في كفن أبيض بسيط سجي جثمان العاهل السعودي الراحل الملك عبد الله -أحد أثرى أثرياء العالم على مر التاريخ – في قبر بلا شاهد في مقبرة بالرياض سبقه إليها الكثير من رعاياه.
فالمذهب الوهابي – المذهب الرسمي في السعودية – يحرم المبالغة في إبداء الحزن أو الحداد ويعتبرها مظهرا من مظاهر الوثنية.
لم تعلن المملكة عن فترة حداد رسمي ولم تنكس الأعلام التي تحمل اسم الله ورسوله. ورغم أن الملك الراحل كان يحظى بشعبية واضحة بين رعاياه لم تتدفق الجماهير على الشوارع تعبيرا عن الحزن لوفاته كما يحدث عادة مع زعماء دول أخرى.
كانت المصالح الحكومية مغلقة كما هو معتاد اليوم الجمعة وستكون مغلقة أيضا غدا السبت وهما يوما العطلة الأسبوعية المعتادة في معظم دول الشرق الأوسط. وستعاود العمل يوم الأحد كما هو معتاد أيضا.
وفي سيارة من سيارات الإسعاف بمدينة الرياض نقل جثمان الملك إلى مسجد الإمام تركي، حيث اصطف زعماء وأمراء وشيوخ ورجال أعمال بارزون لأداء صلاة العصر قبل الصلاة عليه.
ونقل الجثمان وسط الحشود على محفة بسيطة وسجي أمام المصلين ثم حمله أقارب الملك إلى القبر الذي دفن فيه دون مراسم أخرى.
يختلف المشهد جل الاختلاف عن صورة الترف المتوقعة لملك يجلس على عرش أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم.
وكانت برقية دبلوماسية أميركية في عام 2006 اشارات إلى أن الملك الراحل طلب بنفسه من مبعوث أميركي تجهيز طائرته وهي من طراز (بوينج 747) بكل الأنظمة الأمنية الموضوعة على طائرة صديقه الرئيس الأميركي آنذاك جورج دبليو. بوش.
وبالمقارنة بحياة الرغد التي تميز معيشة الكثير من إخوته وأبناء إخوته، اتسمت حياة الملك عبد الله بالبساطة حتى أنه كان يفضل أن يمضي عطلاته في مخيم بالصحراء لا في قصور فخمة على شواطىء البحر المتوسط.
عرف عن الملك الراحل أيضا أنه وضع حد لمغالاة الترف بين بعض أفراد عائلته حين تولى السلطة وأصدر تعليمات للأمراء بأن يتحملوا دفع فواتير هواتفهم وحجز المقاعد مقدما على طائرات الخطوط الجوية السعودية وهي شركة الطيران الوطنية.
والدفن في مقابر فخمة منمقة يتعارض وفقا للمذهب الوهابي مع مبدأ المساواة الذي ينبغي أن يوحد بين المسلمين بمختلف فئاتهم.. حتى أن بعض الوهابيين يرون انطلاقا من هذا المبدأ ضرورة في هدم أضرحة الصوفيين وأئمة الشيعة المقامة في أنحاء الشرق الأوسط.
في مقبرة العود نفسها التي دفن فيها الملك عبد الله اليوم الجمعة دفن من قبله أسلافه وإخوته دون شواهد تحمل أسماءهم. ودفن آخرون من أسرة آل سعود في مقابر بسيطة أيضا بمدن أخرى بالمملكة.
إلا أن اسم الملك عبد الله مرفوع على الكثير من مباني المملكة منها على سبيل المثال لا الحصر تلك الجامعة الضخمة في جدة وصندوق للمنح الدراسية ومجمع طبي في مكة ووكالة الطاقة المتجددة بالمملكة وطريق رئيسي بالرياض تم تطويره في الآونة الأخيرة.
أما لقب “خادم الحرمين الشريفين” فيرمز بوضوح للقدر الذي يوليه ملوك السعودية للعمل الديني ووفادة الحجيج.