأمنيّة الفرنسيّة،  غياب التنسيق والتعاون بين مكوّنات هذه المنظومة في الحرب على الخلايا والتنظيمات الارهابيّة الإسلاميّة. وتنقل قناة التلفزة الإسرائيليّة الثانية، قبل يومين، عن مصدر أمني إسرائيلي قوله، إنّه يتوجّب على فرنسا، استنساخ التجربة الإسرائيليّة المتمثّلة في مأسسة التعاون بين الجيش والاستخبارات والشرطة من أجل مضاعفة فاعليّة الحرب التي تُشنّ على “الإرهابيين“.

وتشير صحيفة “ميكور ريشون”، إلى أنّ التعاون الأمني والاستخباري بين الأجهزة الاستخباريّة الفرنسيّة والإسرائيليّة ليس أمراً طارئاً بل متجذّراً، لافتة إلى أنّه على الرغم من البرودة التي تشهدها العلاقات بين القيادات السياسيّة في تل أبيب وباريس، فإن التعاون الأمني قائم وثابت. وتنقل الصحيفة عن مصادر أمنيّة، تباهيها بحقيقة أنّ إسرائيل باتت تمثل “قلب التعاون الدولي ضدّ الإرهاب الإسلامي”. ويتضح من خلال الجدل الدائر في إسرائيل، أنّ العمليات التي هزت باريس يمكن أن تحقّق غايتين للمستويات السياسيّة والأمنيّة في تل أبيب، وهما: تعزيز الجهود الدوليّة لمواجهة الحركات الجهاديّة، وضمنها الحركات العاملة في المنطقة، علاوة على رهان إسرائيل أن تفضي هذه الأحداث إلى إقناع دول العالم، لا سيّما في الغرب، بضرورة تأييد إسرائيل للخطوات التي تقدم عليها ضد حركات المقاومة الفلسطينية والجماعات الجهاديّة في المحيط.

ومن اللافت أنّ عشرات المقالات والتحليلات والدراسات التي نشرتها الصحف ومراكز التفكير بشأن أحداث باريس، حرصت في معظمها، على التحريض على الجاليات الإسلاميّة في أوروبا. ففي عددها الصادر يوم الاثنين الماضي، تدعو صحيفة “معاريف” أوروبا إلى أن تدرك أنّها “في حرب على وجودها، مما يستدعي تبنّي كل أنماط السلوك القائم على المبادرة، ومن ضمن ذلك سنّ قوانين تقلّص من فرص تنفيذ عمليات ضدّ أمنها”. وترى الصحيفة أنّ فرض قيود على الهجرة ورقابة مشدّدة على المهاجرين المسلمين، شرط أساسي للنجاح في الحرب على الحركات “الإرهابية“.

وتظهر مراجعة للمواقف أنّ الاستنفار الإسرائيلي لمساعدة فرنسا أمنيّاً، يخدم في الأساس إسرائيل نفسها، وتحديداً جهازي الموساد والشاباك. ويلفت المعلق العسكري في موقع “والا” الإخباري، أمير بوحبوط، الأنظار إلى حقيقة أن إحدى المهام الرئيسة لكلّ من الموساد والشاباك، تتمثل في تأمين المصالح الإسرائيليّة واليهوديّة في جميع أرجاء العالم. وبالتالي فإنّ هذين الجهازين، لا يسديان معروفاً لفرنسا وأجهزتها الأمنيّة عندما يساعدان في المسّ بتنظيمات تضع في أجندتها استهداف اليهود، لأنّ هذه الأجهزة ستتعرّض للحساب عندما ينجح طرف ما بالمسّ بالمصالح الإسرائيليّة واليهودية. وفي تحليل نشره الموقع أول من أمس، يشير بوحبوط إلى أنّ التقديرات العامة لدى الأجهزة الاستخباريّة الإسرائيليّة، تفيد بأنّ هناك أساساً للاعتقاد بأن محاولات استهداف المصالح الإسرائيليّة والمرافق اليهوديّة في أرجاء العالم ستتعاظم.