سعيد عريقات- تشهد العاصمة الأميركية واشنطن حالة جدل بخصوص التوتر بين الرئيس الأميركي باراك أوباما ورئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، اثر قيام رئيس مجلس النواب جون بوين ودون إعلام الرئيس أو البيت الأبيض أو أعضاء الكونجرس الديمقراطيين، بتوجيه دعوة لنتنياهو لمخاطبة الكونجرس بشقيه الشيوخ والنواب، أولا يوم 11 شباط الجاري، ومن ثم يوم 3 آذار المقبل أثناء زيارة نتنياهو السنوية للمشاركة في مؤتمر اللوبي الإسرائيلي .
وأعرب البيت الأبيض عن استيائه من السفير الإسرائيلي رون ديرمر، وهو أميركي يقيم في “ميامي بيش” في ولاية فلوريدا، حيث شغل والده وجده منصب رؤساء البلدية لسنوات طويلة، ولكنه ذهب لإسرائيل للعمل في مكتب ناثان شارانسكي واختار الجنسية الإسرائيلية، وذلك بسبب انتهاك ديرمر لأعراف البروتوكول الدبلوماسي وتنسيقه بالسر مع المعارضة الجمهورية في الكونجرس لترتيب الدعوة لنتنياهو وإلقاءه الخطاب، إلى حد قد يدفع بواشنطن مطالبة تل أبيب استدعائه.
وخلقت هذه الحالة استقطاباً غير معهود باصطفاف العديد من أنصار إسرائيل في الكونجرس والإعلام إلى جانب الرئيس كونهم يشعرون بأن “نتنياهو وجه صفعة للرئيس وإهانة للوطن الأميركي”بحسب الكاتب في صحيفة واشنطن بوست ريتشارد كوهين الذي يعتبر من مدافعي الخطوط الأمامية عن الليكود.
واتخذت دراما الخلاف والتوتر بين أوباما ونتياهو بعداً جديداً الاثنين حين سربت أصوات من داخل منظمة اللوبي الإسرائيلي “إيباك” الذي يعتبر قوة الضغط السياسية الأولى على السياسة الأميركية اتهامات للرئيس أوباما بأنه “أرسل جيشاً من السياسيين المحرضين وخبراء الحملات الانتخابية للتعكير على نتنياهو ومحاولة هزيمته في الانتخابات الإسرائيلية المقبلة يوم 17 آذار 2015” في حين هب رموز اليمين في مجلس الشيوخ الأميركي مثل السيناتور الجمهوري تد كرووز الذي تنقل على وسائل الإعلام يومي الأحد (1/2) والاثنين (2/2) محرضاً ضد الرئيس أوباما ومدافعاً عن نتنياهو مطالباً بانه “من حق الأميركيين أن يطلعوا على ما إذا كان رئيسهم (أوباما) يعمل من أجل هزيمة رئيس وزراء إسرائيل نتنياهو”.
إلا أن آرون ميلير، رئيس قسم الشرق الأوسط في معهد “وودرو ويلسون” البحثي المرموق في واشنطن، والذي عمل كأحد أعضاء الوفد الأميركي المفاوض بين الفلسطينيين وإسرائيل أبان رئاسة الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون وصف التوتر الحالي بانه “زوبعة في فنجان”.
وقال: “إن مقولة أن الأميركيين مستفزون بحق هذه المرة من نتنياهو ولن يتحملوا إهاناته هي مقولة فارغة، وأن ضجر الأميركيين من ىنتنياهو بسبب تدخله السافر في السياق السياسي الأميركي سيترجم إلى خطوات أو إجراءات ملموسة ضد بيبي (نتنياهو) امر مبالغ به جداً، بل أنه لن يحدث”.
ورأى ان “القيم والأهداف والمصالح المشتركة بين إسرائيل وأميركا أقوى بكثير من كل الخلافات بين أوباما ونتنياهو” وأن هؤلاء الذين ينتظرون حدوث فجوة مهمة بين أميركيا وإسرائيل سينتظرون لسنوات طويلة جداً قبل حدوث ذلك.
واوضح ميلير في مقال مفصل في مجلة “بوليتكو” (كما أثناء تنقلاته على محطات تلفزة) بالقول: “أولاً، إن الشرق الأوسط الذي نعرفه يتآكل وينهار بسرعة هائلة لم يتوقعها أحد، وأنه رغم أن هذا الانهيار يعرض إسرائيل واحتياجاته الأمنية لدرجة ما من الخطر، إلا ان خلط المتحاربين في الشرق الأوسط من داعش إلى سوريا إلى العراق واليمن ومشاكل الملف النووي الإيراني وحتى الاضطرابات في مصر تعزز إسرائيل كحليف وحيد لأميركا في المنطقة وتزيد من التعاضد الأميركي الإسرائيلي لحمة، بما يجعل الاعتداءات الإسرائيلية بين الفينة والأخرى، واستمرار الاستيطان وسياسة الاحتلال قضايا ثانوية جداً لن تحظ بأولوية الاهتمامات الأميركية”.
ويعتقد ميلير ان “الولايات المتحدة عادت من جديد لتقدير حلفاءها التقليديين في الملكيات العربية التي أظهرت صموداً عجيباً في مواجهة الربيع العربي، إلى جانب إسرائيل، بل انه اصبح هناك الان قواسم مشتركة تزداد تماسكاً وأهمية بين هذه الدول الملكية وبين إسرائيل في مواجهة الإرهاب والبرنامج النووي الإيراني”.
واعتبر ان “التوتر في العلاقة بين الرئيس الأميركي ورئيس وزراء إسرائيل هو بكل تأكيد عابر كون وسينتهي وانه لم يتبق لأوباما إلا أقل من سنتين حيث سيترك الرئاسة يوم 20 كانون الثاني 2017 في حين أنه من المحتمل أن يستمر نتنياهو في موقعه كرئيس وزراء”.
ويعتقد ميلير أن الخلاف الحالي مع نتنياهو “لن يخدم الفلسطينيين” مستبعداً أن تعطي الولايات المتحدة عملية السلام بين الفلسطينيين وإسرائيل اهتماما يذكر في ما تبقى من عام 2015 وهي تصارع كل هذه المشاكل المستفحلة في السياسة الخارجية. canadian pharmacy online argentina.